العدد 4761 - السبت 19 سبتمبر 2015م الموافق 05 ذي الحجة 1436هـ

القائمة القصيرة لجائزة مان بوكر للعام 2015... مثيرة ومُرهِقة

وصل إليها ستة... وخروج كبار... 13 أكتوبر إعلان النتائج...

الأعمال الستة التي وصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة مان بوكر
الأعمال الستة التي وصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة مان بوكر

أُعلنت يوم الأربعاء الماضي (16 سبتمبر/ أيلول 2015)، وصول ست روايات إلى القائمة القصيرة لجائزة مان بوكر للعام 2015، والتي ستُعلن نتائجها النهائية يوم الثلثاء (13 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل).

ونظرت لجنة التحكيم هذا العام في 156 كتاباً لتحديد الفائز بالجائزة التي تصل قيمتها إلى 50 ألف دولار.

وشهدت هذه الدورة مفاجآت عديدة، من بينها خروج كتَّاب كبار، ممن تحصَّلوا على الجائزة نفسها سابقاً، أو جوائز أخرى أكثر أهمية وصيْتاً مثل جائزة «بوليتزر» الأميركية، ومن بين أولئك، الحائز على الجائزة سابقاً الكاتب أندرو أوهاغن، عن روايته «الإضاءات»، ويعتبر ثالث بريطاني يدخل القائمة الطويلة، وفشل في بلوغ القائمة النهائية للمرة السادسة.

المفاجأة الأكبر تتعلق بالقائمة القصيرة؛ إذ خرجت من المنافسة الكاتبة الأميركية مارلين روبنسون، التي نالت جائزة بوليتزر، و «جائزة أورانج»، و «الميدالية الوطنية للعلوم الإنسانية التي قدَّمها الرئيس باراك أوباما، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الفائزة السابقة بالجائزة، آن إنرايت.

عدد من التقارير كُتبت قبل وبعد إعلان القائمة القصيرة، نشرت في صحيفتي «التلغراف» و«الغارديان» البريطانيتين، تناولت بعض الأعمال في القائمتين الطويلة والقصيرة، ومن بين أولئك تيم مارتن، في عدد «التلغراف» بتاريخ 15 سبتمبر الجاري، وتقرير «الغارديان» الذي استند فيه إلى موقع «مان بوكر» الالكتروني، بالتاريخ نفسه، وجيمس لاسدن، بتاريخ 11 مارس/ آذار 2015، وكي ميلر بتاريخ 10 ديسمبر 2014، وكميلا شمسي، بتاريخ 19 يونيو/ حزيران 2015، وأليكس كلارك، بتاريخ 2 فبراير/ شباط 2015، وتقرير لـ «الغارديان» بتاريخ 5 أغسطس/ آب 2015.

تهاوي الأصنام!

إعلان اللائحة الطويلة في شهر يوليو/ تموز الماضي جاء مصحوباً بالمفاجأة والصدمة، وما يشبه القعقعة بفعل تهاوي الأصنام. وبمرح أكثر مرَّت أصوات كبيرة من كتّاب الخيال الحديث: سلمان رشدي، أتوود، فرانزين، إيشيغورو، هاربر لي، ولم تحظ بمكان، لصالح لائحة ضمَّت 13 كتَاباً لأصوات جديدة غير شائعة من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأيرلندا والهند وجامايكا ونيجيريا ونيوزيلندا.

صدمات أخرى، شهدتها دورة هذا العام، رافقتها ضجَّة إعلان القائمة القصيرة، والتي ازدانت بست روايات أكثر إثارة للاهتمام مروراً بخط نهاية المنافسة، انتظاراً للوصول إلى الجائزة المرموقة.

توم مكارثي وسانجيف ساهوتا، هما الروائيان البريطانيان الوحيدان على القائمة القصيرة للجائزة لدورة العام 2015.

الجديد في الجائزة لدورة هذا العام، أنها تجاوزت أهم شروطها منذ تأسيسها في العام 1969، والذي يحصر المتقدِّمين لها في مواطني: بريطانيا ودول الكومنولث وأيرلندا وزمبابوي؛ فيما سمحت لجميع الكتَّاب باللغة الإنجليزية، بغضِّ النظر عن الجنسية، بالتنافس على الفوز بالجائزة.

