د . عمار عدنان المصري- اختصاصي طب أسنان أطفال و جراحة اللثة مستشفى رام لطب الأسنان
20 سبتمبر 2015
لقد اعتبر التدخين أكثر العوامل البيئية خطورة في إحداث المرض حول السني، وذلك بسبب مجموعة دراسات حديثة صنفت التدخين على أنه «Risk factor»، وإن خطورة الإصابة بأمراض الأنسجة حول السنية هي أعلى بمرتين لدى المدخنين مقارنة مع غير المدخنين، وتشمل المظاهر المرضية لالتهاب الأنسجة حول السنية عند المدخنين:
جيوب عميقة، وخصوصاً على السطوح الحنكية للأسنان الأمامية العلوية.
إصابات مفترق الجذور
الانحسار اللثوي
حركة الأسنان
حيث تبلغ نسبة فقدان الأسنان عند المدخنين 67 %.
إضافة لذلك، أشارت البحوث إلى أن فقدان العظم لا يحدث فقط بنسبة أعلى وبعمر مبكر عند المدخنين، بل له علاقة بزيادة عدد السجائر المستهلكة، والتي تؤدي إلى فقدان أكبر في العظم السنخي بنسبة لا تتعلق بمستوى المرض حول السني، وإن خفض عدد السجائر المستهلكة يومياً يزيد من فرصة المحافظة على الأسنان.
لاحظ Wachtel 1992 ازدياد الامتصاص العظمي بازدياد مدة التدخين.
انحسار لثوي معمم مرافق للتدخين
كما يلاحظ الممارسون كمية قليلة من اللويحة فوق اللثوية لدى المدخنين، وهذا ما أكدته دراسات عدة بأن التدخين لا يزيد من تشكل اللويحة السنية .
كثيراُ ما يعقّد التدخين الإصابة اللثوية، حيث يُلاحظ انخفاض في ظهور الالتهاب والنزف اللثوي عند المدخنين.
ويمكن فهم قلة الالتهاب اللثوي عند المدخنين على أنه انخفاض في قدرة النسيج اللثوي على القيام برد فعل دفاعي فعال بواسطة العملية الالتهابية ضد التخريش الجرثومي، في حين أن قلة النزف اللثوي عند المدخنين يفسر بآلية سنذكرها لاحقاً.
ويمكن أن تخفي الزيادة في التقرن الالتهابات السطحية لدى المدخنين، فكثير من المركبات الكيمائية للتبغ مثل القطران والراتنجات، هي مواد مخرشة، تملك القدرة على توليد تبدلات طلاوية في الغشاء المخاطي الفموي.
طلاوة شفوية تظهر مكان وضع السيجارة
يمكن أن يسبب التدخين أيضاً تصبغات بلون بني غامق أو أسود على سطوح الأسنان، وهناك تصبغ قتاميني سليم موضعي يظهر على اللثة الملتصقة للأسنان الأمامية السفلية بنسبة 33% بين المدخنين، ويدعى قيتامينية المدخن، كما تصيب مدخني الغليون آفات تظهر على قبة الحنك تعرف تحت اسم «التهاب الفم النيكوتيني» ، وهي تظاهر بشكل حليمات أو عقيدات أو سطح غير منتظم مجعد.
التهاب الفم النيكوتيني
إن نجاح المعالجة حول السنية يرتبط بشكل أساسي بمدى السيطرة على اللويحة السنية، حيث إن المدخنين في الغالب يكونون مهملين للعناية والصحة الفموية، كما أن التدخين يعوق شفاء المعالجة الجراحية حول السنية بآليات متعددة.
آلية تأثير التدخين في الأنسجة الداعمة
يساعد التدخين على تخريب الأنسجة الداعمة بثلاث طرق:
- يثبط التدخين الاستجابة المناعية في منطقة الميزاب اللثوي، حيث يخفض غاز «Co» المنطلق من احتراق التبغ التركيز الأكسجيني، وبالتالي يمنع هجرة الكريات البيضاء باتجاه الميزاب, كما أن للتدخين تأثيراً سلبياً على عدد من وظائف الكريات البيضاء مثل خفض قدرة العدلات على الانجذاب الكيميائي، ويخفض قدرة البالعات الكبيرة على البلعمة (Phagocytes)، وبالتالي تفقد قدرتها على القضاء على الجراثيم.
إن هذا التأثير يظهر بعد تدخين سيجارة واحدة.
- إن العناصر المنطلقة من احتراق التبغ تسبب ضعفاً إضافياً على الاستجابة المناعية، وبالتالي فهي تخفض مقاومة الأنسجة اللثوية، حيث يبدو أن مستويات الغلوبولينات المناعية هي أقل في لعاب المدخنين.
وتقوم سطوح جذور الأسنان أيضاُ بامتصاص منتجات التبغ كالنيكوتين الذي يُضعف التصاق خلايا النسيج الضام على سطح الجذر بعد الجراحة اللثوية، في حين أن تأثير النيكوتين في الطعوم العظمية أقل تنبؤاً، حيث يحرض النيكوتين على تمايز الخلايا الكاسرة للعظم على الامتصاص العظمي وارتشاف ركيزة فوسفات الكالسيوم.
ويعتبر التدخين السبب الرئيسي في فشل الطعوم اللثوية المستخدمة في تغطية سطوح الجذور عند المدخنين. وتشير الدراسات العديدة إلى أن جميع مراحل المعالجات اللثوية، سواء الجراحية أو غير الجراحية، تكون ذات فعالية قليلة عند المرضى المدخنين.
- لاحظ «Hans et al» أن امتصاص خلايا النسيج الضام للنيكوتين يسبب تأثيراً سلبياً واضحاً في وظائف الخلايا، فهو يسبب ضعفاً في استقلاب الخلية، كما أنه يسبب نقصاً في اصطناع ألياف الكولاجين.
كما يؤدي التدخين إلى زيادة إفراز الإيبنيفرين، ما يؤدي إلى ضيق الأوعية المحيطية، وبالتالي إعاقة التروية الدموية اللثوية. وهذا التقبض يكون أكثر وضوحاُ في الدوران السطحي اللثوي منه في الأنسجة الأخرى، كما أن عدد الأوعية الدموية في اللثة الحفافية تكون أقل عند المدخنين.
لوحظ أخيراً أن التدخين يزيد من تفاعل الاصطباغ الذي غالباً ما يرافق الكلورهيكسيدين، وهو ما يتطلب صحة فموية فائقة لهؤلاء المرضى أثناء المعالجة بهذا المستحضر.
ويؤثر التدخين على نتيجة المعالجة حول السنية سلباً من خلال التأثير على «MMP-8»، حيث تبقى ثابتة ولا تتغير خلال نهج الشفاء.
هذا، وقد وُجد أن تدخين التبغ بطريقة الاستنشاق كان سبباً مهماً في الامتصاص العظمي حول زرعات التيتانيوم على مستوى العظم القشري والأسفنجي، بينما حقن النيكوتين دوائياً لم يؤثر على العظم الأسفنجي.
في الختام، إن تحفيز المريض على الإقلاع عن التدخين ضرورة طبية، ويمكن لأطباء الأسنان أن يساهموا في ذلك من خلال الحصول على ثقة المريض وتقديم دعم نفسي متكرر خلال جلسات المعالجة من خلال طرح بعض الوسائل المفيدة في ترك التدخين مثل اللصقات الجلدية.
العدد 4762 - الأحد 20 سبتمبر 2015م الموافق 06 ذي الحجة 1436هـ