يمكن التطرق إلى موضوع كيفية إدارة فرق العمل الناجحة من خلال أنموذج «النظم التقنية - الاجتماعية» Socio-technical Systems. هذا الأنموذج ينظر إلى أن مجموعة العمل، أو فريق العمل، أو هيكلية المؤسسة الأكثر نجاحاً هي تلك التي تبحث عن أفضل توافق بين النظام التقني/ الفني للمؤسسة، وبين نظامي العلاقات الرسمية وغير الرسمية بين العاملين داخل المؤسسة.
إن كل مؤسسة لديها أنظمة تقنية/ فنية/ لوجستية/ الخ، كما أن لكل مؤسسة هيكلية رسمية توضح العلاقة بين الرئيس والمرؤوسين وتوزيع مسئولي الدوائر والأقسام. وهناك أيضاً نظام غير رسمي للعلاقات، وهو قائم على الصداقات والزمالات وعلاقات النسب وغيرها من العلاقات التي لا وجود لها في الهيكلية الرسمية لكنها موجودة ولها أثر مباشر على عمل الفريق او المؤسسة.
وعليه، فإن المؤسسة الناجحة - بحسب هذا الأنموذج - ليس تلك التي تفرض على العاملين الخضوع بصورة حرفية للنظام التقني الرسمي، وإنما هي تلك التي تحقق أفضل توافق بين هذه الأنظمة جميعها من دون التضحية باهداف المؤسسة.
هذا الأنموذج يعترف بأهمية التفاعل بين الناس والتكنولوجيا في أماكن العمل. كما يشير هذا الأنموذج إلى أهمية التفاعل بين البنى التحتية المعقدة والسلوك البشري.
ولكي تصل مجموعات العمل إلى مستوى راقٍ من الأداء، فقد طرح عالم الإدارة «مريديث بيلبين» Belbin أنموذجاً لأدوار يلزم ان تتوافر في أعضاء الفريق الناجح او المجموعة الفعالة، وهي كما يلي:
المفكر Plant: هو الشخص الذي يحمل أفكاراً كثيرة. هادئ وحساس وقد لا يهتم بالتفاصيل. لديه أفكار خلاقة، غير تقليدي، ويساند المجموعة الفاعلة عبر طرح الحلول المبتكرة للمشكلات. قد تكون لديه صعوبة في إيصال الأفكار إلى الآخرين، ما يؤدي إلى سوء الفهم أحياناً، كما يمكن أن يخلق مشاكل لطرحه الأفكار في غير وقتها.
مكتشف الموارد Resource investigator: هو الشخص الذي يعطي الفريق الاندفاع الحماسي في بداية المشروع، ولديه مهارات في الاتصالات خارج الفريق، ولديه علم بنبض ما يجري داخل وخارج الفريق، ويتمكن من الحصول على الموارد المناسبة من جهات أو أشخاص خارج فريق العمل. إنه الشخص الذي يمتلك مواهب شخصية تؤهله للقيام بمهام العلاقات العامة ومهام اكتشاف وكسب الموارد الخارجية من اجل دعم عمل الفريق الناجح .
المنسق Coordinator: وهو المرشح المحتمل لقيادة الفريق، لأن لديه الموهبة بان يخطو إلى الوراء قليلاً من أجل رؤية الصورة الكبيرة. إنه واثق من نفسه، مستقر وناضج ويدرك قدرات الآخرين، ويستطيع القيام بتفويض المهام إلى الشخص المناسب، ويقوم بتوضيح المسار والقرارات، ما يساعد الجميع على التركيز على إنجاز مهامهم. إنه الشخص المنسق بين الأدوار، منضبط وذو تركيز على الأهداف ومتزن في تصرفاته ويجيد الاستماع للآخرين ويمتلك خصلة العدالة للحكم بين الأشخاص.
