العقل العضو المقيد عن العمل في العالم الثالث

تعقيباً على ما ورد في مقال يحمل عنوان: «الجرأة على التفكير» أود القول بأنه لولا وجود الإنسان هل كان هناك ما يسمى «الفكر» أو «التفكير»؟ هل الفكر أصل الأشياء، أي أنه ينتج عنه تفكير معين يؤدي إلى شيء معين، فمثلا كما قال الفيلسوف والمفكر الفرنسي ديكارت: «أنا أفكر فأنا موجود» فبعد أن استبعد وجود كل الأشياء، فجأة فكر ديكارت قائلاً بما معناه «نعم أنا أستبعد وجود كل شيء؛ لكني موجود؛ لأني أفكر بأن كل شيء غير موجود فإذن هناك من يفكر وهو أنا»، إذن الفكر والوجود، أي الحياة، صنوان لا يفترقان، والفكر امتاز به الإنسان على المخلوقات الأخرى، والأفكار الخاصة بكل انسان فيها طاقة إبداعية مختلفة عن إنسان آخر، وهناك ما يسمى بامتحان الذكاء يبين، مدى القدرة الفكرية الإبداعية لإنسان مقارنة بإنسان آخر.

فمثلا التفاحة كانت تقع من أعلى الشجرة، وكان كل شخص يرى هذا المنظر، ولا يكترث له، ولا يفكر فيه، وفجأة وعندما كان المفكر اسحق نيوتن جالساً تحت شجرة تفاح سقطت منها تفاحة على الأرض، فكر مليا في أنه كيف اختارت التفاحة السقوط على الأرض عن التحليق في الفضاء؟ ونتيجة تفكيره اكتشف قانون الجاذبية الأرضية، وهناك مفكر آخر اسمه ارخميدس الذي اكتشف قانون الطفو بعد أن غطس في مغسلة، وفاضت المغسلة بالمياه، وهنا صرخ مناديا «وجدتها وجدتها»...

من المعروف ان أية آلة تبقى لمدة طويلة بدون تشغيل للاستخدام ستكتسى بالصدأ، ويصيبها الالتحام والالتصاق، وهي تحتاج إلى صيانة داخلية وتصقيل خارجي، وأن تغذى بالشحومات المطلوبة لتحريك مكوناتها، والشيء نفسه ينطبق على العقل الذي العمل المنوط به هو الفكر والتفكير يبدأ عندما يحس الفكر أنه قد تم كسر قيود العقل، ومساحة الفكر أمامه ليست ضيقة بل واسعة شاسعة إلى أقصى حد.

بهذا الكلام أود أن أثير سؤالا أصبح يكرر مرارا، وهو لماذا لا تزال الدول العربية متخلفة بالنسبة إلى الدول المتقدمة؟ هل سببه تقييد الفكر؟، وقد سردت قصة ذكرها أستاذي الجامعي بأن رجلا كان يعمل لمدة أربعين سنة في تحريك آلة من الشمال إلى الجنوب، وجاء مدير جديد وقال للموظف: «ما رأيك لو غيرنا جهة التحريك من الجنوب الى الشمال؟ «وما إن سمع الموظف هذا السؤال الذي يعني استخدام عقله للتفكير حتى أصيب بجلطة دماغية، ونقل إلى المستشفى لأنه وجه الى روتين وقيود عقله المعتاد على عدم التفكير الذي لا يسمح له بالإجابة.

عبدالعزيز علي حسين

يقولون اختفى الوفاء ولكنه مازال ينبض

الوفاء أمر فطري في الإنسان فكل شخص مولود به كميات هائلة من الوفاء؛ ولكن مع مجتمع مثل هذا، وتمرس البشر بالخداع ينغمس الوفاء بداخلنا ويطغى الغدر فقط، ليتماشى مع هذا العصر ومعايشيه؛ ولكن لا تستطيعون القول بأن الوفاء صفة معدومة، ولا يوجد من هو وفيّ في هذه الحياة، تريث قليلاً وأجب عن هذه الأسئلة، هل عاشرت الناس جميعاً؟ ماذا عن نفسك؟ هل أنت شخص وفي؟ إن كنت لاتملك صفة الوفاء فستظل دائماً تنظر لمن تراه وفيّاً أن في جيوب قلبه مصلحة يريدها، وإن كنت تمتلكها في عصر تراجعت صفة الوفاء فيه فستجدها في غيرك حتماً.

في طيات حياتنا دائماً مانصاب بخيبات أمل، وخيانات، وكثيراً ما يتغير أناس كنا نحسبهم كنصفنا الآخر؛ ولكن عندما نبكي ونندب حظنا على من خذلنا، هناك فقط ستجد الشخص الذي سترى فيه الوفاء.

