العدد 4752 - الخميس 10 سبتمبر 2015م الموافق 26 ذي القعدة 1436هـ

الأم تيريزا ومأساة اللاجئين السوريين

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

احتفل العالم يوم السبت الماضي (5 سبتمبر/ أيلول) باليوم الدولي للعمل الخيري، في بادرة واعية بأهمية هذا النوع من العمل النبيل، في عالمٍ يميل أكثر وأكثر نحو تعزيز الروح الفردية القاتلة.

الأمم المتحدة اختارت هذا التاريخ لتزامنه مع ذكرى وفاة الأم تيريزا، التي منحت «جائزة نوبل للسلام» في العام 1979، تقديراً لما قامت به من أعمال من أجل القضاء على الفقر ومحاربة المرض. وحين تلقت الجائزة، قدّمت الأموال الممنوحة معها إلى الناس الأكثر فقراً في الهند.

الأم تيريزا، راهبة مسيحية من أصل ألباني، وُلدت في العام 1910 لعائلةٍ من الفلاحين، والتحقت بسلك الرهبنة وهي في العشرين، لتكرّس نفسها للعمل الخيري ورعاية وعلاج الأطفال والعجزة، إلى أن توفيت في الهند في 1997. وقد قدّمت نموذجاً نابعاً من رسالة السيد المسيح (ع)، التي تقوم على مفهوم المحبة، وهي تقول (كما تنقل «الويكيبيديا»): «الأشياء التي تؤمّن لنا دخول السماء هي أعمال المحبة والكرم التي يجب أن يمتلئ بها وجودنا. فهل نعلم كم تقدّم بسمة محبة إلى مريض؟ فإذا أحببنا مرضانا وساعدنا الفقراء، يغفر الله لنا جميع خطايانا». وتضيف: «ليس مهماً كم نعطي للآخرين، المهم أن نعطي الحب. وحيثما يكون الحب، يكون الله».

في هذه الأيام، ينشغل العالم بمتابعة أزمة اللاجئين السوريين، الذين اجتمع على تشريدهم بطش النظام الدكتاتوري وبربرية التنظيم الاستخباراتي المتوحش (داعش)، المدعوم سراً وعلانيةً من قوى دولية، وأسفر كل ذلك عن لجوء هذه الآلاف المؤلفة إلى الخارج، في رحلةٍ تحفّها مخاطر الموت غرقاً. وبينما يصخب الإعلام الأجنبي بهذه الفاجعة، نغوص نحن أكثر وأكثر في نقاشاتنا وجدلياتنا التافهة.

لست أبرّئ الغرب من هذه الجريمة التي يتعرّض لها الشعب السوري، حيث يقدّم نفسه كالحمل الوديع الحريص على التقاط المهاجرين من البحر. ولست أؤمن بحسن النوايا في السياسة الدولية وخصوصاً لدى ساسة الغرب، من باراك أوباما إلى أنجيلا ميركل، مروراً بالوجوه الاستعمارية المحدثة مثل ديفيد كاميرون وفرانسوا أولاند وأسلافهم جورج بوش ونيكولا ساركوزي وطوني بلير. فهؤلاء جميعاً يمثلون سلسلةً من دعاة نشر الفوضى وتفتيت المنطقة واستغلال خلافاتها المحلية في تعزيز سياسات النهب والاستغلال.

مع ذلك... فمن حقك أن تتساءل وأنت تشاهد هذه المأساة: أين «جامعة الدول العربية» التي يفترض أن تمثل ضمير الأمة؟ وأين صوت «منظمة التعاون الإسلامي» التي يفترض أن تتعاون على البر والتقوى وإغاثة اللاجئين؟ بل أين صوت الأزهر الشريف والنجف الأشرف؟ بينما أصدر البابا دعوة المسيحيين في عظة الأحد الماضي لاستقبال اللاجئين، داعياً كلّ رعيةٍ وأسقفية وديرٍٍ في أوروبا لاحتضان عائلة من السوريين.

إننا أمةٌ تم إفراغها من القيم والأخلاق التي جاء لإحيائها النبي محمد (ص) رحمةً للعالمين. أمةٌ تسرع إلى الحرب ومشاريع القتل وتأجيج الفتن ونشر الخراب وهدم الأوطان، ثم تجلس تتفرج على مآسي اللاجئين كما جلس نيرون يتفرج على أطلال روما وهي تحترق.

لقد ماتت أرواحنا، بفعل سياسات الكراهية والتفرقة والتمييز بين البشر، وصدقت الأم تيريزا حين قالت: «عدم اكتراث من يمرّون بالمرضى والفقراء يعود إلى فقدهم الإيمان والوعي. فلو كانت لهم قناعة بأن من يسير على الأرض ويئن ويتألم هو أخوه، لتصرّف بعكس ذلك».

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4752 - الخميس 10 سبتمبر 2015م الموافق 26 ذي القعدة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 12:42 م

      ويلاه

      هههه عجبني اسم المقال الام تريزا يناسب

    • زائر 4 | 5:35 ص

      هذه نتائج سياسات الكراهية والظلم والتمييز وبث الفتن

      فعلا..... بالضبط.

    • زائر 3 | 1:36 ص

      ما في فايده التباكي الان

      الام تيريزا ما كانت تساعد بني جلتها او طائفتها وهذا هو الفرق

    • زائر 1 | 10:48 م

      والشعب اليمني في طريقه للهجرة من وطنه بسبب الصراع .

      والسبب حروب العرب العبثية غنانا في فقر موزمبيق وفقرنا في غنا زمبابوي الشر لين تأصل في النفوس.

اقرأ ايضاً