المؤثر Shaper: هو الشخص الذي يركز على المهمة ويوجه الطاقات نحو تحقيق الأهداف، وهو المحرك لضمان احتفاظ الفريق بزخمه. إنه شخص مملوء بالحماس والقوة في العمل ويسعى لإنجاز المهام مهما صعبت، وحتى لو كانت بعض القرارات غير شعبية إلا أنه يصر على تحقيقها.
المراقب Monitor / Evaluator: هو شخص لديه قابلية القيام بمهمة الانتقاد البنَّاء للآخرين، وذلك لكشف الأخطاء بأساليب عقلانية. وقد يكون أقل مشاركة من غيره في الأمور التفصيلية. إنه مراقب لعمل الفريق بصورة منصفة ومنطقية ويسعى لتصحيح ما يجري في الفريق. ليس متحيزاً وغالباً ما يقيّم الخيارات المتاحة بوضوح ونزاهة. قد يتحرك ببطء وبشكل تحليلي من أجل حل المشكلات، ويسعى للوصول إلى القرار الصحيح.
المؤلف بين القلوب Teamworker: وهو الذي يؤلف بين القلوب (إصلاح ذات البين) عبر حمله لهموم الأشخاص ورعاية المسيرة. إنه موهوب في تحقيق التجانس بين أفراد المجموعة ولديه قدرات لمواجهة الصراعات ومساعدة الأطراف على فهم بعضهم بعضاً من دون مواجهة.
المنفذ Implementer: هو الشخص الذي يترجم الأفكار والإرشادات لواقع عملي وهو الذي يهتم بالتفاصيل الدقيقة. المنفذ يأخذ الاقتراحات والأفكار من زملائه ويحولها إلى عمل إيجابي. إنه فعال ومنضبط ذاتيّاً، ويمكن الاعتماد عليه لإنجاز المهام في الوقت المحدد.
المكمل Completer / Finisher: هو الشخص الذي يحرص على إكمال العمل والوصول إلى الهدف من دون تهاون. يمكن الوثوق به لتشطيب المهمة، ولديه شعور قوي من الداخل بضرورة توخي الدقة، والالتزام بمعايير عالية. ويمكن أن يحبط زملاءه من خلال القلق بشكل مفرط بشأن التفاصيل الصغيرة ورفضه تفويض المهام للآخرين.
المتخصص Specialist: شخص متحمس للتعلم في مجال معين يتخصص فيه. ونتيجة لذلك، فمن المرجح أن يكون ينبوع المعرفة لفريق العمل ويتمتع بتعليم وتدريب الآخرين. إنه يسعى إلى تحسين وبناء خبرات فريق العمل، ولديه مستوى عالٍ من التركيز، والقدرة، والمهارة، ويميل إلى عدم الاهتمام بأي شيء يقع خارج حدود تخصصه.
إن أي مجموعة لا يمكن أن تحتوي على جميع المواهب والقدرات، وبالتالي فإن الأدوار التي وصفها بيلبين ستخضع لتفاوت في النفوذ والتأثير بين أفراد أي مجموعة، مع احتمال فقدان بعضها. ولكن هذا الأنموذج من الأدوار المطلوبة يوضح أن نجاح أي مجموعة في عملها، ووصولها إلى مستوى عالٍ من الفاعلية، يعتمد على مدى توافر أكبر عدد من القدرات المحورية المذكورة.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 4752 - الخميس 10 سبتمبر 2015م الموافق 26 ذي القعدة 1436هـ
جميل جداً
أترقب قراءة هذا المقال كل أسبوع!
الإدارة ضرورة
شكرا دكتور منصور الجمري لاختيارك هذا الموضوع الحيوي. التبحر في علم الإدارة يساعد الفرد والمؤسسة والمجتمع على فهم الكيفية المطلوبة للقيام بأي عمل صغيرا كان أو كبيرا. وأي مشروع لا يدار بعلم ومهارة ولم يستوف متطلبات الإدارة يكون محكوم عليه بالفشل. ليتنا في مختلف أنشطتنا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية نوجه تلك الأنشطة بإدارية محترفة.
أكرر لك الشكر دكتور