الشخص الذي بعدد خيبات الأمل التي تصيبك، وبعد تعثرك في هذه الحياة لايزال وسيبقى على الدوام بجانبك، ولكننا دائماً نرى الجانب الحزين و السلبي ونبكي، وعندما تمر لحظات سعيدة و تجلس بجانبنا لا نتمكن من رؤيتها بسبب امتلاء أعيننا بالدموع، وتضاخم الحزن بداخلنا بسبب خيبات أمل قد يكون سبب زوالها فقط فتح عينيك و رؤية ابتسامة الشخص الجالس بجوارك.

امسحوا الدموع التي غطت أبصاركم، وسترون الوفاء يتجسد في شخص دائماً بالقرب منكم قد يكون أب، أم، أخت، أخ، صديق أو حبيب فأنتم تقولون اختفى وهو لايزال في عديد من الذين بجانبكم .

كوثر محمد

هاشتاق «بحريني بلا وظيفة»

لطالما كانت الطامة الكبرى الأخرى بعد معضلة الإسكان هي في الحصول على وظيفة تحقق للفرد أعلى مستويات البذل برضا، وتحقيق الذات في سبيل العيش الرغيد، والتي أصبحت شبه مستحيلة لبعض الشباب في الوقت الراهن، وهناك من الشباب من يعتبر السعي وراء وظيفة بنفسه مضيعة للوقت في خضم تحديات الحياة الحالية التي تفرض على كل شخص قتالاً ونزاعاً بين العقول على مستويات عديدة لاستحقاق ما ستعطيه له «الواسطة» من دون أن يكون له أي جهد يذكر.

من فترة بسيطة أطلق الناشطون البحرينيون في تويتر هاشتاق «بحريني بلا وظيفة» وشهد تفاعلاً واسعاً من الشباب البحريني، فالبعض لايزال جالساً في بيته يترقب اتصالاً من شركة أو جهة تعيد له الشعور بالحماس بعد أن مضى على تخرجه من المرحلة الجامعة مدة تتراوح ما بين السنتين وتمتد إلى أكثر من ذلك بكثير في بعض الأحيان، والآخر قد تخرج تواً وفوجئ بأحوال من سبقوه، وهناك من يترقب تخرجاً ليلحق بركب العاطلين عن العمل ويصنف ضمن المصنفين في «بحريني بلا وظيفة».

إن جوهر هذه المشكلة يتمحور في نقطتين اثنتين: الأولى أن معظم المؤسسات والشركات سواء الحكومية أم الخاصة تشترط أن يحمل المتقدم للعمل لديها شهادة خبرة لا تقل عن الثلاث سنوات، فضلاً عن بعض الشروط التي قد تكون تعجيزية للبعض كلٌ حسْبَ استطاعته، كامتلاك شهادة خاصة من جهة معينة، أو شروط تتعلق بالمظهر الخارجي الذي يعتبر بدوره حرية يشكلها كيان الفرد نفسه ولكن من دون الإخلال بالأخلاق العامة للمكان بالتأكيد.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الأشخاص الكفء المتقدمين للعمل قد يُظلمون في بعض الحالات كون الجهات تعتمد - بشكل كلي أحياناً - على المهارات الشخصية كالقدرة على الحديث وإدارته، ومهارات المبالغة فيه، ما يعني أن الشخص الخجول ليست لديه أدنى فرصة للحصول على تلك الوظيفة المنشودة.

أما النقطة المحورية الثانية فهي تتعلق بالباحثين عن عمل أنفسهم، فنرى أنه لا يوجد لدى البعض ما يسمى بالسلم الوظيفي والارتقاء فيه درجة درجة، بل نراهم يريدون الحصول على وظيفة الأحلام في بداية المشوار من دون تكبد عناء أو تعب، ناهيك عن اختفاء ما يسمى بالقناعة الوظيفية وعدم قبول الشاب البحريني لأن يعمل في أية وظيفة كانت من أجل توفير لقمة العيش، لأنه لا يعمل لجوهر العمل، بل من أجل المظاهر.

إن ما يأتي بسهولة يذهب بسهولة، فلماذا نظل نعتقد أن الوظيفة طائر يحلق عالياً في السماء ونظل مسمرين في مكاننا نراه فوق رؤوسنا من دون أن نفعل شيئاً؟

إنها معادلة بسيطة، بقدر ما تقدم تأخذ، اجتهد من أجل أن تصل لغايتك فتصل، أما من يجلس في بيته ينتظر أن تطرق بابه وظيفةً يتمناها فلينتظر لكن من دون أمل، فلم نسمع قط بوظيفة تمشي على رجلين وتزور البيوت لتعطي عطايا ثمينة.

سوسن يوسف