طغى اللون الأصفر على وسط كوالالمبور أمس الأحد (30 أغسطس/ آب 2015)، إذ احتشد آلاف الماليزيين لليوم الثاني على التوالي للمطالبة باستقالة رئيس الوزراء بسبب فضيحة مالية، فيما هددت الحكومة بالتحرك ضد المنظمين.
وهذه التظاهرات، بين الأضخم في ماليزيا منذ سنوات، لاتزال حتى الآن دون حوادث تذكر، رغم منعها من قبل الشرطة وحجب السلطات أيضاً الموقع الالكتروني الذي يستخدمه منظمو التظاهرة، كما أزالت شعار حركة (نظيف) والقمصان الصفراء التي يرتديها أنصارها.
واستيقظ آلاف المتظاهرين في شوارع المدينة، إذ امضوا الليلة في ميدان الاستقلال، وسرعان ما انضم إليهم عشرات آلاف آخرين لاستئناف التظاهرة التي ستلقى فيها كلمات وتصدح الموسيقى وترفع صلوات وسط أجواء احتفالية والتقاط صور «السيلفي».
إلا أن العدد ليس مطابقاً لتظاهرة السبت، عندما قال المنظمون إن المشاركين كانوا 200 ألف، فيما قالت الشرطة إن العدد بلغ 29 ألفاً.
وكانت تظاهرات سابقة نظمتها حركة المجتمع المدني برسيه (وتعني نظيف بالملاوي) انتهت بصدامات مع الشرطة في 2012.
وشكلت هذه الحركة من أجل المطالبة بإصلاح النظام الانتخابي الذي تقول إنه غير عادل ويسمح بفوز حزب المنظمة الوطنية رغم العدد القليل لناخبيه.
وقال المحامي سايمون تام: «نأمل أن يكون عدد المشاركين اليوم مثل أمس، لإيصال رسالة إلى الحكومة، أنها مارست الكذب والسرقة لمدة طويلة والشعب لن يسكت بعد الآن».
وحذر نائب رئيس الوزراء زاهد حميدي، هو أيضاً وزير الداخلية، من أن المنظمين قد يواجهون اتهامات محتملة فيما يتعلق بقوانين التجمع والتحريض وغيرها.
ونقلت وسائل الإعلام الرسمية عن حميدي قوله «نحن نتابع أيضاً كل كلمة يقولونها، ونعرف كل تحركاتهم».
وتندد التظاهرة الموجهة ضد رئيس الوزراء نجيب عبدالرزاق بالفضيحة المالية الكبيرة لشركة «1ماليجيا ديفلوبمنت برهاد» التي أنشئت بمبادرة منه بعيد وصوله إلى الحكم في 2009، وترزح اليوم تحت ديون تناهز 10 مليارات يورو، ويشتبه في انه اختلس 460 مليون يورو منها.
وقد تضاعفت الدعوات إلى استقالة نجيب في يوليو/ تموز، بعدما كشفت صحيفة «وول ستريت جورنال» معلومات تفيد بأن محققين ماليزيين اكتشفوا أن حوالي 2,6 مليار رينغيت (640 مليون يورو) دخلت حسابات شخصية تخص رئيس الوزراء. لكن وزراء في حكومته يؤكدون أنها «هبات سياسية» مجهولة مصدرها الشرق الأوسط.
وقد أغلقت الحسابات ولم يكشف مصير الأموال. وينفي نجيب ارتكاب مخالفات، قائلاَ إنه ضحية «مؤامرة سياسية» للإطاحة به.
ومع خروج تجمعات صغيرة ضد رئيس الوزراء في أنحاء البلاد، أعلنت وكالة الأنباء الرسمية القبض على 12 شخصاً في مدينة ملاكا لارتدائهم قمصان الحركة.
لكنها أكدت إطلاق سراحهم لاحقاً، ولم تتضح ما هي التهم التي قد يواجهونها.
وتلقت التظاهرات دعماً مساء السبت، حين ظهر رئيس الوزراء السابق مهاتير محمد البالغ من العمر 90 عاماً، لوقت قصير.
وشكل ظهور مهاتير الذي يتمتع بوزن كبير في الحزب الحاكم مفاجأة، لأن حكمه الذي دام 22 عاماً (1981-2003) لم يكن يتحمل أي معارضة.
فقد وصف محمد الذي كان حذر من أن عبدالرزاق يقود البلاد إلى طريق مسدود، رواية «الهبات السياسية» بأنها «سخيفة».
وعلت الصيحات لمهاتير رغم عدم إلقائه خطاباً بالحشود. وقال المنظمون إن حضوره دليل على أن التحرك ليس مدعوما من المعارضة فقط.
ويعتبر بعض المراقبين أن التظاهرة لا تشكل تهديداً كبيراً لرئيس الوزراء.
ويتهم المتظاهرون أيضاً رئيس الحكومة بسوء إدارة الاقتصاد وإجراء إصلاح انتخابي ملائم لحزبه «المنظمة الوطنية للماليزيين المتحدين» التي تتولى الحكم منذ الاستقلال في 1957 عن الاستعمار البريطاني.
وكانت حركة برسيه تخطط للبقاء في ساحة الاستقلال، ولكن جرى تطويقها من قبل مئات من رجال الشرطة الذين يقفون خلف المتاريس.
العدد 4741 - الأحد 30 أغسطس 2015م الموافق 16 ذي القعدة 1436هـ