وبكشف لجنة المحكِّمين التي يرأسها أستاذ الإنجليزية في جامعة برينستون مايكل وود، وتضم كلاً من: إيلى واكاتما ألفري، وجون بورنسايد، وسام ليث، وفرانسيس أوزبورن، عن قائمتهم القصيرة، تم إغفال لِيلى، والتي فازت بجائزة حلقة نقَّاد الكتاب الوطني في الولايات المتحدة، وحلَّت مكانها في القائمة القصيرة، اثنتان من الكاتبات الأميركيات: الفائزة بجائزة بولتزر آن تايلر، عن روايتها «بكرة الخيط الزرقاء»، التي تكشف النقاب عن قصة أربعة أجيال من عائلة ويتشانك، والأخرى هانيا ياناجيهارا عن روايتها «حياة صغيرة»، وتتناول قصة معروفة بشكل واسع عن أربعة أشخاص أصبحوا أصدقاء من الجامعة يعيشون في نيويورك، ومن بينهم واحد ظل مسكوناً بحادثة اعتداء جنسي مروِّع تعرَّض له في طفولته.

تنوُّع أساليب السرْد

ويعتبر ماكارثي الكاتب الوحيد الذي رُشِّح من قبل للجائزة، وتحديداً في العام 2010، كما يُعتبر الكاتب أوبيوما، البالغ من العمر 28 عاماً، أصغر المرشحين للجائزة ودخل القائمة بروايته الأولى، في حين يُعدُّ مارلون جيمس أول كاتب جامايكي يرشَّح للفوز بالجائزة. وكان الكاتب الأسترالي ريتشارد فلاناغان قد فاز بجائزة العام الماضي (2014) عن روايته «الطريق الضيِّق للشمال العميق» والتي تدور أحداثها في زمن الحرب.

واختارت هيئة التحكيم التي يرأسها وود الكاتب الجامايكي مارلون جيمس، عن روايته «تاريخ مُختصر لسبع عمليات قتل»، وتتناول عنف العصابات في جامايكا ومحاولة اغتيال المغنِّي العالمي بوب مارلي، والكاتب النيجيري شيجوتسى أوبيوما، عن روايته «الصيادون»، وتدور أحداثها حول أربعة أشقاء في تسعينات القرن الماضي، يتغيَّبون عن مدرسة نيجيرية ويقومون بسلسلة رحلات صيد، يلتقون خلالها مجنوناً يُخبرهم بأنه سيُقتل على يد أحد إخوته.

واختير مكارثي الذي كان على قائمة المرشحين للبوكر في العام 2010 في المرحلة الثالثة عن روايته «جزيرة ساتين» والتي يتولَّى رواية القصة فيها أنثروبولوجي، يعرف باسم «U» بينما اختيرت رواية «عام الهاربين» للبريطاني سانجيف شوتا، وتتناول قصة عمَّال مهاجرين من الهند يعيشون في شيفيلد.

وأعلن رئيس لجنة التحكيم أن سبب اختيار اللجنة للقائمة القصيرة جاء لتنوُّع أساليب السرْد، والإرث الثقافي، والخلفيات الأدبية للكتَّاب الذين ضمَّتهم القائمة والتي أثرتْ رواياتهم.

وأضاف «نحن سعداء بتنوُّع قائمة الترشيحات، فهي تشير إلى أن الرواية حيَّة وجيدة في أماكن مختلفة».

اليأس الأنيق

وعن «جزيرة ساتين»، قالت هيئة التحكيم عن الرواية، إنها «تُقدِّم لنا يأساً أنيقاً، ورصْداً لفكاهة توحي بما سيكون عليه عالم الغد»، في حين كانت رواية مارلون جيمس بمثابة «تاريخ واسع من الخيال» وحسبها أنها «مُبهجة في مجموعة الأصوات وقدراتها التسجيلية».

وأثنت اللجنة على رواية «حياة صغيرة» بالقول، إنها «رواية التأثير العاطفي الدائم، وغالباً ما تبدو أكبر من الحياة نفسها»، وبالنسبة إلى آن تايلر في روايتها «بكرة الخيط الزرقاء»، قالت اللجنة، إنها تثير القدرة على تناول وتقصِّي «القوى العليا في الملاحظة والتألُّق في الأسلوب».

كما تمَّت الإشادة برواية النيجيري أوبيوما «الصيادون»، وقالت عنها، إنها «حكاية انهيار مأسوي للعائلة في عصر نيجيريا الحديث» وبالنسبة إلى رواية «عام الهروب» للبريطاني ساهوتا، قالت اللجنة: «هنالك الكثير من الأسباب التي تدعو إلى الهروب، وهي تتكرَّر في رواية ساهوتا المدهشة، والتي تستعير العنوان من أولئك الهاربين».

