لقد ابتعد الانسان في هذا العصر عن الحميمية والتعاضد وتقديم العون للآخرين اثناء محناتهم في بلداننا العربية، والتي تحد من قسوة الحياة وتشعره بانه يتحاور بآدميته، وغلب على سمات التعاملات الطابع المادي والسلطوي للدول والانظمه السياسية غير العادلة في تحديد ماتراه مناسباً ودون اللجوء الى شعوبها أو تعزيز الديمقراطية.
ورأيت قلق الفرد العادي اثناء الحروب في محيطه، وعن بلاده والتي قد تبدو على الاسطح الاكثر استقراراً، ولكنها في الواقع تموج ببراكين هائلة من البطالة والسخط والفقر، وكم هو محاصر عن التعبير عن رغباته فيما يحدث، وهو يرى أمامه هجرة البشر بالملايين من دينه وطائفته بسبب الحروب التي تنهشهم في بقاع الدنيا، وكيف هم يموتون في البحار شرقاً وغرباً أثناء انتقالهم لمجرد العيش الآمن، ودون ان يكون للانسان المجاور كلمة ان تُفتح لهم بلداننا للجوء، وكل مايفرزه هو ربما المساعدات المادية والغضب او الشجب الشفاهي والشعور بالذنب لعدم القدرة الوطنية على اسناد اخيه الانسان.
ويراهم وهم يلجأون للهجرة الى البلاد البعيدة والتي تستقبلهم بالرغم من اختلاف الثقافة والدين، تستقطبهم وبذكاء الداهية الذي يعرف من اين تؤكل الكتف، وبحجة الرأفة والشفقة الانسانية المزعومة، وجميعنا يعلم ان بلاد الغرب واستحالة زيارتها دون الفيزا، وانه من الواضح الآن بانه لا يساعدنا من اجل عيوننا السود، ولكن ماحدث بالهجرة الجماعية جعلتهم يغتنمون الفرصة الذهبية ليحصلوا على الايدي الجاهزة والمدربة والتي ترضى بكل الوظائف التي يحتاجونها، ويعوضوا النواقص لديهم بسبب قِلة الإنجاب والتي كان بامكان دول الجوار استقطابهم واستبدال العمالة الاجنبية بهم.
ودعوني اخبركم انه بالرغم من الاقتصاد المتين ودخل الافراد المرتفع في ألمانيا إلا أن الأمراض الاجتماعيه قد اصابتهم بمقتل وبتناقص اعدادهم وبكمياتٍ من المواليد الجدد لان الشباب لم تعد لديهم الرغبة في الزواج بسبب صعوبة الاعتناء بالاطفال وعدم وجود مربيات، وتاخر سن الزواج تسبب ايضاً في الاقلال من الخصوبة عند النساء، كما ازداد عدد الوفيات الكبار بالنسبة لولادات الاطفال، وبذا يتناقصون بحيث باتت قرى باكملها خالية من السكان، وهدم العديد من البنايات لخلوها من الساكنين، مما ادى الى تسمية البلاد ببلاد كبار السن، والذين تفوقت اعدادهم على اعداد الشباب والاطفال وخاصة في السنوات العشر الاخيرة.
كما انتشر لديهم زواج المثليين (الزواج من نفس الجنس) والتي اباحتها مجتمعاتهم ووثقتها، وهذه هى النتيجة بان صَغُرت العائلات بنسبٍ لا يمكن تخيلها، الى درجة باتوا يخافون ان تنقرض اعدادهم او ان لايبقى لديهم الاجيال من الشباب لرعاية كبار السن من العجائز والمعوقين، وبات المهاجرون الجدد وكأنهم آتون من الفضاء وعلى طبقٍ من ذهب، ويقال إن ألمانيا أول من فتحت ابواب اللجوء، وهي تحاول ان تحسن صورتها في العالم، وعن ماضيها غير المشرف مع العرب؛ عندما شجعت هجرة اليهود الى فلسطين اضافةً الى حاجتها الماسة للبشر كي توازن أعدادها المتناقصة، ودعونا نتذكر كيف أغلق الغرب أبوابه في السنوات الأخيرة في وجوه شبابنا ومنعهم من السفر مع تعقيدات طلب الفيزا بالمبالغ العالية، وتحريمها على من لا يروق لهم دخول بلادهم ودون اسبابٍ مُعلنة، وكم خذلونا بقضايانا المصيرية ووقفوا مع العدو الصهيوني ضدنا مراراً وتكراراً ولايزالون.
