«زوجتي حامل، ولا أدري هل العبور من المنافذ الجمركية الحدودية التي تستخدم الأشعة آمن أم لا». تساؤل رصده فريق تحرير «الوسط الطبي» متداولاً في مجموعات برنامج التواصل الاجتماعي «الوتس أب» مع بدء إدارة الجمارك في مملكة البحرين بتركيب أجهزة فحص تعمل على الأشعة للمسافرين عبر منذ جسر الملك فهد الدولي.
التساؤل القلق بدا مشروعاً، خصوصاً أن اختصاصيي الأشعة والأطباء يحذرون النساء الحوامل من التعرض للأشعة السينية أثناء فترة الحمل لوقاية الجنين من أي مضاعفات سلبية. لكن ماذا عن أنواع الأشعة التي تستخدم في المنافذ الجمركية في المطارات، أو الموانئ، أو المنافذ البرية، هل لها تأثيرات سلبية على المرأة الحامل والجنين أم لا؟
«الوسط الطبي» حملت هذه التوجسات والتساؤلات لاستشاري الأشعة التشخيصية والطب النووي الدكتور حسين مير، واستشارية الأشعة الدكتورة حكيمة الهاشمي، اللذين توسعا في الإجابة.
يعكسه الجلد
فقال د. مير إنه «للوقوف على صورة متكاملة الأركان يجب أن نعرف أن أنواعاً من الأشعة تؤثر على الجنين بشكل كبير جداً، ومنها الأشعة السينية والمقطعية والملونة، وكذلك أشعة الماموغرام».
وأضاف أن تأثيرات تلك الأشعة السلبية تعود على الجنين لعاملين مهمين؛ الأول أن هذه الأشعة فيها كميات عالية من الإلكترونات التي تضر الجنين، والثاني أن أنسجة الجنين وخلاياه في هذه المرحلة تكون في طور النمو الذي يتم بسرعة لدى الجنين مقارنة مع البالغين.
ولفت مير إلى أن التعرض للأنواع المذكورة من الأشعة في هذه المرحلة من الحمل قد يُحدث تشوهات خلقية أو غيرها من التأثيرات - لا قدر الله.
وأشار إلى أن هناك دراسة تلمح إلى أن تعرض الجنين للأشعة بكميات عالية يجعله مرشحاً بالأورام السرطانية مستقبلاً، لافتاً إلى أن هذه الأشعة لا تؤثر على البالغين؛ لأن أنسجتهم وخلاياهم مكتملة النمو.
بعد هذه المقدمة يجيب د. مير على التساؤل المقلق للحوامل، ويقول: «نوعيات الأشعة المستخدمة في المنافذ الجمركية ليست لها تأثيرات سلبية على الأجنة؛ لأن كميتها قليلة جداً».
بدورها، أوضحت استشارية الأشعة الدكتورة حكيمة الهاشمي، أن الأشعة المنبعثة من المنافذ الجمركية عبر الماسحات الضوئية آمنة، ولا تسبب آثاراً تدعو للقلق على صحة الإنسان.
و هذا يدعم تقرير صادر عن مجلس العلوم والصحة العامة الأميركي (AMA)، يقول إن الإشعاع المؤين الصادر من الماسحات الضوئية في المطارات يحتوي على مستويات منخفضة من الإشعاع، كما أن الأشعة لا تخترق الجلد الذي يعكسها، ولا تنفذ تلك الإشعاعات للأعضاء الداخلية إلا بنسب بسيطة، حيث يؤكد التقرير أن ما نتعرض له من الماسحات الضوئية هو أقل من الإشعاع الذي نحصل عليه من أكل الموز!
وعلقت الهاشمي على استخدام الماسحات الضوئية في المنافذ الجمركية قائلة: «توزن الأمور بمقياس الفوائد والأضرار، فإذا كنا مقبلين على أمر ذي فائدة ولكنه يحتوي على ضرر نسبته 1% مثلاً، فيحكم المنطق بالمضي في هذه المسألة؛ لأن الفوائد المرجوة أكثر من نسبة الضرر المتوقع والتي لا تكاد تذكر. وهذا ما يحدث حينما يقرر المسئولون في المنافذ الجمركية استخدام الماسحات الضوئية بدل التفتيش اليدوي.
ولفتت إلى أن الاحتراز الأمني في المنافذ الجمركية جاء من أجل المحافظة على سلامة المسافرين.
