أجريت عملية لطفلة لاستئصال اللوزتين، وعندما أخرجوها من غرفة العمليات إلى جناحها، كان النزف لايزال مستمراً من دون توقف.
فتم استدعاء طبيبة العائلة لتنظم للهيئة الجراحية بعد أن قرر الأطباء إدخالها مجدداً لغرفة العمليات. وبتدقيق بسيط، فطنت الطبيبة إلى سبب النزيف، إذ عرفت أن الهيئة الجراحية تداولت حديثاً في غرفة العمليات عن عملية أجريت في ليلة سابقة مماثلة لعملية الفتاة لامرأة مصابة بمرض عضال، وأن نزيفها لن يتوقف.
عندها طلبت الطبيبة من الطاقم أن يتحدث أمام الفتاة بعبارات تحفيزية وهي أن الطفلة ستتعافى بسرعة بعد العملية، وأن الدم سيتوقف، وحالتها ليست مشابهة للسيدة التي أجريت لها عملية الأمس. وبالفعل وبعد تكرار الحديث هذا توقف النزيف وانتهى مفعول التخدير وعادت الطفلة إلى منزلها في اليوم التالي.
لقد ادرك العلم الحديث، أن ما يسمى «التثبيت» هو أحد أهم المكتشفات في عالم التنويم المغناطيسي؛ إذ إن تثبيت الرسالة في أعماق الفرد يتم عندما تقترن الرسالة بمؤثرات إضافية، ولهذا لابد وأن نثبت في أعماقنا كل إيجابي ومحفز لنستطيع مزاولة جميع أنشطة حياتنا اليومية بشكل أفضل، حتى أن الكتاب والروائيين كتبوا حوله وألفوا روايات تنضح تفاؤلا وإيجابية باستخدام ذات الأمر كالروائي البرازيلي باولو كويللو على سبيل المثال.
العقل الداخلي للفرد نشط في تلقيه المعلومات، ومن المهم أن تكون لدينا القدرة على الوصول إليه بأنفسنا والتأثير عليه، وهذا يحتاج إلى مرانٍ وتجارب وإصرار على النجاح؛ إذ ليس من السهل على أي شخص أن يغير طريقة تفكيره، ويرسم لنفسه خطاً إيجابياً يؤمن به في كل الحالات وفي جميع الأوقات وخصوصاً في أوقات التعرض للمشكلات أو الفشل المؤقت في إنجاز أي مهمة كبيرة كانت أو صغيرة، ومن الصعب أن يستمر الإنسان في إيجابيته دائماً وهو يرى السلبيين من حوله ومن يحاولون دائما نشر سلبيتهم لجميع من حولهم.
أقول من الصعب وليس من المستحيل، ومع هذا، فإن لحظات -وأقول لحظات- اليأس قد تدخل إلى أعماقنا وتؤثر على مشاعر الإيجابية بداخلنا، ولكن لابد وأن ننتبه إلى أن هذه اللحظات يجب ألا تطول، لأن النور موجود في نهاية كل طريق مظلم، والشمس لابد وأن تشرق بعد كل ليلة حالكة الظلام.
طعم النجاح جميل، وفرحة الإنجاز لا تعادلها فرحة وخصوصاً حين يتحدى أحدنا الصعاب من حوله ويجتاز العثرات الكثيرة التي وضعها هو لنفسه لا شعورياً ووضعها الآخرون أمامه وتلك التي تضعها لنا الحياة بطبيعة الحال، ولهذا لابد من التركيز على هذه اللحظات والتشبث بها، وتذكر حلاوتها عند كل يأس وكل إحباط، لنتدارك اللحظة ونقف ثانية وكلنا أمل في النجاح مجدداً، نمضي بخطى الواثق من ربه ونفسه، بقلب لا يعرف اليأس، وروح لا تقبل الهزيمة، لأنها تعي تماماً أن الحياة منعطفات وقمم وقيعان، وأن بعد كل تعب راحة تأتي بحجم العزيمة والإصرار.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4744 - الأربعاء 02 سبتمبر 2015م الموافق 19 ذي القعدة 1436هـ