من المنتظر أن يؤدي كشف الغاز الكبير في المياه المصرية إلى تسريع وتيرة الأنشطة الاستكشافية في المنطقة بعد عقد اتسم بالاكتشافات الهزيلة في ظل تجاهل النطاق الأوسع للبحر الأبيض المتوسط الذي ينافس إجمالي الاحتياطيات التقديرية فيه نظريا مثيله في شرق إفريقيا.
وحقل «ظُهر» الذي اكتشفته شركة «إيني» الإيطالية قبالة السواحل المصرية هو الكشف الأكبر على الإطلاق في البحر المتوسط حيث يقدر حجم احتياطيات الغاز فيه بنحو 30 تريليون قدم مكعبة ما يعزز الرغبة في استشكاف المزيد في المنطقة التي قلما جرت فيها أنشطة استكشافية.
وتقدر هيئة المسح الجيولوجي الأميركية احتياطيات الغاز القابلة للاستخراج من الناحية الفنية في البحر المتوسط بنحو 411 تريليون قدم مكعبة لكن من دون إجراء مسح سيزمي لتحديد الاحتياطيات الفعلية سيظل الاهتمام محدودا خارج المناطق الحيوية التي بها احتياطيات مؤكدة مثل مصر.
وقال الاتحاد الدولي لمنتجي النفط والغاز إن السياسة في دول البحر الأبيض المتوسط معقدة ومربكة أيضا كما أن المنطقة مثقلة بالروتين الحكومي ومعرضة لتحول سياسات الطاقة من النقيض إلى النقيض وهو ما يحد من إقبال المستكشفين.
لكن من الناحية النظرية مازالت المنطقة ذات ثقل في مواجهة شرق إفريقيا التي قدرت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية حجم الاحتياطيات المحتملة غير المكتشفة فيها في 2012 بنحو 441.1 تريليون قدم مكعبة.
وتستعد الشركات من اناداركو إلى بي.جي لبناء محطات عملاقة لتصدير الغاز في موزامبيق وتنزانيا.
إلا أن تراجع إنتاج أوروبا من الغاز وتقلص أنشطة التنقيب يعززان الاعتماد على الواردات القادمة من روسيا.
وقالت إحدى الشركات الرائدة في مجال المسوح الزلزالية إن الطلب المتوسطي أغلبه متركز على المياه المصرية.
وقال نائب رئيس وحدة علاقات المستثمرين في بتروليوم جيوسيرفسيز بارد ستينبيري: «أتممنا فقط مسحا كبيرا لشركة نفط قبالة السواحل المصرية. لم نفعل الكثير في غرب المتوسط».
وجزء من المشكلة أن التنوع الجيولوجي في المتوسط يجعل المستكشفين يميلون إلى البقاء في المناطق التي بها احتياطيات مثبتة وحكومات صديقة للاستكشافات».
وقال المحلل لدى شركة وود ماكنزي ادم بولارد: «دلتا النيل (في مصر) وإسرائيل متميزتان جيولوجيا وفي ليبيا تتغير (الأمور) مجددا».
وأضاف «ستزيد الاستكشافات كثافة على الأرجح حول حقل ظُهر وفي الكتل القبرصية المجاورة».
وقال الزميل بمعهد اوكسفورد لدراسات الطاقة باتريك هيذر إن التخمة في المعروض من النفط والغاز وضعف الطلب الأوروبي على الطاقة يثنيان الشركات عن السعي وراء الاحتياطيات في غرب البحر المتوسط.
لكن تغير المواقف في مصر يتناقض بوضوح مع جارتها الجزائر حيث أثمرت التراخيص الأخيرة هناك عن القليل بينما يحول انزلاق ليبيا نحو الفوضى دون تدفق استثمارات جديدة.
وإلى الغرب تظهر أوراق بحث جيولوجي أن نظام منح التصاريح المتسم بالجمود في إيطاليا أدى إلى تعطيل ثلثي المساحة الاستكشافية قبالة سواحلها.
وتقول هيئة النفط والغاز في إيطاليا إن هناك 700 مليون طن من المكافئ النفطي قبالة سواحل البلاد ما يجعل خفض الواردات أمرا محتملا. والقصة مشابهة في اسبانيا.
إسرائيل وحدها هي التي نافست مصر في الاكتشافات العملاقة قبالة سواحلها مثل حقل لوثيان الذي يبلغ حجم احتياطيات الغاز فيه 22 تريليون قدم مكعبة لكن التقلبات السياسية كان صداها كبيراً على المستثمرين.
ومن المبكر جدا عقد مقارنة مع بحر الشمال - رابع أكبر موقع لإنتاج النفط وثالث أكبر موقع للغاز في العالم - الذي أنتج نحو 127 تريليون قدم مكعبة من الغاز بالفعل، حيث إن جهود الاستكشاف في البحر المتوسط ما زالت وليدة.
لكن واحداً من المميزات الكثيرة التي يتمتع بها منتجو بحر الشمال هو وجود إطارات تنظيمية تم تطويرها على مدار عقود لتشجيع أعمال الحفر قبالة سواحل بريطانيا والنرويج وهولندا.
العدد 4753 - الجمعة 11 سبتمبر 2015م الموافق 27 ذي القعدة 1436هـ