وقال وود: «فقط في حالات نادرة يأتي الاحتفال مشُوباً بالندم. وخفَّف من وطأة ذلك الندم، تلك الإثارة الهائلة بتقديمنا الكتب الستة لتكون على القائمة القصيرة. أعدنا قراءة جميع الكتب الـ 13 على اللائحة الطويلة، وأثناء تلك المرحلة اكتشفنا مُتَعاً جديدة في كل منها. يُقدِّم الكتَّاب الذين ضمَّتهم القائمة القصيرة مجموعة غير عادية من نهْج الخيال. إنهم يأتون من ثقافات مختلفة جداً، وهم أنفسهم في مراحل مختلفة من حياتهم المهنية».

«كتاب نساء الليل»

تناولت مقالة كي ميلر في «الغارديان بتاريخ 10 ديسمبر 2014، رواية الجامايكي مارلون جيمس «تاريخ مختصر لسبع عمليات قتل»، وتحكي قصة محاولة اغتيال بوب مارلي، الذي يشار إليه في جميع الأنحاء باسم «المُغنِّي»، وتداعيات تلك المحاولة. لكن ربما يكون الأهم من ذلك، أن الرواية تحكي قصة جامايكا في وقت مبكِّر من سبعينات وثمانينات القرن الماضي، عندما أُغرقت البلاد بالسلاح، واستولى عملاء المخابرات المركزية الأميركية على المفاصل الحسَّاسة فيها، ودخلت الجزيرة واحدة من لحظاتها الحاسمة، والأكثر عنفاً في تاريخها. إنها قصة تستحق أن تُروى، وبقدر ما أنها قصة عن جامايكا، إلا أنها تحدث في أمكنة أخرى.

في مقالة أخرى لميلر، تناول فيها روايات جيمس الثلاث، التي سبقت عمله المرشَّح لجائزة مان بوكر، وقوفاً عند روايته الأولى «شيطان جون كرو»، والتي أسَّست له باعتباره كاتباً محلياً مثيراً للاهتمام، بالخيال المختلف اختلافاً كبيراً عن غيره من الكتَّاب الجامايكيين ومنطقة البحر الكاريبي؛ مشيراً إلى أنه استمتع بالظلمة والدم المسفوك، أكثر من استمتاعه بأشعة الشمس والموسيقى المليئة بالحماس والإثارة.

مورداً شاهداً آخر على روايته التي أحدثت صدى كبيراً «كتاب نساء الليل»، التي اعتبرها - ببساطة - واحدة من أفضل الروايات الجامايكية المكتوبة اليوم، وأكثر من أي وقت مضى. إنها رواية الرقيق، ويرد فيها إنجاز من خلال حبْكتها التي تُوصلنا إلى التآمر الذي لا يُصدَّق. وفي الوقت الذي تتبنَّى الرواية وتحتضن اللهجة الجامايكية، إلا أنها أسَّست أيضاً مكانة لجيمس باعتباره نجماً دولياً. في كل التفاصيل التي تحويها الرواية، هي أكبر بكثير من حيث قيمتها من روايته «شيطان جون كرو»؛ فهي ملحمة في حجمها وقيمتها، ومكتوبة بقوة أكبر من حيث السرد والغنائية المليئة بها.

«الشوارع لنا»

وبشأن رواية «عام الهاربين» للبريطاني سانجيف ساهوتا، كتبت كاملة شمسي، في «الغارديان»، بتاريخ 19 يونيو 2015: «هنالك شعور غريب بعدم الثقة في الجزر البريطانية، حين يتم النظر إلى العمل بوصفه «رواية سياسية». إنه مدى من الخلْط أحياناً ممزوج بالجدل، وغياب الوضوح والدقة. الرواية الثانية لساهوتا، تثير لغطاً من الافتراضات الشائعة حول ما تعنيه كتابة رواية سياسية.

في أول ظهور له كان مع «الشوارع لنا»، وتشحذ تركيزها في عقل شخص يمكن أن يكون انتحارياً. في شيفيلد حقق ساهوتا مكانة في العام 2013 من خلال مجلة «جرانتا» ودخوله قائمتها لأفضل الشباب الروائيين البريطانيين.

