خطر الهاتف النقال

خلصت دراسة واسعة النطاق إلى أن الهواتف الجوالة يمكن أن تؤثر على صحة الأشخاص الذين يستخدمونها.

لا شك في أن تأثير الهاتف المحمول على الأطفال أكثر وضوحاً وأوسع ضرراً من تأثيره على الكبار، فالطفل في عمر السنة يمتص ضعف كمية الإشعاع الصادر من الجوال، والطفل في عمر الخمس سنوات يمتص 60 في المئة أكثر من امتصاص الكبار. ووفقاً لدراسة أجريت عام 1996 في جامعة يوتا بالولايات المتحدة الأميركية، لوحظ أن الإشعاع الصادر من الجوال يتم امتصاصه من قبل أدمغة الأطفال بأربعة أضعاف سرعة امتصاصه من الكبار، وبذلك فإن تأثير هذه الأشعة يمتد إلى ما هو أعمق من الأذنين.

مشاهد مثيرة وغريبة حول استخدام الهواتف النقالة

حينما كنت أنتظر دوري في المركز الصحي للدخول على الطبيب، شاهدت زوجين مع ابنهما الصغير، وكانا مشغولين بالبحث في «الواتس أب» لنحو 30 دقيقة دون أن يتحدثا مع بعضهما البعض وحتى مع ابنهما الصغير. ورأيت شخص آخر يتحدث في الهاتف النقال وهو يعبر الشارع الرئيسي المزدحم، فمشيت خلفه وعندما اقتربت منه قلت له يا أخي بتحدثك في الجوال وأنت تعبر الشارع ممكن أن تعرض نفسك لحادث. شكرني وابتسم.

ومن الحالات الاستثنائية الخطيرة التي لفتت انتباهي كانت لشخص يسوق سيارته عكس اتجاه السير وفي سكة ضيقة وكان يحمل طفلاً صغيراً بين صدره ومقود السيارة و يتحدث في الهاتف. قلت له يا عزيزي أنت بفعلتك هذه تعرض حياة الطفل للخطر، وقد تعاقب بثلاث مخالفات مرورية كذلك. ورأيت شخصاً آخر يتحدث في الجوال وهو يحاول توقيف سيارته في موقف السيارات. وبعد نزوله من السيارة بدأ بالمشي وهو يتحدث في الجوال، أديت التحية وقلت له أظن بأننا صرنا مدمني الهواتف النقالة، قال يا ليت، صرنا عبيد التلفون!

كما نشاهد بعض النساء المبرقعات يسقن الميني باص لتوصيل الأطفال إلى المدرسة وهن يتحدثن في التلفون ويمسكن المقود بيد واحدة ويعرضن حياة الأطفال للخطر! علماً بأننا نقرأ ونسمع كثيراً عن حوادث بليغة بسبب التحدث في التلفون أو كتابة مسج أثناء قيادة السيارة.

يا ترى كم مليار دولار تجني شركات صناعة الهواتف النقالة وشركات الاتصالات من وراء بيع الهواتف والمكالمات في أنحاء العالم خلال دقيقة واحدة؟ فعلاً شغف امتلاك الهاتف الذكي أو الآيفون... تطوّر ووصل إلى مرحلة الجنون.

محمد علي حسين

حينما يلبس المجنون عقالاً تنقلب موازين الأمور بشكل كبير

جلس خالد في قهوته واستراحته المسائية اليومية كافيه (الوطن) الجديد في آلامه، القديم في همومه، والمدهونة جدرانها باللونين الأبيض والأزرق لونا المحبة والسلام حيث لا أمن ولا سلام! كافيه الوطن يؤم جميع الشباب على مختلف أطيافهم وهمومهم والوحيدة في الحي، هذا الحي الصغير الذي لا يتعدى مساحة بيوته الستين قلباً، ولكنه كبير برجالاته، والمعروف بكثرة شعاراته على جدران البيوت والحوانيت التي تهاجم المحتل الإسرائيلي وتفضح جواسيسه والتي يديرها عمو فريد.

