العدد 4758 - الأربعاء 16 سبتمبر 2015م الموافق 02 ذي الحجة 1436هـ

لتكن لنا بصماتنا المتميزة

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

من الضروري أن تكون لكلّ واحدٍ منَّا لمسته الخاصة، وطريقه المستقلة التي توصله إلى التميُّز عن كل من سواه، أن يكون الواحدُ منَّا قادراً على لفت الانتباه بما يقدّمه كفرد لا ما يقدمه من معه إذا اجتمع بهم كمجموعة، أن يترك بصمته الخاصة في مجتمعه، بصْمتَه التي لا تتشابه مع غيره في نوعية العطاء وحجمه.

يحكى أنه في عهد الممالك المتحاربة في الصين، كان ملك مملكة «تشي» يحب سماع عزف المزمار، وكانت لديه فرقة من ثلاثمئة عازف، بينهم شخص يدعى «ناقوه» لا يعرف العزف، إلا أنه كان ضمن هذه الفرقة ذات العدد الكبير ويوهم الآخرين بإجادته العزف، وبعد فترة من الزمن توفي الملك فخلفه ابنه الذي يحب العزف المنفرد لا الجماعي، ومنذ ذلك الحين لم يُرَ «ناقوه» في القصر!

في حياتنا كثيرون مثل «ناقوه»، يلتزمون الصمت والسكون في حين يعزف غيرهم أجمل المقطوعات، أو يمثلون أدواراً ضمن جوقة لا يسمع لهم فيها حتى همس ليكونوا مجرد رقم يضاف إلى عدد المجموعة، هؤلاء يسيرون مع الركب من غير أن يفكروا في تقديم المميز الذي ربما يوصل المجموعة إلى أفضل الأماكن بأيسر وأقصر الطرق.

مثل هؤلاء لا يكون همُّهم تقديم الإضافة إلى المجتمع بقدر ما يفكرون في المردود الذي سيعود عليهم إن هم قاموا بالدور المطلوب منهم بأقل جهد وأقل تكلفة. مثلهم لا يتركون فراغاً حين يغادرون، ولا يضيفون إلا كتلة من الممكن أن يضيفها أي (شيء) إلى المكان الذي يتواجدون فيه. ومجتماعتنا لا تنظر إليهم بصفتهم مصادر عطاء، بل بصفتهم عالة وأرقاماً زائدة لا ضير في هجرتها أو توقفها عن الظهور.

كثيرون منا يكونون في هذا المكان أحياناً، حين نترك للآخرين أن يستمتعوا بالتفكير عنَّا فيما يخصُّ أمور حياتنا، وحين لا نبادر إلى اختيار حتى شكل ملبسنا ونوع طعامنا وما يجب أن نقوم به من أعمال في مواقع وظائفنا. ولا يعني هذا أن يتمرد المرء على من حوله بحجة أن عليه اختيار كل شيء بنفسه، لكن لابد أن يكون له رأيه في المواضع التي يسمح فيها إبداء الرأي من غير أن يترك ذلك ضررا ًعليه، فأحياناً يفرض علينا الوقت والمكان والظرف أن نقبل بما يقرره الآخرون لنا، لكن لابد أن يكون هذا ضمن نطاق الـ «أحياناً» لا الـ «غالباً»؛ فالمرء غير مخير في كثير من الأوقات في واجباته في موقع عمله الرسمي على سبيل المثال، وخصوصاً أولئلك الذين لم يختاروا وظائفهم التي يتمنون بعد، فاضطروا إلى العمل في أي موقع يستطيعون من خلاله تقديم خدماتهم والحصول على ما يقيهم الحاجة المادية والمعنوية إلى حين حصولهم على الوظائف التي يحلمون بها، لكن هذا لا يمنع أن يبادر أيٌّ منا إلى تقديم ما يراه مناسباً حتى لو لم يتم الأخذ به.

علينا ان نتذكر دائماً: أن تكون لنا بصماتنا الخاصة، يعني أننا قادرون على إحداث التغيير المرجو في مجتمعنا يوماً مَّا.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 4758 - الأربعاء 16 سبتمبر 2015م الموافق 02 ذي الحجة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 7:48 ص

      رائع

      نحن بحاجة لمثل هذه المقالات التي تنمي لدينا المهارات الحياتية بعيدا عن صخب السياسة.
      شكرا لك استاذة وبورك قلمك وعقلك

اقرأ ايضاً