العدد 4762 - الأحد 20 سبتمبر 2015م الموافق 06 ذي الحجة 1436هـ

عهد جديد تفتحه الأبحاث الإكلينيكية

متوقعاً تداول دواء جديد للسكلر بعد 4 سنوات د.مذكور:

«يوم اللقاء بمرضى فقر الدم  المنجلي السكلر، جعلني أشعر بمسؤولية مضاعفة تجاههم. رأيت في مناظر تُدمع العين وتعصر القلب، الأمل يطل من عيونهم يرتجي الإسراع في إطلاق دواء يمكنه علاج مرضهم المزمن أو حتى يخفف منه ويحول دون استمرار معاناتهم».. الحس الإنساني امتزج بالمسؤولية العلمية لدى مدير مركز الأبحاث الإكلينيكية في جامعة الخليج العربي الدكتور عادل مذكور الذي اجتهد ليؤسس المشروع الرائد في المنطقة، والذي من المؤمل أن يخدم دول الخليج العربية الست ويطلق باكورة مشاريعه على دواء «السكلر».

رغم اللغة العلمية المتسمة بالجدية التي كان يتحدث بها الدكتور مذكور، إلا أن الأذن لا تخطئ سماع نبرة الحس الإنساني، الدافع الأكبر لتقديم خدمات علاجية تسعف المرضى من معاناتهم.

لقاء خاص جمع «الوسط الطبي» بمدير مركز الأبحاث الإكلينيكية في جامعة الخليج العربي بعد إطلاق مشروع الأبحاث الإكلينيكية لمرضى فقر الدم  المنجلي «السكلر» بالتعاون مع معهد كارولينسكا السويدي ومجمع السلمانية الطبي. اللقاء كشف عن آمال وطموح جامعة الخليج العربي التي تسعى لتحقيقها من خلال المركز، إذ توقع الدكتور عادل مذكور أن يصل الدواء الجديد للتداول خلال 3 أو 4 سنوات من تاريخنا الحالي.

في مرحلة التأسيس

شرع د. عادل مذكور حديثه بإعطاء نبذة تعريفية عن المركز، فقال: «في سياق رؤية ورسالة جامعة الخليج العربي، رسمت الجامعة لنفسها أهدافاً استراتيجية من ضمنها الإجتهاد في معالجة الأمراض السائدة في دول الخليج العربية، وركزت في هذا المركز على معالجة الأمراض المستعصية والوراثية - التي تساهم بعض العادات والممارسات الإجتماعية في انتشارها بسبب كثرة الزواج بين الأقارب – من خلال مشاريع الأبحاث».

وأضاف: «تتسم رؤية الجامعة بإتساع مداها في هذا المجال، إذ لم تغفل إشراك المجتمع المحلي في هذه الرؤية، وبذلك جمعت في رؤيتها الجانب الطبي، والعلمي، والإجتماعي للوصول في أبحاثها لأفضل النتائج».

وعن الآلية المتبعة لتحقيق هذه الرؤية، أوضح د. مذكور: «أطلقت الجامعة مشروع المركز الطبي الجامعي حديثاً، وهو النواة الأولى لمدينة الملك عبدالله الطبية التي تضع نصب عينيها علاج الأمراض المزمنة السائدة في دول الخليج كالسمنة وأمراض القلب، وداء السكري». وأكمل: «في نفس الفترة تقريباً أسست الجامعة مركزاً للأبحاث الأكلينيكة (أبحاث تُعنى بالتأكد من سلامة وفعالية الأدوية والأجهزة والمنتجات التشخيصية والعلاجية المعدة للإستخدام البشري) وذلك في العام 2013».

وبيّن د. مذكور مهام مركز الأبحاث الإكلينيكية، قائلاً: «حظيت بشرف التكليف بتولي تأسيس المركز، ولم تكن المهمة سهلة فتطوير هذا الجانب من فروع العلوم الصحية التي تعتبر جديدة علينا يحتاج لجهد ووقت كبيرين للوصول للهدف المنشود». وتابع: «لحسن حظي وجدت حماساً كبيراً لدى الأطباء للبدء في مشاريع الأبحاث الأكلينيكة. لكني كنت مدركاً أن المركز بحاجة لبعض المقدمات قبل الشروع في البدء».

وقال أن الخطوة الأولى بدأت بنقطتين متوازيتين، ففي الوقت الذي بدءنا إطلاق البرامج التدريبية المؤهلة للأطباء والباحثين وفي سبيل ذلك وقعنا اتفاقيتي تعاون مع مركز بحثي وجامعة، وشرعنا أيضاً في إعداد البنى الأساسية للمشاريع البحثية فتمت مخاطبة الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية والعمل معها من أجل إصدار لائحة داخلية تنظم الأعمال البحثية بحيث تضمن حق المريض أولاً وبقية الجهات المشتركة في العملية البحثية في ميزان يرجح الإيجابيات على السلبيات.

للأبحاث أخلاقيات

وذكر مدير مركز الأبحاث أن المركز استثمر اتفاقية التعاون مع مركز بحثي في جامعة ميرلاند الأمريكية المتخصص في أخلاقيات البحث على تدريب وتطوير النظام البحثي في البحرين. وبيّن أن النظام البحثي مؤسس على منظومة أخلاقية تحفظ حقوق المشاركين في المنظومة البحثية لتصل لأفضل النتائج دون الإنتقاص أو الإضرار بطرف.

