الخلاصة في تحديد اشتراطات واختصاصات، سلطات الدولة المدنية الحديثة ومؤسساتها، وعدم تداخلات مهامها الوظيفية، يكشف عن مدى استقلالية كل منها، وحقيقة الفصل بينها إنشاءً وإدارةً وقراراً، وعدم خضوع واحدتها لتدخلات الأخرى، فلكل سلطة في الدولة المدنية الحديثة، دورها ومهامها في بناء صرح الدولة المدنية الحديثة والحفاظ على أركانها، بما يجعل جميع المكونات الشعبية، مستمتعة بالحقوق ومُحاسّبّة بالقانون، لا فرق بينها لأي سبب كان، كما تنص الدساتير أو بما لم تنص، من استحقاقات المبدأ الإنساني المدني الحديث، في الحرية والكرامة والمساواة وتكافؤ الفرص.
وجدير هنا تبيان المعنى، لعبارة أن «الشعب مصدر السلطات جميعا»، فالشعب مفردة لغوية تجمع الأشخاص الطبيعيين من المواطنين، لا فرق بينهم لا لأصل ولا لون ولا دين ولا مذهب، ولا جنس ولا انتماء، لا عائلي ولا قبلي ولا عرقي، ولا حزبي.
وجميع سلطات إدارة الدولة المدنية الحديثة، هي مؤسسات قوامها أفراد مؤهلين في الاختصاص، خادمين للمجتمع موثوقين لدى المواطنين، منتخبين من قبل غالبية الشعب، (بما لا يقل عما فوق الاثنين والأربعين في المئة، من إجمالي الكتلة الانتخابية الوطنية، من حائزي الرشد والبالغين السن القانونية، من ذوي عدم الموانع الجنائية والقانونية من ممارسة الحقوق السياسية، (وما لا يقل عما فوق الثلاث والثلاثين والنصف في المئة، من الكتلة التصويتية الوطنية أي إجمالي الأصوات الصحيحة من الكتلة الانتخابية الوطنية، وذلك بإعتماد البلاد دائرة انتخابية واحدة، مقسمة الى عدد مناسب من المراكز الانتخابية وبهذا تختفي ظاهرة المرشح الوحيد والفوز بالتزكية، وكل ما يلازمها من سوء استقلال).
وإلا أعيدت العملية الانتخابية، بدءًا من الترشح من جديد لانتخاب البديل عمن لم يحز تلك النسبة، متى ما لم تتجاوز نسبة عدد غير الحائزين، على الأصوات المطلوبة للفوز، مقابل الفائزين منهم، نسبة عشرين في المائة، أو الانتقال الى حوار وطني من أجل إعادة التوازن المجتمعي، تجاه معايير وقوانين الانتخابات، وحقن المشجعات السياسية الجامعة، وضمحلة موانع الممتنعين.
ما بين قوسين عالية هو فكرة ونِسَب خاصة بتقدير الكاتب، وتحتاج التناول بالتفصيل، إلا أن المبدأ، لزوم حيازة المرشح لنسبة معينة، من أصوات الكتلة الانتخابية الوطنية، ومن كتلة المصوتين، لكي يتأهل لتمثيل شعب البلاد.
وجدير هنا أيضاً تبيان الشرط من جملة الشروط، التي تُحَدِّد للأفراد الحق في ممارسة حق الترشح للسلطات السياسية، التشريعية منها والتنفيذية، وللسلطات المحلية، البلدية منها والمحافظات، هذا الشرط الذي يتوجب أن يستقيم عليه المرشح، في بنائه الحياتي والمعرفي والثقافي والحقوقي، بالاعتراف بحق الوطن والمواطنة وصونهما، والمبادئ الإنسانية المدنية الحديثة، المتمثلة في الحرية والكرامة والمساواة وتكافؤ الفرص قبل أي حق لأي فرد أو أي جماعة، لا عرقية ولا دينية ولا مذهبية ولا حزبية.
بحيث يُستَبعَد منها وبالقانون، كل من أبان تاريخه الحياتي أو السياسي أو الحقوقي، حيده عن ذلك الشرط، من مثل رجال الدين، أي دين وأي مذهب فيه، من غير المعترفين بالحقوق الإنسانية المتساوية، في الحقوق والواجبات، بمعيار المواطنة ولا شيء سواها، وإثرتهم كمختصين في دين أو مذهب بعينه، بالمستلزمات الدينية الحياتية والأخروية، من خلال الخطابة وإدارة الوقف والزكوات والإحسان الديني والدعوة الى دين بعينه، وذلك لانتفاء الشرط عاليه لديهم.
وبديهي إدارة الانتخابات من قبل هيئة انتخابات عليا، منتخبة بدورها من قبل الشعب وبذات الشروط للترشح، وشرط الاختصاص القانوني والحقوقي، وبرقابة مندوبين أممين.
وفيما يتعلق بسلطات الدولة المدنية الحديثة، في إختصاصاتها، فالسلطة التشريعية المتمثلة، في البرلمان، سواء بتسمية مجلس النواب أو المجلس الوطني أو مجلس الأمة، المنتخب شعبياً، سواء في نظام حكمٍ ملكيٍ سامٍ أو رئاسي بالانتخاب، من بعد التوافق التعاقدي، الشعبي العام، على دستور للبلاد، يؤسس لمجتمع مدني حديث، تدير الدولة فيه سلطات الدولة المدنية الحديثة، بما وسمناها عاليه وفي الحلقات السابقة.
فدور السلطة التشريعية فيها، هو التشريع بإصدار القوانين المستحدثة، وتعديلات القوانين القائمة، لمواكبتها بالحداثة الإنسانية، ومراقبة أفراد ومؤسسات وهيئات وإدارات، السلطة التنفيذية (الحكومة)، ومحاسبتها على أي حيد عن مواد الدستور والقوانين، أو أي مس بالضر لمبادئ حقوق الإنسان المنصوص عليها في الدستور، أو مستندات الشرعة الدولية.
واساس ذلك دراسة وإجراء التغيير اللازم، وإقرار خطة الحكومة واستراتيجيتها لإدارة البلاد، بما في ذلك مشروع ميزانية الدولة، اللتان هما مترابطتان ومتلازمتان لتفاصيل إدارة الدولة، بما يحقق مبادئ الحرية والكرامة والعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، بين المواطنين، وبما يجعل لكل مواطن ذات الحقوق وعليه ذات الواجبات، دون التفرقة أي كان تسبيبها، عبر تحقيق وتقديم الحكومة للخدمات والتسهيلات البنائية والمعيشية والحقوق، وذلك يحتاج لنصوص دستورية، تتيح لأعضاء البرلمان أدوات رقابية وإجرائية سنتناولها لاحقاً.
إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"العدد 4761 - السبت 19 سبتمبر 2015م الموافق 05 ذي الحجة 1436هـ
لا تتعب نفسك يا كاتب
يعرفون كل شي لا تأذن في خرابه محد بيسمعك.
بارك الله فيك
صار العمود مثل الشاي الصباحي لزم نشربة
كنا نجهل بعص الامور في ادارة الدولة ولاكن متابعتنا لك وضحة امور لنا كنا نجهلها ونجهل التناقض في ادارة الدولة