سئل أحد المهنيين المهرة: من علمك كل هذا الأداء المتقن في عملك؟ فأجاب: إنها المعاناة !
تخلق المعاناة لدى بعضنا إصراراً ورغبةً في النجاح تفوق ما يخلقه اليسر لدى بعضنا الآخر. وهذا بالطبع ليس تعميماً بأن كل من يعاني لابد وأن يكون مبدعاً أو العكس، ولكن أخبار الناجحين ممن عانوا في حياتهم دائما ما تحوز على مساحة جيدة في الإعلام والأحاديث المتداولة في الجلسات الاجتماعية، فيبدو الأمر وكأنه ظاهرة سائدة.
كنت في حديث ذات مهرجان شعري مع أحد الشعراء حول بداياته مع عمله الحر، وفوجئت بأنه كان ابناً لمعاناة ممتدة؛ إذ كان والداه من النازحين من فلسطين المحتلة، فاضطر للعمل بعد أن وصلا معه وإخوته العشرة مذ صغر سنه ليستطيع مساعدة والده في مصاريف المنزل، وتوفير أبسط احتياجات الحياة.
بدأ عاملاً في أحد المصانع مذ كان طالباً في المدرسة، ثم انتقل بعد تخرجه من المرحلة الثانوية ليكون مندوباً لأحد شركات بيع الأدوية كي يستطيع إكمال دراسته الجامعية، وما إن تخرج بشهادة البكلوريوس حتى سافر للعمل في إحدى دول الخليج التي أصبح فيها بعد فترة وجيزة مديراً لإحدى المدارس بسبب سيرته الطيبة وتفانيه في عمله، إلى أن قرر العودة إلى أسرته وببلاده الثانية التي استضافته وأهله وفكرة إنشاء مصنع للأدوية تراوده ليلاً نهارا إضافة إلى فكرة إنشاء روضة للأطفال، وبالفعل استطاع افتتاح مصنعه وروضته التي تحولت إلى مدرسة خاصة ومازال طموحه مستمراً حتى اليوم، يطور من أعماله، ويسعى لكل جديد ومتميز في مجال عمله الخاص حتى اقتنى قطعة أرض جديدة ليبني فيها مدرسة أكبر حجما وأكثر تطوراً، وإلى جانب كل هذا فإنه مازال وبرغم كل هذه المشاغل في العمل والحياة الاجتماعية يكتب الشعر ويتميز به ويلفت الأنظار في كل محفل يشارك به.
شاعرنا هذا ليس الوحيد الذي صنعته المعاناة، وفلسطين المحتلة ليست الدولة الوحيدة التي صنعت ناجحين شقوا طرقهم في وسط الصعاب، فالمتميزون موجودون في كل البلدان ولدينا في بلادنا منهم الكثير ممن استطاعوا تطويع الألم وتحويله لأمل، وتجاوزوا كل معاناتهم وتعبهم ليكونوا اليوم في مقدمة المبدعين في شتى المجالات الاقتصادية والتجارية والصحية والتعليمية والأدبية.
حين يطوع المرء كل ما حوله ليكون وسيلة للوصول إلى أهدافه يستطيع أن ينجح وينجز، بعكس الذي يستكين لألمه ويكون أسيراً له ويقف مكانه بحجة أن ظروفه تمنعه من النجاح أو تمنعه من تحقيق أحلامه.
العثرة الأولى في الحياة هي النفس ذاتها حين تكون مستكينة وغير قادرة على الإنطلاق بفضل الأفكار المتشائمة التي لا صحة لها ولا مكان لها في حياة تدور عجلتها بسرعة غير مكترثة بكل متردد وبكل خائف وكل كسول، ومتى ما استطاع المرء إزالة هذه العثرة فإن البقية لن تكون سوى مجرد صعوبات يتجاوزها بإصراره ورغبته في النجاح.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4746 - الجمعة 04 سبتمبر 2015م الموافق 20 ذي القعدة 1436هـ
المعاناه .
المعاناه مقابل الايجابيه تعني النجاح المُحتم.
الابداع
بل قولي أن الابداع الحقيقي لا يأتي الا من المعاناة
هناك مبدعون ميسورون
هناك كثير من المبدعين الميسورين والناجحين في مجالات عالم ريادة الاعمال ومجالات الفن التشكيلي والادب وغيرها.
الكاتبة قالت ان المعاناة تخلق كثيرا من الابداع ولكنها ليست شرطا في ذلك وصدقت