اعتبر حقوقيون أن اليوم الدولي للسلام، فرصة لأن تقوم جميع الأطراف المعنية بدورها في الدعوة للسلام ونبذ العنف.
ويأتي احتفال الأمم المتحدة باليوم الدولي للسلام في هذا العام، تحت شعار «الشراكة من أجل السلام... الكرامة للجميع»، والذي يسلط الضوء على أهمية التعاون على إسكات دوي الأسلحة والنهوض بقضية السلام، ذلك أن السلام سيظل بعيد المنال دون دعم من الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص والجماعات الدينية والمنظمات غير الحكومية.
ويصادف هذا العام الذكرى السنوية السبعين لإنشاء الأمم المتحدة، والتي تشهد أيضا مرحلة انتقال نحو خطة عالمية جديدة للتنمية المستدامة واتخاذ إجراءات هادفة تتعلق بتغير المناخ.
وتهيب الأمم المتحدة كل عام بشعوب العالم في اليوم الدولي للسلام أن تعيد تأكيد التزامها بالعيش في وئام كأفراد أسرة إنسانية واحدة.
وفي هذا الصدد، قال نائب رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان عبدالله الدرازي: «تحقيق السلام في أي مجتمع هو مسئولية الجميع، بما في ذلك منظمات المجتمع المدني والحكومة والمؤسسات الوطنية والدينية، بالإضافة إلى الدور المهم للتربية والتعليم أيضا في نشر مفاهيم السلام في المجتمع».
وأضاف «السلام مرتبط بشكل أساسي مع الأمن، فتحقيق الأمن يعني تحقق السلام، وهو ما يجعل المجتمع يرتقي ويركز على حل الأمور الأساسية الاقتصادية والاجتماعية اليومية للمواطنين، وبالتالي فإن على الجميع أن يكونوا دعاة سلام، وألا يقتصر الأمر على رفع الشعارات، وإنما يجب تطبيقها على أرض الواقع، ويجب إشراك الجميع في مسئولية نبذ العنف أو التحريض عليه أو ممارسته بجميع أشكاله».
وأكد الدرازي أن التشاور والحوار بين جميع الأطراف، شرطان أساسيان لتحقيق السلام وإنهاء العنف. وعلى صعيد محلي، اعتبر الدرازي أن الأطراف المعنية بنشر السلام ونبذ العنف بحاجة لأن تولي الأمر المزيد من الاهتمام.
وقال: «مجتمع البحرين مسالم ويحب السلم، وعلى سبيل المثال، معدل انتشار الجريمة في المجتمع البحريني أقل بكثير بالمقارنة مع المجتمعات الأخرى، حتى في نوع الجرائم المرتكبة».
وتابع «تحقيق السلم الأهلي مهم جدا، وعندما تكون هناك قناعة راسخة بأن العنف وما يتبعه بكل أشكاله يؤخر المجتمع في كثير من النواحي، فهذا يعني أننا ننشئ جيلا يهدف إلى بناء بلده لا هدمه، ويحترم الرأي والرأي الآخر. وترسيخ هذه الفكرة لدى الجيل الناشئ من شأنها أن تحافظ على المستوى البعيد على العلاقات بين جميع مكونات المجتمع، وبالتالي فإن نجاح السلام أو العنف يعتمد بالدرجة الأولى والأخيرة على ما تتم تنشئة الأفراد عليه».
وطالب الدرازي بالتعامل بحزم مع من اعتبرهم «يقتاتون من العنف»، وخصوصا أن العنف يضر بالمجتمع على جميع الأصعدة، بما فيها البنية التحتية والاقتصاد، وتهدد الأمن الشخصي للأفراد، مؤكدا على دور الجهات الرسمية والأهلية في مواجهة هذا الفكر المتطرف.
ومن جهته، اعتبر الناشط الحقوقي عبدالنبي العكري، أن كرامة الأشخاص يمكن تأمينها بتمكينهم من الشراكة الحقيقية في إدارة شئونهم والاستفادة من موارد البلاد وثرواتها بصورة متساوية، مشيرا إلى أن الانتخابات في المجالس التشريعية والبلدية، بما يسمح بإشراك جميع أفراد الشعب في اتخاذ القرار، هو ما يحفظ كرامة الأفراد ويعبر عن احترامهم كمواطنين متساوين في الحقوق.
