تكثفت الدعوات في أوروبا أمس الأحد (30 أغسطس/ آب 2015) من اجل معالجة أزمة المهاجرين غير الشرعيين بعد أسوأ مأساة تسجل في النمسا إثر العثور على جثث 71 مهاجراً داخل شاحنة فيما تواصل تدفق اللاجئين إلى المجر عبر صربيا رغم بناء حاجز جديد من الأسلاك الشائكة.
وأعلنت الشرطة المجرية أنها اعتقلت مشتبها به خامساً بارتكابه جريمة اتجار بالبشر، على صلة بقضية الشاحنة المتروكة إلى جانب طريق سريعة في النمسا والتي قضى فيها 71 مهاجراً اختناقاً على الأرجح.
وفي الوقت نفسه، غادر ثلاثة أطفال، كانوا أنقذوا من شاحنة أخرى، المستشفى.
وفي هذا السياق، دعا البابا فرنسيس أمس (الأحد) إلى «تعاون فعال» في شأن «الجرائم المسيئة للإنسانية جمعاء».
ومأساة الشاحنة، بالإضافة إلى غرق مركب في المتوسط أودى بحياة 111 شخصاً الخميس، كانا بمثابة تذكير بفشل أوروبا في التعامل مع تدفق مئات آلاف المهاجرين.
وذكرت المفوضية العليا للأمم المتحدة للاجئين أن أكثر من 300 ألف مهاجر عبروا البحر المتوسط منذ يناير/ كانون الثاني هرباً من النزاعات في إفريقيا والشرق الأوسط. كما أن ملايين متواجدون داخل مخيمات في تركيا والأردن ولبنان.
ولقي أكثر من 2500 شخص مصرعهم في البحر خلال محاولتهم الوصول إلى أوروبا، بعد حشرهم داخل مراكب غير صالحة للإبحار.
وقال رئيس الوزراء الايطالي ماتيو رينزي: «إن على أوروبا أن تتحرك لا أن تنتظر دفعها للتحرك»، مجدداً الدعوة إلى توزيع أكثر عدلاً للمهاجرين بين الدول الـ28 في الاتحاد الأوروبي.
والأحد، وجهت كل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا دعوة مشتركة لعقد اجتماع عاجل لوزراء الداخلية والعدل في الاتحاد الأوروبي خلال الأسبوعين المقبلين لاتخاذ «تدابير فورية» وإحراز «تقدم ملموس».
بدوره، أعلن رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس الأحد تأييده أن تستقبل بلاده المهاجرين غير الشرعيين «الهاربين من الحرب والاضطهاد والتعذيب والقمع»، داعياً إلى معاملتهم «باحترام».
وانتقد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الموقف «المشين» لبعض دول شرق أوروبا بدءا بالمجر وعدم تعاونها في حل أزمة المهاجرين الذين يتدفقون بالآلاف على دول الاتحاد الأوروبي.
وإذا كان المهاجرون يسعون للوصول إلى اليونان، فإن أعداداً كبيرة منهم تمر في دول غرب البلقان، للدخول إلى المجر العضو في الاتحاد الأوروبي. وكانت مقدونيا دعت إلى إعلان حالة طوارئ قبل أسبوعين.
وانطلاقاً من المجر، تحاول غالبية هؤلاء الوصول إلى أوروبا الغربية، وخصوصاً ألمانيا والسويد.
وفي مسعى لمنع دخولهم، أقامت المجر سياجاً من الأسلاك الشائكة على حدودها الممتدة على 175 كلم مع صربيا، مع حراسة من شرطة الحدود والكلاب ودوريات مزودة بسيارات دفع رباعي.
لكن السياج من ثلاثة أطواق من الأسلاك الشائكة فشل في منع عبور المهاجرين.
وأعلنت الحكومة المجرية أنها ستبني إضافة إلى ذلك جداراً بطول أربعة أمتار، كما ستشدد العقوبات على الأشخاص الذين يدخلون بطريقة غير شرعية.
وذكرت الشرطة أن 3080 مهاجراً عبروا الحدود الصربية المجرية السبت، وهو ثاني أكبر عدد في يوم واحد. وعثر على قطع ملابس تمزقت على السياج.
وشاهد مراسل لـ «فرانس برس» أمس مرور مجموعة تضم حوالي 200 مهاجر يحملون أكياساً بلاستيكية على ظهورهم وقوارير مياه، ووجهوا التحية قائلين «السلام عليكم».
وسأل أحدهم، وهو سوري يدعى حسن ويسافر منذ شهر، «أريد الحدود. من أين يمكننا المرور إلى أوروبا؟».
وأضاف «هذا طفلي وهذا خاله. هناك أشخاص سيئون في الليل سرقوا أموالنا».
وتابع «الناس في مقدونيا وصربيا طيبون. عندما كنت في المخيم في صربيا قلت لهم إنني أريد أن أضع طفلي في فندق (...) وسمحت لي الشرطة بأن أذهب إلى فندق من اجل الطفل، وليس من أجلي. أنا لا أريد شيئاً».
وتعتقد الشرطة أن المشتبه بهم الخمسة قيد الاعتقال في المجر على خلفية مأساة الشاحنة في النمسا، هم أفراد في واحدة من عصابات الاتجار بالبشر التي تتلقى مبالغ باهظة لنقل المهاجرين.
ودفع الأربعة الذين اعتقلوا السبت ببراءتهم، لكن القضاء قضى بتمديد توقيفهم حتى 29 سبتمبر/ أيلول على الأقل.
وعثر داخل الشاحنة في اوستينا على جثث 71 مهاجراً وقد بدأت تتحلل، وهم 59 رجلاً وثماني نساء وأربعة أطفال يرجح أنهم لاجئون سوريون قضوا اختناقاً، ما أثار استياء دولياً.
العدد 4741 - الأحد 30 أغسطس 2015م الموافق 16 ذي القعدة 1436هـ