وبالرغم من انني احاول استيعاب وتقبل الفكرة بانهم اناسٌ طيبون ويحبوننا، اختتم مقالتي بالقول إن الغرب ابداً لم يُفعل لجوء المهاجرين من اجل الرحمة والشفقة علينا؛ انما هي اغراضٌ ومصالحهم الذاتية التي تهمهم، وحان وقت اقتطافها حسب دراساتٍ محسوبة ومُقررة مُسبقاً، وآن لنا ان نعرف اصدقاءنا من اعدائنا.
علنا نتعلم نحن العرب دروساً من تخطيطهم، وان نتحد في قراراتنا، والتخطيط لمستقبل هذه الامة واتحادها والمشتركة باللغة والدين والجغرافيا، وتراها ممزقة تأكل بعضها، وتتقاتل يومياً، وان نقوم بتوزيع ثرواتنا بالتساوي ودون تفرقة عرقية او طائفية، وهل سيأتي ذلك اليوم الذي سنفتخر في ان نكون نحن العرب من الأمم العاقلة في اتخاذ القرارات، أم اننا سنبقى ممزقين مشردين، ننتظر شفقة الدول الاخرى للجوء إليها وطلب الصَدَقة منها ابد الدهر، فهل سيستجاب دعاؤنا؟
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 4761 - السبت 19 سبتمبر 2015م الموافق 05 ذي الحجة 1436هـ
باختصار
اسمحي لي .. باختصار
هي ليست مسألة ذكاء او ماشابه ذلك ..
يقول تعالى عز وجل ( ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)
على بعض القادة ان يكونوا مخلصين فقط لا اكثر
يوم القيامة العصر
يوم القيامة العصر
احم احم
قريب انشاء الله اتوقع هذا راح ايصير عندما ايكون العرب اقل غباء ؟ لكن حاليا الفروض نفتخر بشيء افضل من لا شيء
شعوب صامتة..
الشعوب العربية مازالت تنبض بالعروبة والإسلام،ولكن المستغرب هو سكوتها وعدم استطاعتها النطق والبوح بما يتطلبه المكان والزمان الذي يعيشونه.
هذا السكوت المطبق عليهم مفروضٌ بإلزامٍ من السلطات والأنظمة الحاكمة والتي هي بدورها تنفذ ماتؤمر به حرفياً وبإتقان اصبح احترافي لأوامر الغرب المستعمر بشكل مباشر يابقاً وبشكل غير مباشر وعصري في زماننا هذا.
المؤامرات التي نسجت منذ زمن بعيد مازالت تطبق على الشعوب العربية بمختلف اماكن تواجدهم ف-المهجر-أوطانهم- وحتى في سجونهم .
الصحوة يدأت والشعوب ستنتصر والذكاء موجود
سيصبح
العرب اذكياء اذا قامو بإستخدام عقولهم لا يفكرون بعقول غيرهم.
رائع
مقال رائع ويا ليت العرب يتعظون ويتحدون بدلا من تشتتهم وضعفهم
مكيه
ليسوا أقل ذكاء من غيرهم أياً كان هذا الغير. السؤال هو متى يستخدمون ذكاءهم و يتخلون عن غرورهم وأنانيتهم؟
زائر 1
عزيزي أنت نسيت شغلة و يوقفون التطبيل.