وعن النتائج الملموسة في سبيل الوصول لأرقى المعايير الأخلاقية في الأبحاث العلمية، أجاب: «نجحنا في تطوير اللجان الأخلاقية في المؤسسات الطبية في البحرين، فأضفنا لتشكيلتها، الأطباء والباحثين، والمستشارين القانونين ليزود اللجنة بالرأي القانوني، وإيماناً منا بأهمية دور المجتمع في هذا المجال، أضفنا عضوية لشخصية تمثل المجتمع في هذه اللجان». وعلق على هذه الخطوة قائلاً: «أنها خطوة رائدة تسهل من عمل هذه اللجان وتضيف لها بُعدين، الأول قانوني، والثاني يضمن شراكة المجتمع في المواضيع والمشاريع البحثية التي تطرحها».

عهد جديد

وبإزاء هذا الحراك لتنظيم الجانب البحثي، وقع المركز اتفاقية مع معهد كارولينسكا السويدي للبدء بتجربة دواء جديد يساهم في علاج مرض السكلر، ومن المؤمل أن يتوصل إلى نتائج متقدمة حول فاعليته في رفع المعاناة عن مرضى «السكلر».

وقال: «وجدنا المشاركة في هذا البحث فرصة مناسبة نستفيد منها على عدة صُعد أولها التأكد من مدى استفادة المرضى البحرينيين من الدواء الجديد، وقياس مدى فاعليته كبديل للمسكنات الحالية، ثانيها فتح عهد جديد في المنطقة للتعامل مع الأدوية بشكل مبني على دراسات علمية مستندة لأبحاث أجريت على أهل المنطقة.

وفصّل قائلاً: «أن أي دواء جديد يُطرح لابد وأن يمر بمراحل اختبار وتجارب عديدة حتى يصل لمرحلة تجربة العقار على البشر، واستأنف: «من هنا تسعى الأبحاث لتوسعة التجربة على أكثر من عرق بشري للتأكد من فعالية الدواء وتأثيراته الجانبية. ولذا حرصنا على المشاركة في البحث مع معهد كارولينسكا السويدي خصوصاً أن نسبة المصابين بمرض السكلر في البحرين عالية، على الرغم من أنه مرض يصنف بأنه نادر في بقاع أخرى من العالم».

وحول التفاعل مع المشروع البحثي، قال: «على المستوى الدولي سيشارك مرضى من أربع دول في البحث وهي البحرين، تركيا، هولندا، ولبنان. وتلقينا رغبات من دول الجوار كالكويت والسعودية للمشاركة في البحث». وأضاف: «أما على الصعيد المجتمعي فقد لقينا ترحيباً كبيراً من رئيس الجمعية البحرينية لرعاية مرضى السكلر، ولمسنا هذا التجاوب من خلال اللقاء الذي عقدناه مع المرضى أنفسهم».

وبيّن أن اللقاء كشف عن اهتمام رسمي مثّله حرص وزير الصحة صادق الشهابي على الجلوس لآخر الجلسة للإستماع للنقاشات التي شارك فيها المرضى بقوة وتفاعل شديدين لمدة ثلاث ساعات متواصلة. وأضاف: «أن النقاشات كشفت عن تمتع المرضى بثقافة عالية في هذا المجال ورغبة في المشاركة في هذا البحث الذي يحمل معه الأمل. أما على الصعيد الشخصي فقد زاد من عزمي في إنجاز هذا المشروع».

شاركونا للوصول للأفضل

وعن المراحل الزمنية للمشروع، أوضح أن المشاريع البحثية تتطلب بالعادة وقتاً للوصول لنتائج نهائية، مشروعنا البحثي بدء في يناير من العام الماضي، وبلغ عمره الآن 19 شهراً. وأتوقع أن ينتهي المشروع خلال السنوات الثلاث أو الأربع القادمة بعد وصول الدواء للمرحلة التسويقية.

وأشار قائلا: «حالياً فتحنا باب الترشح للمتطوعين من مرضى السكلر للإشتراك في المشروع، علماً أن المشاركة اختيارية، ولا تتم الموافقة إلا بعد أن يستوعب المريض كافة أبعاد المشروع سواء كانت فوائد أو أعراض جانبية لا قدر الله».

وعن العدد المتوقع، قال: «أخذنا تراخيص من الجهات المختصة لإجراء الإختبارات على حالات تتراوح بين 24 – 30 حالة وهذا كافٍ في المرحلة الحالية».

واعتبر د. مذكور إن المشروع فتح جديد في القطاع الطبي الذي يستفيد اليوم من الإمكانات البحثية الهائلة خصوصا في مجال الأبحاث الأكلينيكة التي تهدف للوصول لمفهوم الطب الشخصي الذي يبني البرامج العلاجية بما يتناسب مع البنية الجينية للشخص.

وقال: «فتح المشروع حتى وقتنا الحاضر ثلاثة أفكار لمشاريع بحثية، ومنها دراسة في سجلات مرضى السكلر للوقوف على الآثار التدميرية للمرض. كما أننا بصدد دراسة تتعلق بداء السكري من النوع الثاني».

ووجه د. مدير مركز الأبحاث الأكلينيكة شكره للمرضى الذين يعتزمون المشاركة في المشروع البحثي. ودعا المجتمع البحريني للمشاركة في هذه الأبحاث التي تؤهل الجميع القائمين على المنظومة الصحية والمرضى للوصول لأفضل برامج علاجية تتناسب مع بنيتنا الجينية.

العدد 4762 - الأحد 20 سبتمبر 2015م الموافق 06 ذي الحجة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً