العدد 4755 - الأحد 13 سبتمبر 2015م الموافق 29 ذي القعدة 1436هـ

لمنع التسرب المالي

هاني الفردان hani.alfardan [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أعلنت الحكومة، وبشكل مباشر ومؤكد، أنها ستدخل قرارها بشأن رفع الدعم عن اللحوم الحمراء والبيضاء حيز التنفيذ مطلع الشهر المقبل (أكتوبر/ تشرين الأول 2015) وذلك عبر توجيه اللجنة الوزارية للشئون الاقتصادية وضبط الإنفاق، الجهاز المركزي للمعلومات إلى فتح باب التسجيل عبر النظام الإلكتروني أمام المواطنين الراغبين في الاستفادة من التعويض النقدي مقابل رفع الدعم عن اللحوم اعتباراً من يوم غدٍ الثلثاء (15 سبتمبر/ أيلول 2015)، على أن تباشر وزارة المالية تحويل المبالغ المستحقة إلى الحسابات المصرفية خلال شهر أكتوبر.

الحكومة تركت أيضاً «الباب مفتوحاً» لخيارات أخرى في «حال» توافقَ الجانبان (التنفيذي والتشريعي) على خلاف القرار السابق وإيجاد بدائل أخرى يتقدم بها مجلس النواب، ويرى الجانبان أنها الخيار الأمثل للتطبيق كالبطاقة التموينية، وذلك خلال الفترة المتبقية من شهر سبتمبر الجاري.

قرار رفع الدعم عن اللحوم يهدف بحسب وجهة النظر الرسمية إلى «منع التسرب المالي» في الاعتمادات المخصصة لهذه المادة الغذائية، بما يضمن توجيه الدعم إلى المواطنين فقط دون غيرهم، على نحو يحمي المال العام من صرفه في غير الأوجه المقررة له»، وذلك أيضاً ضمن سلسلة «إجراءات تندرج تحت مبادرة إعادة توجيه الدعم التي تسعى الحكومة إلى تنفيذها لتحسين الوضع المالي للدولة والذي يواجه جملة تحديات ناتجة عما تشهده المنطقة من ظروف صعبة؛ جراء انخفاض السعر العالمي للنفط والذي يعد المورد الأساسي للإيرادات.

الحكومة، وفي بيان رسمي، تؤكد وتقر أن قرار رفع الدعم سواء عن اللحوم حالياً أو عن سلع رئيسية مستقبلاً، هو لمواجهة تحديات الظروف الصعبة الناتجة عن انخفاض السعر العالمي للنفط... ولكن يبقى السؤال هل دعم السلع هو وحده الكفيل بإعادة التوازن المالي لموازنة الدولة؟ وهل وقف الدعم سيمنع لوحدة «التسرب المالي» الذي تحدثت عنه الحكومة؟ وهل هناك جوانب أخرى وكثيرة مازال التسرب المالي بها كبيرا جداً ويفوق «التسرب» الذي يحدثه دعم اللحوم مثلاً؟

هناك قلق للمواطن العادي الذي سيقبلُ «مجبراً» بالمتغيرات المحتملة، وذلك بعد 30 عاماً من دعم اللحوم (الحمراء والبيضاء)، وهناك من يطرح أن الحل في إنهاء أزمة الموازنة لن يكون من خلال توفير الـ28 مليون دينار التي ستأتي بعد إلغاء أو إعادة توجيه الدعم عن اللحوم. في الوقت ذاته، فإن هناك أيضاً استمرار دعم الغاز للشركات بمبلغ 960 مليون دينار خلال 4 سنوات مقبلة. وهناك من سيطرح أسئلة، من بينها: «أيهم أولى: الشركات أم المواطن؟»، وأين يحدث «التسرب المالي» في دعم اللحوم مثلاً أو دعم الغاز؟ وأيهم أكثر استنزافا للموارد المالية؟

هناك حوار داخلي بين السلطة التشريعية والتنفيذية بشأن رفع الدعم، ولكن ذلك الحوار الذي لم يسفر حتى الآن عن أي نتيجة يمكن أن ترضي المواطن، يدور في حلقة مفرغة؛ لعدم تسليطه الضوء على المشكلة الحقيقية؛ وهي أن هناك العديد من الأبواب في الموازنة العامة للدولة التي لن تمسَّ، في وقت سيبدأ المواطن يستشعر الغلاء وإعادة توجيه الدعم، من دون أن تحل كل هذه الإجراءات مشكلة العجز في الموازنة.