يُذكر أن أجهزة التفتيش التي تستخدم الأشعة في المنافذ الجمركية تسهم في تسهيل إجراءات السفر، وتضمن فحصاً ميسراً للأمتعة والأشخاص للتأكد من أن المسافرين لا يحملون مواد محظورة.
معرضون للإشعاع
وعاد الدكتور حسين مير ليؤكد أن الإنسان يتعرض للأشعة بشكل مستمر، فالشمس مثلاً تصدر كميات هائلة من الأشعة، لكن الغلاف الجوي يخفف من هذه الأشعة بشكل كبير.
وأضاف أن «أجهزة المسح الضوئي للورق
(photo copy) تحتوي على نوع من الأشعة، ولا تنصح الحامل بترك استخدامها؛ لأن كميتها الإشعاعية بسيطة وليست ذات تأثير يذكر».
وزاد مير قائلاً: «المسافرون جواً يتعرضون لأشعة الشمس بشكل كبير، فعلى ارتفاع 30 ألف قدم تكون كمية الأشعة الصادرة من الشمس كبيرة والتي تقل على الأرض لبعد المسافة. وهذا لا يعني أن السفر جواً غير آمن لتعرض المسافرين بما فيهم النساء الحوامل للأشعة؛ لأن كميات الأشعة قليلة وغير ذات تأثير».
وتؤكد د. الهاشمي أن السفر جواً يعرض المسافرين لإشعاعات تفوق تلك المنبعثة من الجمارك، قائلة إن «الجبال والغيوم التي نصادفها في طريق السفر ذات نسبة إشعاعات أكثر من تلك، فكل الأشياء حولنا لها انعكاسات إشعاعية».
سترة من الرصاص
«ماذا لو احتاجت الحامل لإجراء أشعة سينية؟»، تساؤل طرحته «الوسط الطبي» على د. مير، فأجاب: «في حال إصابة الحامل بكسر في أحد الأطراف مثلاً واضطررنا لإجراء أشعة سينية لها، نقوم بإلباسها سترة من الرصاص لتغطية منطقة البطن والرحم، وتوجيه جهاز الأشعة نحو المنطقة التي فيها الكسر»، موضحاً أن «تغطية البطن والرحم بهذه السترة يقي الجنين من كميات الإشعاعات التي قد تضر به».
وأكد أن هناك أنواعاً من الأشعة يمكن أن تُجرى للحامل في فترة الحمل مثل الأشعة الصوتية أو الأشعة المغناطيسية، إضافة إلى الأشعة التي تقيس هشاشة العظام، وهناك نوع آخر من الأشعة لاكتشاف بكتيريا المعدة، ويمكن للحامل إجراء هذه الفحوص من دون أدنى قلق.
وعقب قائلاً: «ليس كل أنواع الأشعة ذا تأثير سلبي على الجنين، ولكن يجب أن تخبر الحامل الطبيب أو اختصاصي الأشعة بأنها في فترة حمل قبل إجراء أي فحوص إشعاعية».
ووجهت استشارية الأشعة الدكتور الهاشمي نصيحة أخرى مؤكدة ضرورة أن يثق المريض بطبيبه المعالج، داعية المريض إلى الحرص على إطلاع طبيبه بآخر فحوصات الأشعة التي أجراها، إضافة إلى آخر الأدوية والمضادات الحيوية، وأن يشرح حالته بإسهاب.
وقالت إن هذا يجنب الطبيب وصف أدوية وفحوصات متكررة في فترة زمنية بسيطة، وهو ما تترتب عليه آثار على صحة المريض على المدى البعيد، سواء على نفسه أو على أبنائه.
وأشارت الهاشمي إلى أن هناك بعضاً من المرضى يتنقلون بين أكثر من مجمع طبي في فترة قصيرة حتى يختبر كفاءة الطبيب، وحتى يتأكد من نتائج الفحوصات التي أجريت له، من دون إخبار أي من المجمعات الطبية بأنه سبق له أن زار مركزاً آخر في هذه الفترة.
وأضافت أن هذه الممارسة قد تعرض المريض للخطر، فعلى سبيل المثال تناول المضادات الحيوية في فترة زمنية قصيرة يقلل مناعة المريض، وكذلك الحال بالنسبة للتعرض إلى إشعاعات الأجهزة الطبية في فترات متقاربة، فهو يشكل خطراً على سلامة المريض.
وتمنت الهاشمي أن ترتفع الثقافة الصحية لدى الجمهور فيما يتعلق بفحوصات الأشعة.
العدد 4762 - الأحد 20 سبتمبر 2015م الموافق 06 ذي الحجة 1436هـ