دق الباحثان جاسم آل عباس والشيخ بشار العالي، ناقوس الخطر، بعد كشفهما عن خروج آلاف المخطوطات والوثائق التاريخية من البحرين، واستقرارها في عدد من البلدان شملت دولاً خليجية كالكويت ودبي والقطيف، إلى جانب إيران، العراق، والهند.
عطفاً على ذلك، رأى الباحثان أن لا مناص للبحرينيين من إنشاء مركز مختص ويعنى بالتراث المخطوط، وتحقيقه، وطباعته ونشره، ليسهم عبر ذلك في حفظ تراث أجدادهم والذي يمتد إلى مئات السنين، بما يشكل في مجموعه ثروة تاريخية تبرهن على النهضة العلمية التي شهدتها البحرين على مدى قرون.
ووجه الباحثان اللذان باتا يشكلان ثنائيّاً في الاهتمام بتاريخ البحرين وجمع مخطوطاته القديمة، عتاباً شديداً إلى البحرينيين، بما في ذلك الجهات الرسمية والأهلية وحتى العلمائية، وقالا: «سعينا مسبقاً لإنشاء هذا المركز وذلك من خلال عرض المشروع على علماء دين، غير أننا اصطدمنا بعدم الاهتمام وعدم الاكتراث والتقصير».
يقول العالي، الذي يتحدث عن امتلاكه نحو ألفي مخطوطة: «نحن على استعداد للتعاون التام مع الجهة التي ستتبنى إنشاء المركز، وأنا شخصيّاً جاهز لمده بكل ما لدي من مخطوطات، شريطة أن نرى جهوداً جادة عبر توفير الغطاء المادي للمركز، تمامًا كما هو موجود في القطيف التي تحتوي 5 مراكز مهتمة بهذا الجانب، تنفق الأموال لشراء المخطوطات وتدوينها».
يأتي ذلك، بعد نجاح «الثنائي التاريخي»، في جمع آلاف الوثائق، أحدثها نسخة لمخطوطة عمرها ثمانية قرون تحمل اسم «تعريف أحوال سادة الأنام»، وهي من تأليف ناصر الدين الشيخ راشد الجزيري البحراني (توفي في 605 هـ - 1208م)، غير أنهما بيّنا أن ما استرجع حتى اليوم لا يمثل إلا الربع من مجموع المخطوطات البحرينية.
وبحسب التوضيحات، فإن المخطوطات المحصلة تعود إلى شخصيات علمائية، بينها الشيخ ميثم البحراني، سيد هاشم التوبلاني، الشيخ أحمد بن سعادة، وتلميذه الشيخ علي بن سليمان.
بدوره، تحدث آل عباس أكثر عن مخطوطة ناصر الدين الشيخ راشد الجزيري، ليقول: «ما بحوزتنا هو نسخة مصورة للنسخة الأصلية والموجودة في مركز إحياء التراث الإسلامي بمدينة قم في إيران، وهي منسوخة بخط محمد بن عبدالله بن محمد الحافظ في العام (683 هـ)».
فيما يعود العالي إلى الحديث حول «مشروعه الحلم»: «من الضروري أن تشهد البحرين إنشاء مركز مهتم بالمخطوطات، يعمل كبنك للمخطوطات العلمية والتراثية»، مقترحاً أن تتبناه جمعية أهلية أو أحد علماء الدين.
وتطرق إلى واقع التعاطي المجتمعي مع المخطوطات، فقال: «الحاصل أن غالبية من يمتلك هذه المخطوطات، يحتكرها ويتعامل معها كملك خاص لا تراث وطن، فحتى مع تأكيدنا على رغبتنا في طباعتها والاستفادة منها، نواجه بالرفض والتعاطى مع الموضوع من منظور ضيق، كأن يقول من يمتلكها: «ان هذه مخطوطة جدي» فيتعاطى مع الأمر من باب الوجاهة».
وأضاف «هنالك من حاول طباعة كتب تصنف على أنها من المراجع، لكنها لاتزال مخطوطة، فكانت النتيجة التعثر بعقبة عدم التعاون، على العكس تماماً مما نراه في الخارج، حيث يكفي أن ندفع مبلغ التصوير للحصول على نسخة من المخطوطة».
واستشهد العالي على ذلك، بتجربة شخصية أوضحها بالقول: «على سبيل المثال لدي مخطوطة لموسوعة للشيخ حسين العلامة، استغرقت مني محاولات الحصول عليها 6 سنوات، وكان ذلك فقط من أجل كتاب واحد ناقص من هذه الموسوعة، وعلى رغم أن سعيي كان فقط من أجل تصويره، فإنني كنت أواجه بالرفض في كل محاولة».
وأردف «تعبنا من تقديم الاقتراحات إلى الجهات العلمائية، ما اضطرنا إلى العمل بشكل فردي تماماً، كما يفعل الشيخ محمد عيسى المكباس».
ووفقاً لتأكيدات الباحثين آل عباس والعالي، فإن ما طبع حتى اليوم لا يمثل الربع من إجمالي عدد المخطوطات، والتي تعود بعضها إلى موسوعات وكتب تاريخية، في السيرة والعقائد والفلسفة وعلم الكلام، وجميعها تنتظر الطبع والتحقيق وتوفير نسخ.
بجانب ذلك، نوه الباحثان إلى الحاجة الماسة إلى الجهود الجماعية، فـ»الحاصل أننا نسعى جاهدين إلى الحصول على المخطوطات ثم نطبعها على حسابنا وبعد ذلك لا نجد من يشتريها؛ لأن اهتمام الناس بالكتب التاريخية متدنٍّ جدّاً»، وأضافا «الموجود أكثر من 3 آلاف عنوان، للسيد هاشم التوبلاني منها 50 عنواناً من ضمن مؤلفاته، طبع منها القليل».
كما اعتبرا أن الحديث عن هذه المخطوطات هو حديث عن نهضة علمية مجهولة، وتابعا «أهم المكتبات التي تضم نفائس المخطوطات نقلت خارج البحرين على فترات، قِسمٌ منها ذهب الى بوشهر، وقسم كبير آخر ذهب الى النجف، وثالث الى إيران توزعت على مكتبات مختلفة، ورابع ذهب إلى الهند، وخامس كبير جدّاً ذهب الى دبي، وسادس ذهب إلى القطيف».
واختتم آل عباس والعالي حديثهما بالإشارة إلى أن «طبيعة المخطوط تجعل منها شيئاً أثريّاً له قيمة، خلافا للمطبوع، ولهذا يجد الاقبال، فيتنافس على شرائه سماسرة المخطوطات، وبسبب عدم وجود من يشتريها من البحرينيين، تتنقل إلى بلدان عدة، بينها الكويت التي شهدت بيع مخطوطة بحرينية بمبلغ 7 آلاف دينار كويتي، ودبي التي تحوي كثيراً من المخطوطات البحرينية واشتراها مركز جمعة الماجد».
العدد 4760 - الجمعة 18 سبتمبر 2015م الموافق 04 ذي الحجة 1436هـ
صباح الخير
إنما الأعمال بالنيات
سامحوني ما عندي إلا الدعاء بالتوفيق لكم
للحفاظ على التراث الوطني والله يعطيكم الصحة والعافية وسامحوني ع التقصير
الله يحفظكم
متنفدون يبون يدثرون الآثار ويزيلونها ..