وفيما يتعلق بدور المنظمات الأهلية في تحقيق الشراكة من أجل السلام، قال العكري: «تقع على المنظمات الأهلية مسئولية تدريب المنتسبين إليها على حل النزاعات والخلافات، والأمر نفسه ينطبق على الحكومة التي عليها أن تبادر إلى وضع أسس الاحترام المتبادل بين المسئولين والمنظمات الأهلية، يما يمكن المنظمات الأهلية من ممارسة دورها في بيئة عمل صحية، وما يؤسف له أن النزاعات في عدة بلدان تطورت إلى حروب، ويعود ذلك إلى أن كل طرف يسعى لأن يأخذ حقه بذراعه».
وطالب العكري الحكومة بتفعيل مفهوم الشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني، وقال: «على الحكومة أن تطبق بشكل فعلي مفهوم الشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني، وهو أمر لا نراه على أرض الواقع، وخصوصا على صعيد التقارير التي تعدها الحكومة بشأن حقوق الإنسان والتنمية وغيرها من التقارير، ناهيك عن عدم إشراك منظمات المجتمع المدني في صياغة أي من القوانين التي تمس المجتمع».
إلى ذلك، قال مسئول دائرة الحريات وحقوق الإنسان في جمعية الوفاق هادي الموسوي: «يأتي اليوم الدولي للسلام كمناسبة دولية أقرها المجتمع الدولي نظرا للحاجة الماسة لتذكير الضمير الإنساني بأهمية السلام وضرورته للعيش بكرامة، واعتماد الأمم المتحدة لهذا العام شعار (الشراكة من أجل السلام... الكرامة للجميع)، يدعونا لاستحضار الإرادة المشتركة بين الحكومات وشعوبها، والدول والدول الضد، لاستحضار ضرورة إخماد صوت السلاح وأدواته، وتشجيع ودعم صوت الحوار والتفاوض كلغة ناجعة لتفهم الضمائر والعقول».
وتابع قائلا «من هنا، فإن كل حالة على مدى التاريخ الإنساني استحوذ فيها السلاح على عموم المشهد، خلفت معاناة لدى شعوبها، في حين أن طاولة الحوار والتفاهم والتصالح والتفاوض وصولا إلى اتفاقات رغما عن فوهات المدافع هو الخيار الأسلم، فبدلا من قطع طريق طويل تستحوذ فيه الأسلحة على مصائر الشعوب واستقرار أمنها، يتعين ابتداء أن يكون التفاهم والنقاش والحوار والتفاوض طريقا أقرب وأسلم، لأن من خلاله تحفظ الكرامة وتصان الحقوق ويحقن الدم وينعم الجميع بحياة إنسانية أرقى».
واعتبر الموسوي أن ما يحدث في البحرين هو خيار لن يكون الأصوب بحال من الأحوال، على حد تعبيره، باعتبار أن لغة العنف مهما علا ضجيجها مآلها في نهاية المطاف إلى طاولة حوار وتفاهم وتصالح واتفاق على المضي إلى مستقبل بعيد عن التاريخ وتداعياته، وفقا له.
وقال: «إننا ندعو في مثل هذا اليوم إلى ضرورة الاستعجال في اتخاذ قرار يكون مؤداه تفاهم المتخاصمين وتحاور المختلفين، وتفاوض المتنافسين ليظفروا بالشراكة ويعملوا من خلالها على تقليص مساحة النزاع والخلاف والتناحر».
وحمَل الموسوي مسئولية ذلك العقلاء في الحكومة ومنظمات المجتمع المدني وجماعات الضغط والأحزاب السياسية والجماعات الدينية وأصحاب الإيديولوجيات والمؤسسات الصناعية والتجارية.
العدد 4762 - الأحد 20 سبتمبر 2015م الموافق 06 ذي الحجة 1436هـ
ال
العنف يولد العنف والسلام يولد السلام. قضيه منطقيه .دائماً ما يبدأ العنف من الطرف اللذي يعتبر نفسه أقوى والعنف المضاد هو رد فعل عكسي ولكبح الأثر علينا ان نوقف المؤثر وحتماً سنحصل على النتائج المرضيه.