هناك ثلاث نقاط كانت ومازالت بحاجة لأن تؤخذ بعين الاعتبار بالنسبة لكل ما حدث في وطن العرب عبر السنوات الأربعة الماضية وبالنسبة لما ينتظر أن يحدث في المستقبل القريب. وإذا كان شباب وشابات الأمة العربية عازمين على الاستمرار في هز المجتمعات العربية من أجل إرجاع الوعي وإرادة النهوض فيها فإن أخذ هذه النقاط الثلاث بعين الاعتبار سيجنبهم ارتكاب المزيد من الأخطاء والانتكاسات.
النقطة الأولى: ما لم يصبح أحد الضوابط الرئيسية لكل الأحداث المحلية التي تجري في هذا القطر العربي أو ذاك انسجام تلك الأحداث مع المصلحة العربية المشتركة والأسس الوحدوية للأمة العربية الواحدة وللوطن العربي الواحد... ما لم يوجد ذلك الضابط فإن أي حراك شعبي إصلاحي أو ثوري سيتيه في أزقة كل مجتمع عربي على حساب الطرق الكبرى للمصلحة العربية المشتركة العليا. خصوصية الوضع الداخلي تحتاج أن تنسجم مع عمومية الثوابت القومية الكبرى.
ولذلك ففي أقطار من مثل العراق وسورية وليبيا، على سبيل المثال، ما الفائدة من كسب الجماهير لهذا المطلب الحقوقي أو المعيشي أو ذاك إذا كان ذلك سيكون على حساب وحدة وعروبة ذلك القطر وفاعلية دوره في الساحات العربية المشتركة؟ وبالتالي على حساب أهداف الأمة في التحرر المشترك والنهوض المشترك ووحدتها؟
النقطة الثانية: إن انقسامات وصراعات قوى المجتمع العربي المدني، وعدم قدرتها على الاتفاق حول أهداف مرحلية مشتركة واحدة تناضل من أجلها إلى أن تتحقق تلك الأهداف المشتركة، وبالتالي عدم قدرتها على وضع خلافاتها جانباً إلى أن يتحقق المشترك،... إن ذلك هو أحد الأسباب الرئيسية لانتكاسات كل حراك شعبي كبير في الأرض العربية. وهو الذي قاد إلى ضعف فاعلية المجتمع المدني في الحياة العربية.
وهو الذي هيّأ لقوى أخرى، من مثل الجيوش أو القوى الأجنبية أو التنظيمات القبلية والطائفية، للاستيلاء على الساحات المجتمعية العربية. وهي، أي قوى المجتمع المدني، تعرف أن تلك الانقسامات فيما بينها هي انعكاس لانقساماتها وأمراضها الداخلية، من مثل غياب الديمقراطية فيها وهيمنة جماعات صغيرة عليها، لكنها لا تفعل شيئاً يذكر لا بالنسبة لإصلاح نفسها ولا بالنسبة للتكاتف مع بعضها لمواجهة المستبدين والفاسدين والمجانين الانتهازيين.
وهذا الأمر ينطبق على المستويين القطري الوطني والقومي العربي المشترك.
النقطة الثالثة: إن النقطة السابقة المتعلقة بضعف قوى المجتمع العربي المدني قد قادت المجتمعات العربية إلى وجود ظاهرة فريدة في حياتها السياسية. لقد أصبحت حياتها السياسية معتمدة بصورة مفجعة على قوى تواجد الجيوش ومقدار فاعليتها في الحياة الداخلية.
إن ما حدث في العراق من انهيار تام للحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بمجرد حل الجيش العراقي من قبل المحتلين الأميركيين، وانهيار المجتمع العراقي أمام تدخل كل من هبّ ودب في الداخل والخارج، والصعود السريع المذهل للقوى الطائفية والعرقية والقبلية وتنظيماتها الميليشية... إن كل ما حدث في العراق أظهر كم كان المجتمع العراقي يعتمد في تماسكه وعيشه المشترك على الجيش بدلاً من اعتماده على قواه الذاتية وحيوية مكوناته.
ويمكن أن نرى مماثلة لما جرى في العراق، وإن بصور مختلفة وتأثيرات متباينة، ما جرى في سورية وليبيا واليمن ولبنان ومصر وتونس، بل وكل الأقطار العربية التي لامستها رياح الربيع العربي.
ولذلك فمثلما أن عافية الدول تعتمد على مقدار التوازن المعقول بين سلطات حكم الدولة وسلطات قوى المجتمع، ففي الحالة العربية يجب إضافة توازن قوى المجتمع مع سلطات ونفوذ وتدخلات المؤسسات العسكرية والأمنية.
لقد أصبح هذا الموضوع كابوساً في الحياة العربية وأصبح من أوجب واجبات شباب وشابات الأمة العربية أن يعملوا على إخراج الأمة من هذا الكابوس التاريخي.
إن قدر جيل الأمة الحالي أن تختاره الأقدار لحمل مسئوليات هي أكبر وأثقل وأعقد من أية مسئوليات حملتها الأجيال العربية السابقة. ونحن نشفق على هذه الأجيال عندما نحملها كل تلك المسئوليات، لكن الأوضاع العربية قد أوصلها المستبدون والفاسدون وهمج الجهاد التكفيري إلى حالة البؤس التاريخي وحالة المآسي الإنسانية الكبرى.
وهذه أوضاع ستحتاج إلى جيل من نوع خاص وإلى التزام من نوع خاص وإلى تفاعل وتكاتف مجتمعي مع هذا الجيل هما الآخران من نوع خاص.
وسيكون مفجعاً لو أن القوى المعنية لم تساند تكوُّن هكذا جيل.
إقرأ أيضا لـ "علي محمد فخرو"العدد 4759 - الخميس 17 سبتمبر 2015م الموافق 03 ذي الحجة 1436هـ
!!
دكتور فخرو كلامك عن العروبة والوحدة والقومية قد انتهى زمانه والآن لا يوجد اهتمام إلا بالدولة الوطنية فقط
الدول العربيه
هي مجرد ساحه لللاعبين الاساسيين ولا تمتلك دور اساسي في ما يدور حولها غير السمع والطاعه لمن سلطهم علينا.حتى يقضي الله امرا كان مفعولا.
نحن
نحن اقرب مثال. فالمطالب كانت لجميع الشعب ولكن تدخل الطائفيه وتحريض طرف على الاخر ووصمه بشتى الوصوفات وتخوينه وخصوصا الطرف الثاني والشبابي منه لايفقه بالمطالبه بالحقوق (امعه)فسرعان ما صدق ومشى مع الطائفيين. لعب الكبار اصحاب المصالح فتتت الوطن.
هذه الشروط موجوده
ولكن من يسوق أعلاميا ضدها هي الحكومات في دول الجوار لتخلق البلبله و الصراعات الداخلية فيضطر الناس الى التكتل في احزاب و طوائف لرد هذا الهجوم
ويلاه
بعتقادي شرط واحد انه يصير فيها نخوة وعروبا كما قال لهم الحسين عليه السلام ان لم تكونو مسلمين كونو عربا كما تدعو والسلام