المصارحة وإعادة ترتيب الأولويات وجعل المواطن والقطاعات التي تمسُّ مستوى المعيشة أولوية، وتحتاج إلى فتح أبواب المصروفات «المتكررة» لدى الدولة، وهي الأبواب التي «لا تمس» ويرفض الاقتراب منها، رغم كونها أحد أهم الأسباب في «التسرب المالي» الذي تتحدث عنه الحكومة حالياً.

تحدثنا من قبل عن أن الصورة تتغير بسرعة كبيرة، وأن ما هو سائد في المفهوم العام من أننا نعيش في «دول رفاهية» سيكون مختلفاً مع سياسات التقشف ورفع الدعم والتوجه نحو فرض الضرائب، فضلاً عن سياسات الاقتراض لتغطية العجوزات، وهو ما يؤكد أننا في البحرين خصوصاً (منذ فترة طويلة) وفي دول الخليج (حديثاً) قد دخلنا فعلياً مرحلة نهاية «المال السهل» التي لن تعود مجدداً، والتي ستفرض وضعاً اقتصادياً مختلفاً، لا يقوم على مفهوم «دول الرفاهية».

نعم، المواطن البحريني مستشعر ومتلمس ومتفهم للمرحلة التي تمر بها المنطقة والظروف الصعبة، ولكن أيضاً ذلك التفهم والتلمس والاستشعار يتطلب أيضاً أن لا يكون هو فقط الضحية والمضحي، إذ يجب أن يضحي الجميع، ويتنازل الجميع، وأن يطال التقشف الجميع، وأن يوقف الدعم عن الجميع، وأن يعاد النظر في سياسات الدعم جميعها، وليس فقط تلك المعنية بالمواطنين دون غيرهم.

الواقع يؤكّد أننا مقبلون على سنوات عجاف، سيكون فيها الجفاف سمةً رئيسيةً أساسها التقشّف في كل شيء له علاقة بالمواطنين، وفي ظل تصفيق «المشرّعين» ومباركتهم لذلك، أصبح واجب عليهم أن يمنعوا «التسرب المالي» في كل الجوانب وأبواب الموازنة العامة، وأن يعيدوا النظر في الأولويات، فالمواطن هو الأولوية الأولى قبل كل شيء.

إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"

العدد 4755 - الأحد 13 سبتمبر 2015م الموافق 29 ذي القعدة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 21 | 3:45 ص

      احم احم

      هو من الاساس فكرة الدعم بلا زمن محدد فكرة خطا ؟ انت لما تدعم اللحوم هذا ايضر باللي ايربون المواشي وجعل من عملهم بلا قيمة وبالعكس يجعلهم اقل كفائهة في مواجهة اي ازمة ؟
      ثانيا ايقولون الحاجة ام الاختراع انت اذا كان هناك دعم بلا زمن محدد لظرف محدد هذا ايعطل مخك وبالنتجة ما راح تتقدم ؟
      ثالثا الدولة من وين ليه الصلاحية تدعم اشخاص او قطاع او سلعة والناس مو متساوين في الحقوق والفرص ولا حتى في عدل وزارة العدل؟ ولا متفقين على تصرف الدولة لا في الشارع ولا في مجلس النواب بخصوص الدعم

    • زائر 20 | 3:32 ص

      ...

      اللي قرر يبدا باللحوم ليش ما يبدا بالشي الاكبر والاضخم الا وهو التجنيس ليش ما ترجعونهم بلدانهم وكلهم عندهم جنسيتهم الاصليه وشوفوا شقد راح توفرون خل ........... يتكلم كلمة حق ليش جنستون وعلى اي سند قانوني وشنو الحاجه الضروريه حق الاجنبي اللي يقدر يسويها وابن البلد مايقدر يسويها يكفي بس ابسط شي ان ريحتهم فايحه وما يستبحون وفي الاخر الطامه الكبرى القمل قمل ياعالم قمل ايه اللي انته قاي تقول عليه

    • زائر 19 | 3:30 ص

      تعرف ليش يا هاني ؟؟

      لأن المواطن السحب منه مضمون ، ولأنه الحقلة الأضعف من بين كل ما ذكرت من شركات ومتنفذين .

    • زائر 18 | 2:51 ص

      لو كانت هذه الثروة توزع عاى المواطنيين واصحاب هذه الارض لما اشتكى الناس من رفع الدم او الاسعار

      أين ثروة هذا البلد تذهب ؟؟؟

    • زائر 17 | 2:30 ص

      لو انتو عدلين

      رجعوا كل اللي جنستوهم ووظفوا عيالنا العاطلين بدالهم وتركوا عنكم العنصريه والطائفيه الشعب ما يريد الا جزء من حقوقه ووهاجمتوه يالسلاح والسجون اتقوا الله واوقفوا التجنيس ..ترى احنا شعب طيب بشيعته وسنته
      ومالها الا عيالها شاعب المبتلى حتى بالقمل

    • زائر 16 | 2:24 ص

      الكاسر

      ويش قاعد تقول يعني خلاص مافي زيادة في المعاشات بظل راتبي كما هو

    • زائر 15 | 2:23 ص

      لا حياة لمن تنادي

      الضرب والنفخ في الميت لا يجلب شئ

    • زائر 14 | 1:57 ص

      التقشف ورفاهية

      تقشف ورفاهية هذا هو حالنا المواطن البسيط سيعيش في تقشف مما يؤدي الى الفقر انا هناك أناس تعيش وستعيش في رفاهية لم يتغير عليها شي !!
      تقشف ورفاهية كلمتان فيهما تناقض وللأسف نحن نعيش هذا التناقض الان ينادون بالتقشف وتراهم في رفاهيه

    • زائر 13 | 1:57 ص

      نعم ليش؟

      ليش دائماً المواطن هو الضحية؟
      وايهم اولى المواطن او الشركات التي تزداد ارباحها كل سنة؟

    • زائر 12 | 1:56 ص

      التسري المالي

      عنوان كبير لفساد اكبر اسألوا ديوان الرقابة

    • زائر 11 | 1:53 ص

      التسرب !

      اول التسرب هي عمليات التجنيس العشوائي .. فهل سيتوقف؟ و عندما اقول اول اقصد اولوياتي انا

    • زائر 22 زائر 11 | 4:05 ص

      التجنيس له دورا في التأثير على مقدرات وبنية وخدمات البلد

      هل هناك دراسة للنظر في هذا الملف قبل ان يزيد ضرر الميزانية؟

    • زائر 10 | 1:35 ص

      تقشف ورفاهية

      الحديث عن التقشف والرفاهية لا ينسجم في دولة خليجية

    • زائر 9 | 1:33 ص

      مقال فوي

      في الصميم

    • زائر 8 | 1:32 ص

      نعم يجب ان يطال الجميع

      إذ يجب أن يضحي الجميع، ويتنازل الجميع، وأن يطال التقشف الجميع، وأن يوقف الدعم عن الجميع، وأن يعاد النظر في سياسات الدعم جميعها، وليس فقط تلك المعنية بالمواطنين دون غيرهم. الجميع الجميع الجميع ابتداء من النواب والوزراء ووووو ماهو مخفي

    • زائر 7 | 1:02 ص

      اللهم عجل لوليك الفرج

      ظهر الفساد في البر والبحر...
      بسبب فساد المتنفذين والا البحرين لديها موارد كثيرة غير النفط كلها تصب في جيوب الكبار
      الا لعنة الله على الظالمين

    • زائر 6 | 12:44 ص

      في الثمانينات سعر البترول و صل 18 او اقل

      لنعرف ما الذي تغير؟

    • زائر 5 | 12:42 ص

      ويلاه

      وقت الرخاء يصرف على مخابي الهوامير ومشاريع الحكومه والمهرجانات والشعب ياكل تبن وقت التقشف الشعب الي بيدفع الثمن ويلاه ياجنة عدن

    • زائر 4 | 12:21 ص

      أين حقي في توزيع الثروة عندك كان الدخل مرتفع

      عندما كان البترول الحكومة كانت تتصرف وكأنها قادرة علي التوزيع ونا كالمواطنة لم استفد اي شي والآن بعد العجز مطلوب مني يجب الحجز علي أموال الدولة والمسؤولين وتوزيعا علي المواطنين

    • زائر 3 | 12:05 ص

      جلللين الحية ترحموا على بوصالح

      لهفوا البلد وترسوا المخابي ويش عليهم من الشعب.

    • زائر 2 | 12:04 ص

      السواريق الكبيرة هي المشكلة وليست الصغيرة

      (الساروق كما يسميه المزارعون هو جدول فرعي يسحب من الجدول الرئيسي)
      لا يمكن منع التسرّب والسواريق الكبيرة متروكة والتركيز على الصغيرة منها

    • زائر 1 | 9:54 م

      صدقت استادى.

      نعم هذا الكلام الصحيح والمفيد. ولكن هل تسمعه الحكومه وهل يهمها أمر شعبها؟ هنا السؤال.

اقرأ ايضاً