العدد 4718 - الجمعة 07 أغسطس 2015م الموافق 22 شوال 1436هـ

عادل خزام يبحث عن الحرية في رحلة مع الحكيم والشاعر

في روايته «الحياة بعين ثالثة»

استطاع الروائي والشاعر عادل خزام من خلال روايته «الحياة بعين ثالثة» أن يخلق مزيجاً مدهشاً بين الفنون الأدبية المختلفة والعلوم الأخرى، فكانت فسيفساء متنوعة تتوهج فيها الرواية والشعر والفلسفة والحكمة وعلم البرمجة اللغوية العصبية.

وما هذا الحضور المكثف لهذه الأشكال الأدبية والعلوم إلا دليلاً على ثقافة الكاتب وخبراته وتجاربه العميقة، بحيث يأخذنا معه لنعيش الحياة بعين ثالثة كما أطلق على روايته.

مقدمة الكتاب أو الإهداء كانا بمثابة تحية إجلال وثناء لتلك القديسة (الأم) التي يصفها بالرحمة والحنان والعطاء، وفي نهاية إهدائه يصل الى نتيجة واحدة وهي أن الأم هي جل حياته.

تبدأ الرواية من خلال السارد (الراوي) الذي كان يشعر بالعطش حين وصل لقرية مات أهلها بسبب الجفاف، وبعد البحث اكتشف نبع الماء تحت صخرة بالصدفة، ولما أراد الانحناء لشرب الماء، وجد شخصين يقفان أمامه، هما الشاعر والحكيم، وبعد ذلك يتفق الثلاثة (الراوي والشاعر والحكيم) على المضي في رحلة لا يمكن التكهن بنهايتها!

طوّع الكاتب شخصياته الثلاث بشكل يجعل القارئ ينظر للأشياء في الحياة والكون بمنظار مختلف، ولقد لعبت الشخصيات الثلاث أدواراً أساسية في الرواية ومشاهدها المتلاحقة، ولكن يبقى دور الشاعر والحكيم هما الأبرز في الرواية.

غلب على الرواية الأسلوب السردي للأحداث، ومع ذلك لا يشعر القارئ بالرتابة والنمطية في تناول المشاهد، فهناك صعود وهبوط في الأحداث، ولعبة من التوازن في إعطاء كل شخصية حقها في الحدث، كما اتخذ الكاتب منهج الحوار بين الشخصيات الثلاث (الراوي والشاعر والحكيم) مع دخول شخصيات أخرى ثانوية بحسب تغيّر الموقف والمكان والزمان.

الراوي (السارد): كان له دور المُحاوِر، أو من يقوم بطرح الأسئلة خلال الرحلة على الحكيم والشاعر، وربما أراد الكاتب بإعطائه هذا الدور، جعله مثالاً على الإنسان البسيط الذي لم تعركه الحياة وتجاربها.

الشاعر: كان ينظر للأمور بلغة المشاعر والعواطف، وأحياناً يُهيمن الخيال والأمل والحلم على أفكاره، ويحمل رسالة للحب والخير والجمال.

الحكيم: كان يرى الأشياء بعين الحاذق وصاحب التجارب والخبرات المتراكمة في الحياة، ويُحكِّم عقله في تدبير الأمور، ويرى الحب وسيلة للنجاح والأمان والحرية.

تستند هذه الرواية على كثيرٍ من العبارات والجمل التي تحمل الأفكار الفلسفية والحكمة والدعوة لتغيير الذات واللجوء للحب والصفاء، ونرى في المقابل لغة شعرية متخيّلة، وجُملاً شعرية قصيرة ومختزلة، وكلُّ ذلك يجعلك تقف أمام رواية تحاكي العقل والقلب بطرائقها المنسوجة بإبداعٍ متقنٍ.

هذه بعض العبارات والجمل الشعرية المقتطفة منها:

«كلُّ صمتٍ تُمارسه عن قصدٍ هو جسرٌ يقودك إلى غرفة السكون العميقة في ذاتك. الغرفة التي لا تسمع فيها شيئاً سوى موسيقى الكون التي تعزف بلا آلات».

«يكسر الفقير حصالة العمر ويفتش بين قشورها عن الزمن الذي ولّى في الانتظار. الزمن الذي جفّ على عتبة الأبواب المغلقة وكان عصياً على كل المفاتيح».

«الطبيعة في شكلها المقلوب تُسمى: السيرك

أنا وقلبي متفرجان على مرورك فوق اسمينا

نروّض بعضنا بالحب

ونذوب لأنكِ تقفزين أمامنا من وعد لوعد».

«بالماء أنا سماءُ

أمنح الحرية للغرقى عشاق الرحيل إلى الأبد

كل سفينة فوق ظهري هي أرض الحياة الحق

وهي البلاد التي لا يحكمها أحد».

«تلتوي الطرقات، وتعود لتستقيم، لكنها لا تنتهي أبداً، والمشي في الدروب صعوداً ونزولاً هو ما يمنح الحياة لذتها».

وتبقى هذه الرواية مفتوحة على مصراعيها للتأمل في معنى الحب والحرية والأمل في مشاهد طرّز تفاصيلها الكاتب عادل خزام.

العدد 4718 - الجمعة 07 أغسطس 2015م الموافق 22 شوال 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً