زارني المحبوب في عزّ المنام

هيج الذكرى لأيام الزمان

وعيون رزات فاضت للكرام

يا ظفار العز صيتك والمكان

جرفني الحنين مرة أخرى إلى ظفار أرض اللبان والبخور والأصدقاء في الزمن الجميل، وبالطبع في موسم ربيع ظفار وهو المعروف بالخريف، أو الخرف باللغة الشحرية المحلية.

يستمر موسم الخريف لجنوب الجزيرة العربية من منتصف يونيو/ حزيران حتى منتصف أغسطس/ آب، إذ تتسبب الرياح الموسمية والتي تحمل معها الغيوم الكثيفة، من المحيط الهندي وتصطدم بجبال ظفار لتتساقط الأمطار بكثافة، لتخضر الأرض، وتتحوّل ظفار إلى جنةٍ من الأشجار والأزهار والعشب الأخضر. يلف ظفار بدءًا من الساحل مروراً بالجربيب ثم بسلسلة الجبال ثم النجد من ضباب كثيف، ويهيج البحر بحيث تتوقف الملاحة، وتتميز ظفار في هذا الموسم دون سائر مناطق الجزيرة العربية بانخفاض درجة الحرارة بحيث تتراوح في النهار ما بين 17و27 درجة، وتنخفض بالطبع ليلاً لما دون ذلك، وتغطي الغيوم ظفار من ساحلها حتى صحرائها.

ويعتبر شهر أغسطس/ آب الشهر المثالي للإجازات في ظفار، إذ يتوقف هطول الأمطار إلا من رذاذ على امتداد الساحل الذي يضم أهم المدن ومنها العاصمة صلالة وطاقة وسدح ومرباط وريسوت وضلكوت ورخيوت، فيما تظلل الغيوم الساحل، والضباب يلف الجبال، والطقس لطيف معتدل، وعيون المياه تتدفق والشلالات تهدر المياه، والسواقي تفيض.

خلال شهر أغسطس وأحياناً قبله، يتدفق مئات الآلاف من السياح والزائرين، وغالبيتهم من عمان والإمارات ثم دول مجلس التعاون الأخرى، على ظفار وخصوصاً صلالة، التي تستأثر بغالبية السياح وقليل منهم في مرباط وطاقة. وقد شهدت صلالة بالتحديد توسعاً عمرانيّاً هائلاً، وافتتاح العديد من الفنادق، وكثير منها للفنادق الدولية والشقق الفندقية، والمجمعات السياحية، بحيث تتوافر للسائح خيارات متعددة بحسب رغبته وموازنته. كما تتوافر في ظفار شبكة طرق ممتازة تمكن السائحين من التجوال في ريف ظفار والتمتع بالطبيعة الخلابة، لكن التوجه هو عدم فتح فنادق في ريف ظفار.

ومن أهم ما يجذب الزائرين إلى ظفار مهرجان صلالة الذي يمتد طوال شهري يوليو/ تموز وأغسطس/ آب، والذي يقام على أرض واسعة تتوافر فيها مختلف وسائل الترفيه والمعرفة، وفي قلبها القرية التراثية، إذ تجرى عروض الفرق الغنائية والرقص الشعبي لفرق من مختلف مناطق عمان والبلدان المجاورة مثل الإمارات واليمن.

وهناك عدة مسارح وقاعات لعرض التراث والآثار العمانية، وألعاب للأطفال ومطاعم عدة، ودكاكين لبيع المنتجات المحلية وخصوصاً أنواع اللبان والعطور والبخور والملابس التقليدية، وأماكن للحرف التقليدية مثل النقش والحناء. كما توجد معارض لمختلف وزارات وهيئات ومؤسسات الدولة والشركات. وقد تطور المهرجان لتصاحب مهرجان صلالة الترفيهي فعاليات ثقافية تقام على مسرح مركز السلطان قابوس العالمي، إذ حضرت ندوة التراث والهوية والمواطنة لأكاديميين عمانيين.

ولقد شرفني الأخوة العمانيون بلقاء مع تلفزيون ماجان (الاسم القديم لعمان) إذ تحدثت فيه عن ذكرياتي في ظفار والعلاقات الأخوية المتينة بين شعبي البحرين وعمان، كما كان ذلك فرصةً بالطبع للقاء أصدقاء الزمن الجميل، والتعرف على أصدقاء جدد من الجيل الجديد من الأدباء والشعراء والإعلاميين والأكاديمين وغيرهم.