تتركَّز روايته الجديدة حول حياة ثلاثة رجال هنود وامرأة بريطانية هندية. الرجال الثلاثة: توتشي، رانديب وأفتار - يعيشون جنباً إلى جنب مع عمَّال مهاجرين آخرين في منزل في شيفيلد. المرأة (ناريندار)، متزوجة من رانديب، وهي بالكاد تعرفه، أو تريد أن تعرفه، وتعيش بشكل منفصل في شقة.

في النصف الأول، يتحوَّل الكتاب بين الفصول الأقصر الخاصة بالشخصيات الأربع في شيفيلد، والأقسام الأكثر طولاً في الرواية تتناول كل واحد منهم قبل وصولهم إلى هناك. إنها استراتيجية محفوفة بالمخاطر - إذا ارتخى أي من أجزاء الرواية من خلال الدخول في لعبة المقارنة بالأجزاء الأخرى، فإن الهيكل كله قد ينهار - ولكن ساهوتا أكثر قدرة على إحداث التجانس في هذا الأمر.

القصة الأولى تدور حول توتشي، وهو من طبقة «المنبوذين» في ظل تصاعد القومية الهندوسية، حيث يخاطر رجل بكل شيء لمجرد أن ينظر إليه على أنه يحاول الخروج على القواعد الصارمة للطوائف. ومع ذلك، فإن ساهوتا ليس كاتباً من النوع الذي يستحوذ على حالات هي من أكثر أشكال العنف المرتبطة بالتعصب - طوال الرواية، إذ يوجِّه ساهوتا انتباهه في كثير من الأحيان إلى لحظات/ حالات أصغر من الظلم، تلك التي تتلبَّس الناس المصنَّفين ضمن الدرجات الوضيعة.

رواية العتْمة

رواية «بكرة الخيط الأزرق» لآن تايلر لها قصة بحسب ما ذكرته صحيفة «الغارديان»، ذلك أنها كانت تعمل على ترقيع قميص والدها وقت علمت بوفاته. فتحت خزانة الثياب لتسقط بين يديها بكرة من الخيط الأزرق. «بدا الأمر كما لو أن أمي سلَّمتني البكرة».

من بين أعمال تايلر «حفر طريق إلى أميركا» رواية «عشاء في مطعم الحنين إلى الوطن»، وفازت بجائزة بين/ فوكنر للأدب القصصي، و «سائح بالصدفة»، وفازت بجائزة نقاد الكتب الوطنية، تحوَّلت في ما بعد إلى فيلم حاز جائزة الأوسكار، و «دروس في التنفس»، وفازت بجائزتي الكتاب الوطني وجائزة بولتزر.

في رواية هانيا ياناجيهارا الأولى «الناس في الأشجار»، والتي صدرت العام 1996، نقف على اتهام عالم الفيروسات الأميركي الحائز على جائزة نوبل، دي كارلتون جايدوسيك، بالاعتداء الجنسي على طفل في الولايات المتحدة، ليحكم عليه بالسجن سنة. في القصة ثمة ضحية واحدة من بين أكثر من 50 طفلاً قام بتبنِّيهم خلال رحلات بحث إلى بابوا غينيا الجديدة ومايكرونيزيا.

وفي تقرير لـ «الغارديان» بتاريخ 5 أغسطس 2015، أشار إلى أن الرواية الأولى أنيقة في أسلوبها، تأخذنا إلى حيث العتمة، وفي مساحات كثيرة منها ثمة ما تقشعر له الأبدان؛ إلا أن قلة من القرَّاء من التفت إلى ذلك.

في روايتها «حياة صغيرة»، تعكس ياناجيهارا مسألة التعرُّض الجنسي، وتحكي قصة صبي عاني منذ زمن طويل سلسلة من سوء المعاملة والاستغلال الجنسي الشنيع، قام بها بالغون مكلَّفون برعايته، ويدخل في صراع في محاولة نسيان كابوس طفولته. تم الالتفات هذه المرة لعملها، بما في ذلك لجنة تحكيم «مان بوكر»، والتي اختارتها لتكون ضمن القائمة الطويلة لهذا العام.

تشيجوتسي أوبيوما - آن تايلر - سانجيف ساهوتا
تشيجوتسي أوبيوما - آن تايلر - سانجيف ساهوتا

العدد 4761 - السبت 19 سبتمبر 2015م الموافق 05 ذي الحجة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً