وقع رئيس جنوب السودان سلفا كير أمس الأربعاء (26 أغسطس/ آب 2015) اتفاق سلام ينهي حرباً أهلية مستمرة في بلاده منذ 20 شهراً، إلا انه سلم بالمقابل قائمة تتضمن «تحفظات جدية» على هذا الاتفاق الذي حذر من انه قد لا يدوم.
وجرى حفل التوقيع على الاتفاق في العاصمة (جوبا) بحضور عدد من الزعماء الإقليميين، بعد ساعات من تهديد مجلس الأمن الدولي بالتحرك في حال لم يوقع كير على الاتفاق الذي وقع عليه زعيم المتمردين ريك مشار.
وقال كير أثناء مراسم التوقيع بحضور عدة قادة أفارقة ودبلوماسيين وصحافيين «السلام الحالي الذي نوقعه أمس يتضمن الكثير من الأمور التي علينا رفضها».
وأضاف «مثل هذه التحفظات إذا تم تجاهلها لن تكون في مصلحة سلام عادل ودائم».
ورغم أن كير سلم قائمة بمخاوفه بشأن الاتفاق، إلا أن القادة الإقليميين ومن بينهم الرئيس الأوغندي يويري موسيفيني الذي أرسل قوات إلى جنوب السودان لدعم قوات كير، رحبوا بالاتفاق.
وبموجب الاتفاق فان على أوغندا أن تسحب قواتها خلال 45 يوما.
وطالب كير بتعديل الاتفاق قائلاً «إنه ليس الإنجيل ولا القرآن، ولماذا لا يمكن إعادة النظر فيه؟». وقال «أعطونا بعض الوقت لكي نرى كيف يمكننا تصحيح هذه الأمور» رغم أن الوسطاء أكدوا أن الاتفاق نهائي وغير قابل للتعديل.
ويلزم الاتفاق الذي يحظى بدعم الهيئة الحكومية للتنمية في شرق إفريقيا (ايغاد) والأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والصين والترويكا الأوروبية وبريطانيا والنرويج والولايات المتحدة، الجانبين المتحاربين بإنهاء القتال وتطبيق «وقف دائم لإطلاق النار» خلال 72 ساعة.
وكان رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريم ديسيلين الذي استضاف في أديس أبابا أكثر من 18 شهراً من المحادثات غير المجدية، وصل صباحاً إلى جوبا للمشاركة في مراسم توقيع الاتفاق.
وقال هايلي مريم «هذا هو اليوم الذي ينتظره شعب جنوب السودان منذ 20 شهراً».
ومن جانبه قال الرئيس الكيني أوهورو كينياتا «علينا جميعاً أن نقبل أن علينا أن نتحلى بالمرونة (...) من الأفضل لنا أن نجد حلا على طاولة المفاوضات».
بينما قال موسوفيني «هذه ليست مجرد حرب، بل إنها حرب ظالمة، وحرب خاطئة تجري في المكان الخاطئ وفي الوقت الخاطئ - وكلما أسرعنا في إنهائها كلما كان ذلك أفضل».
ولا يزال زعيم المتمردين ريك مشار في إثيوبيا، إذ قال وسطاء إن الشروط الأمنية ليست متوافرة لانتقاله إلى جوبا.
وكان مجلس الأمن الدولي أعلن مساء أمس الأول (الثلثاء) أنه مستعد «للتحرك فوراً» إذا لم يوقع كير اتفاق السلام لإنهاء النزاع المستمر في بلده منذ عشرين شهراً.أما مشار فوقع الاتفاق الإثنين الماضي ضمن المهلة المحددة لذلك.
وبعد اجتماع بشأن الأزمة في جنوب السودان، أعلن سفير نيجيريا جوي أوغوو رئيس مجلس الأمن للشهر الحالي إن الدول الأعضاء «أكدت استعدادها للتحرك فوراً إذا لم يوقع الرئيس سلفا كير الاتفاق غدا كما سبق أن وعد».
وأضاف السفير النيجيري «سنتحرك فوراً إذا لم يوقع الاتفاق أو إذا وقع الاتفاق مع تحفظات».
وحذر الاتحاد الإفريقي أمس من أنه يجب عدم توقيع الاتفاق فقط وإنما تطبيقه، داعياً الطرفين إلى «الالتزام بالمصالحة الصادقة (...) ووضع مصالح جنوب السودان وشعبه فوق كل شيء».
وتقدمت الولايات المتحدة بمشروع قرار ينص على فرض حظر أسلحة وعقوبات على جنوب السودان ما لم يوقع كير الاتفاق.
لكن روسيا والصين وعدداً من الدول الإفريقية تحفظت على النص وخصوصاً في ما يتعلق بالعقوبات التي ستفرض على الشخصيات التي تتهم بعرقلة الاتفاق. لذلك تعد الولايات المتحدة لائحة بأسماء الذين ستجمد ممتلكاتهم ويمنعون من السفر.
وقالت روسيا التي تشغل مقعدا دائما في المجلس وتتمتع بذلك بحق النقض (الفيتو) انه لن يكون هناك حاجة للقرار أذا وقع كير الاتفاق.
وكان سلفا كير وقع بالأحرف الأولى فقط النص الذي اعتبرته حكومته «استسلاماً».
ويفرض الاتفاق إعلان «وقف دائم لإطلاق النار» بعد 72 ساعة من توقيعه. وهو يقضي بمنح المتمردين منصب نائب الرئيس الذي يرغب مشار في العودة إليه بعد إقصائه منه في يوليو/ تموز 2013 أي قبل ستة أشهر من اندلاع القتال.
ويدعو الاتفاق الذي يهدف إلى وقف أشهر من العنف، إلى تشكيل لجنة للمصالحة ومحكمة لجرائم الحرب بالتعاون مع الاتحاد الإفريقي.
وقالت مبعوثة الأمم المتحدة إلى جنوب السودان ايلين مارغريت لوي إمام المجلس إن اتفاق السلام سيشكل إذا وقع الأربعاء»خطوة أولى فقط»، محذرة من أن «السلام والاستقرار والازدهار لن تتحقق في جنوب السودان بين ليلة وضحاها».
وأكدت أنه يجب الاهتمام بالقتال بين المجموعات الأثنية الذي يبلغ درجة من العنف مماثلة للنزاع بين معسكري كير ومشار.
وفي ختام الاجتماع، قال السفير النيجيري للصحافيين إن بلاده تدعم حظراً على الأسلحة وشدد على ضرورة وحدة المجلس.
العدد 4737 - الأربعاء 26 أغسطس 2015م الموافق 12 ذي القعدة 1436هـ