يحتفل العالم سنوياً باليوم العالمي للعلاج الطبيعي وذلك في الثامن من سبتمبر/ أيلول، ويرجع تاريخ هذا الحدث إلى العام 1996م عندما أعلن الاتحاد العالمي للعلاج الطبيعي هذا اليوم يوماً عالمياً. وكان من أهم الأهداف التي رسمت لهذا اليوم أن يكون يوماً داعماً لكل الاختصاصيين في العالم، ومحفزاً لهم على تقديم المزيد من العناية الإنسانية بالمرضى، والاهتمام بتطوير ذواتهم، وتطوير هذه المهنة لتحقق ما وضع لها من أهداف.
وقفة: ما هو العلاج الطبيعي؟
يعود تاريخ هذا التخصص وتجذّر بعض تقنياته إلى قرون؛ إذ ظهرت توصيات من قبل بعض الأطباء كأبقراط وجالينيوس باستخدام العلاج اليدوي والعلاج المائي على سبيل المثال. ومرَّ هذا التخصص بتطورات كبيرة بل وجذرية، فبعد أن تمَّ تسجيل اختصاصيي العلاج الطبيعي رسمياً في السويد عام 1887، وتدريس هذا التخصص رسمياً في جامعة أوتاغو في نيوزلندا في عام 1913، حدثت نقلة نوعية في هذا التخصص بعد الحرب العالمية الأولى عام 1914؛ إذ ظهرت الحاجة الملحة لإعادة تأهيل الجنود الأميركان وتقليل نسبة العجز بين المصابين. وإلى أن وصل هذا التخصص في يومنا هذا ليكون قائماً على الحرفية والتخصصية؛ فأصبح المنتمي لهذا العلم يتخصص أكثر في أحد المجالات الدقيقة في العلاج والتأهيل، كالتخصص في تأهيل أمراض القلب والجهاز التنفسي، أمراض الجهاز العصبي، العظام والإصابات الرياضية، المرضى المسنين، الأطفال، الحروق وإصابات الجلد، صحة المرأة وغيرها أيضاً.
وفي القرن الواحد والعشرين، يعرّف العلاج الطبيعي على أنه تشخيص وعلاج الاعتلالات الحركية التي تؤثر على القدرات الوظيفية والفيزيائية من خلال فهم حركة الجسم. ويقوم ذلك على الوقاية من هذه الاعتلالات أساساً، ثم علاج وتأهيل ما ينتج من الإصابات والأمراض والعجز من أجل الوصول والمحافظة على أعلى مستويات الأداء الوظيفي وجودة الحياة في مختلف أبعادها البدنية، والنفسية والاجتماعية.
وفي هذه المناسبة لنا رسالتان
رسالة للمجتمع
ما سبق ذكره يكشف لنا مدى الفهم الخاطئ الذي يحمله الكثيرون من أفراد المجتمع لهذه المهنة ومدى ما وصلت له من تقدم في مجال الخلفية العلمية والأكاديمية القائمة على الممارسة المهنية والأبحاث الطبية، فلايزال البعض وللأسف الشديد يعتقد أن العلاج الطبيعي هو المساج، وقد تبين لنا من خلال ما تم استعراضه من تاريخ ظهور هذا المجال وصولاً للتخصصية في هذا المجال، تبين كيف أن تقنيات المساج هي جزء يسير جداً جداً من أحد فروع التخصص وهو فرع العلاج اليدوي، بينما يضم التخصص تقنيات ومدارس كثيرة في الفرع ذاته، علاوة على وسائل وتقنيات أخرى كالعلاج المائي، والعلاج الكهربائي، والعلاج بالتمارين العلاجية والتأهيلية الخاصة على ما به من أنواع وتفرعات كثيرة، والعلاج بالتحريك المفصلي وبما فيه من مدارس مختلفة، والعلاج بالشمع، والعلاج بالوسائل الطبيعية من الحرارة والبرودة، علاوة على جملة من التقنيات المستمرة والمتجددة كتقنيات اللاصق الطبي، والإبر الجافة التي أصبحت مرخصة في أغلب الولايات الأميركية، إضافة لوسائل وتقنيات أخرى كثيرة مرخصة ومعترف بها عالمياً.
رسالة للمؤسسات
والجهات الحكومية المختصة
يعاني اختصاصيو العلاج الطبيعي من تهميش كبير؛ فوجود فائض من العاطلين وشح في الشواغر الوظيفية الحكومية يضطر الاختصاصي للعمل في القطاع الأهلي وهنا تبدأ حكاية طويلة. فلا راتب مجزياً، ولا مكافآت ولا علاوات، ولا حياة اجتماعية في ظل أوقات الدوام المفروضة، ثم وفوق كل ذلك سوء معاملة وظلم وإجحاف من قبل البعض، وللأسف يتم أغلب ذلك تحت غطاء قانوني بسبب هزالة بعض القوانين التي تصب في مصلحة المؤسسات وتهمِّش دور العمال. ورسالتنا للمؤسسات المختصة في هذا اليوم هي أن يسعوا لاستغلال الطاقات الشبابية والكفوءة قبل أن تذبل وذلك بالسعي لخلق الفرص المناسبة لهم. ثم أن تسعى لتحسين قوانين العمل في القطاع الأهلي ليكون متقارباً على الأقل بالقطاع الحكومي، وأن تعمل على فرض الرقابات القانونية المناسبة على ما تقوم به بعض المنشآت من سوء المعاملة والاستغلال للعامل، وهذا بشكل عام موجود في أغلب التخصصات.
نتمنى في هذا اليوم أن تكون كل هذه الرسائل قد وصلت إلى من يهمه الأمر، وإلى كل من يسعى لتطوير هذا التخصص والنهوض به. لا نريد لهذا التخصص أن يكون مهمّشاً في المجتمع، ولا أن يكون مطيةً للظلم والاستغلال؛ فأهداف هذه المهنة بصبغتها الإنسانية ترقى على كل ذلك لتجعل من تحسين جودة حياة المرضى والوصول بهم إلى أفضل المستويات المتاحة على سلم أولوياتها... وكل عام وجميع المنتسبين لهذا التخصص بخير.
إقرأ أيضا لـ "محمد الريس"العدد 4749 - الإثنين 07 سبتمبر 2015م الموافق 23 ذي القعدة 1436هـ
الواقع المرير
فعلا القطاع الخاص ملئ بجميع انواع الاستغلال البشع معتمدين في ذلك على موافقة الاخصائين و خضوعهم بسبب انعدام الفرص
صحيح وواقعي جدا
أصبت الواقع ... هذي حالتنا في القطاع الخاص سيئة بشكل كبير
بارك الله فيك
موضوع رائع وقلم جهبذ ، بوركت أستاذ محمد.