المقهى قريب من حي خالد، وكعادته يرتادها كل مساء ينفث دخان سيجارته مع أدخنة الآخرين الغارقين في هموم الدّين والفقر والبطالة في الفضاء الفسيح الأزرق الجميل الذي يرتفع إلى السماء، بعدها يرتشف قهوته التركية السوداء المفضلة، وهو يستمع إلى أناشيد فيروز الوطنية عن سرقة واغتصاب الوطن، كأنه يراها واقفة أمامه تبكي حال الوطن العربي من راديو القهوة الذي بالكاد يعرف أنه (راديو)، وأي وطن هذا الذي بقي لنا يا فيروز؟ تساءل خالد فهذا الراديو كان شاهداً يوماً على العصر، بل عن العدوان الداعيشي وجرائمه على العراق والشام، الذي انقطع فجأة وكاد أن يقع على الأرض من شدة الصواريخ وقوة القنابل الحارقة، فإذا كان جهاز راديو وهو يبعد عن العراق والشام آلاف الكيلومترات لم يستطع تحمل صوت القنابل والصواريخ فكيف ستتحمله قلوب الأطفال والنساء والشيوخ هناك!

اليوم يظل خالد هائماً مع عقاله الجديد، بعيداً في فكره وأحلامه عن حاله المنكوب ووطنه المسلوب، وبعد هذه الجولة يعود ثانية فيتسامر مع زملائه في لعب الشطرنج ويختمها وكما أطلقها عليه شقيقه مع (عشيقته) وهكذا حتى طلوع الفجر، حيث يعود إلى غرفته فيرمي بجثته على فراشه حتى الصباح حيث ترسل له الشمس رسالته عبر أشعتها من زجاج نافذته المهشمة بسبب أعمال الشغب، فجأة تتوقف فيروزعن الغناء ويسود القهوة صمتاً ليعلن عن خبر عاجل من الـ «بي بي سي» عن آخر التطورات في الوطن العربي الكبير، ففي العراق مجازر، وفي لبنان مقابر، وفي سورية تآمر، وفي الجزائر تشاجر، وفي فلسطين تنافر، وأما في الخليج فتشاؤم بهبوط سعر برميل النفط إلى 40 دولاراً، وينتهي الموجز على عجل من أمر المذيع، الذي هو الآخر ملّ من قراءة هذه الأنباء اليومية الحزينة، وترتفع أصوات الشباب عاش الوطن! وهم جالسون يشاهدون (الملك) يجر شرقاً وغرباً في لعبة الشطرنج!

مسكين خالد تاه في عالم السياسة والأحلام، مثله مثل الكثير من الشبان المحبطين والتائهين في مشكلات الوطن وهمومه، حتى سأم من عمله وكاد أن يتركه لولا تدخل شقيقه، كما سئم منه اليوم أغلب الشباب بل قلّ جيل هذا العصر كله سئم من العمل اليومي وراحوا يبحثون عن المتعة واللهو والراحة والاستستلام في المقاهي!

غريب أمركم وسلوكياتكم يا شباب! فمن سيعمر هذا المستقبل ومن سيبنيه كما بناه آباؤنا وأجدادنا، قالها لهم يوماً شقيقه ولكن الجواب هو... هو الذي طالما رددوه على ألسنتهم (القادمون الجدد)!... ماذا نفعل يا أخي سامي، هذا هو جوابهم الذي يرددونه دائماً! دائماً! القادمون الجدد هم القاتل القادم! فيعود سامي ثانية لشقيقه يحاوره... إذا لم تستطع أن تتخلى عن أرجيلتك (عشيقتك) هذه وبروائحها وأدخنتها السوداء التي دمرت حياتك فكيف ستستطيع أن تواصل دربك، وتشد عزيمتك في مجابهة هذا السرطان! إن مجابهة هذه الآفة والغدة السرطانية لا يأتي إلا بالعمل والمثابرة والاجتهاد واليقظة، ولكن لا حياة لمن تنادي، وعاد خالد مرتدياً عقاله الجديد وإلى عشيقته (أرجيلته) وإلى كافيه الوطن وإلى أناشيد فيروز وإلى قهوته السوداء لعلهما تشفيان غليله وتطردان القادمين الجدد.

مهدي خليل

أيا محمد قرة عينك

أيا محمد قرة عينك ** وزهراء أم حفيدتنا

هلت الناس تبارك لك ** برزق الله تباهينا

هب النسيم بأفراحه ** ببشرى الخير يناغينا

زهق السوء بأتراحه ** قدوم فاطم يداوينا

سنا وجهك ينير الدير ** وأنفاسك تعافينا

شموخك ذا رقي الطير ** بهاء القطا يسلينا

نفس فاطم بأنفاسي ** خيالك دوم مصاحبنا

ملاك روحي واحشائي ** جمالك لا يبارحنا

والدك مصطفى الخوخي