تراجعت الأسهم الصينية مجدداً أمس (الثلثاء)، وسط مخاوف من تباطؤ اقتصادي بعد الانهيار الذي اجتاح الأسواق العالمية يوم «الاثنين الأسود»، إلا أن الأسواق الأوروبية والأميركية استعادت بعضاً من عافيتها بفضل عمليات اقتناص الفرص ومجموعة الحوافز التي أطلقتها الصين.
ويبدو أن قلق الأسواق المرتبط بانخفاض البورصات الصينية بدأ يتراجع بعد أن شهدت الأسواق العالمية هبوطاً حاداً الاثنين وسط حالة من الهلع.
وأعلن البنك المركزي الصيني إجراءات لتحفيز الاقتصاد بينها خفض أسعار الفائدة ونسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك بهدف دعم اقتصادها، الذي يعد ثاني أكبر اقتصاد في العالم. إلا أن السوق الصينية واصلت انهيارها أمس.
وأغلقت بورصة شنغهاي على تراجع نسبته 7,6 في المئة بعد انخفاضها 8,5 في المئة أمس الأول (الاثنين)، وهي أسوأ خسارة لها منذ عقدين.
وبقي الدولار ضعيفاً الثلثاء فيما تعاني أسعار النفط من الانخفاض بعد أن تدنت إلى ما دون 40 دولاراً للبرميل، للمرة الأولى منذ ست سنوات.
شنغهاي – رويترز
خفض البنك المركزي الصيني أسعار الفائدة ونسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك للمرة الثانية في شهرين أمس (الثلاثاء) مصعدا دعمه للاقتصاد المتباطئ وسوق الأسهم الهابطة التي أطلقت موجات صدمة اجتاحت العالم.
وتأتي تلك الخطوة بعدما هوت الأسهم الصينية مجددا أمس مع خيبة أمل المستثمرين من عدم قيام بكين باتخاذ إجراءات استجابة لبيانات تشير إلى تفاقم تباطؤ ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وقال بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) إنه خفض فائدة الإقراض المصرفي لأجل عام 25 نقطة أساس إلى 4.6 في المئة وخفض الفائدة القياسية على الودائع لأجل عام بنفس المقدار. وخفض البنك المركزي نسبة الاحتياطي الإلزامي 50 نقطة أساس إلى 18 في المئة لمعظم البنوك الكبيرة.
وهبطت مؤشرات الأسهم الصينية الرئيسية بما يزيد على سبعة في المئة اليوم مسجلة أدنى مستوياتها منذ ديسمبر/ كانون الأول في أعقاب تراجع بأكثر من ثمانية في المئة أمس الاول (الاثنين).
واستمر الهبوط الأسبوع الماضي رغم جهود بكين لوقف انخفاض بلغ 30 في المئة في وقت سابق هذا الصيف عن طريق مشتريات تدعمها الدولة لأسهم بمئات المليارات من الدولارات.
وفي هذه المرة يبدو أن الحكومة لم تفعل شيئا حتى اتخذت تلك الإجراءات اليوم والتي تهدف إلى دعم العوامل الأساسية الاقتصادية وليس دعم الأسهم.
وقال خبير شئون الصين لدى بنك ايه.ان.زد في هونج كونج، ليو لي قانغ «رغم أن ذلك كان عامل تهدئة للسوق إلا أن الأمر يتعلق بإعطاء دعم فعلي للاقتصاد الحقيقي حتى تتمكن الحكومة من تحقيق معدل النمو المستهدف عند سبعة في المئة».
وأضاف أن خفض نسبة الاحتياطي الإلزامي كان العنصر الأكثر أهمية في قرار المركزي الصيني حيث سيؤدي ذلك إلى ضخ 650 مليار يوان (101 مليار دولار) في الاقتصاد وتهدئة المخاوف من «هبوط صعب». وحلت الصين أحد المحركات الرئيسية للاقتصاد العالمي محل اليونان لتتصدر قائمة مخاوف المستثمرين العالميين الذين يقلقهم نمو اقتصادها بوتيرة أبطأ كثيرا من معدل النمو المستهدف لعام 2015.
وتراجع مؤشر سي.اس.آي 300 الذي يضم أكبر الشركات المدرجة في شنغهاي وشنتشن 7.1 في المئة اليوم بينما هبط مؤشر شنغهاي المجمع 7.6 في المئة ليغلق دون المستوى النفسي المهم 3000 نقطة.
ومما يظهر حالة الفزع لدى المستثمرين الأفراد الذين يهيمنون على أسواق الأسهم الصينية هبطت جميع العقود الآجلة على المؤشرات بالحد الأقصى اليومي البالغ عشرة في المئة وهو ما يشير إلى توقعات بمزيد من الخسائر.
ورغم أن تحرك المركزي الصيني جاء بعد إغلاق الأسواق المحلية فقد قفزت أسواق الأسهم في أوروبا وارتفعت أيضا مؤشرات التعاملات الآجلة في الأسهم الأميركية.
وبعد أن أطاح الاضطراب في الصين بأسواق الأسهم والسلع الأولية يوم الاثنين فإن صناع السياسات بأنحاء أخرى في آسيا يسعون لتهدئة المخاوف بشأن التأثير الأوسع نطاقا على الاقتصاد العالمي.
وقال رئيس الوزراء الأسترالي توني أبوت «أعتقد أن من المهم ألا يرتعب الناس من مثل تلك الأمور». ولأستراليا انكشاف كبير على الصين التي تعد أكبر مستهلك لصادراتها من السلع الأولية.
وأضاف أبوت «من الطبيعي أن نرى تصحيحا في سوق الأسهم. من الطبيعي أن نرى انفجار فقاعات في أسواق معينة يكون لها تأثير على أسواق أسهم أخرى لكن العوامل الأساسية متينة.»
ولا يوجد دليل يشير إلى أن نكسة أسواق الأسهم أثرت سلبا على إنفاق المستهلكين حتى الآن لكن المخاوف تنامت بشأن الاقتصاد بعد انكماش نشاط المصانع بأسرع وتيرة له في نحو ستة أعوام ونصف وقيام البنك المركزي بشكل غير متوقع بخفض قيمة اليوان في وقت سابق هذا الشهر.
ورغم ذلك يتوقع معظم المحللين استمرار تباطؤ الاقتصاد الصيني لكن ليس انهياره ويستبعدون المقارنة مع الأزمة المالية العالمية في 2008 أو الأزمة الآسيوية في 1997-1998.
وكتب خبراء اقتصاديون في كابيتال إيكونومست «الرعب الحالي صنع في الصين». البيانات الأخيرة من الاقتصادات الرئيسية الأخرى جيدة بشكل عام وليس هناك ما يبرر المخاوف من تباطؤ عالمي كبير.
«تشير البيانات الاقتصادية الأخيرة من الصين إلى أن النمو لايزال بطيئا لكنه ليس ضعيفا بالدرجة التي تبرر المخاوف من هبوط صعب».
العدد 4736 - الثلثاء 25 أغسطس 2015م الموافق 11 ذي القعدة 1436هـ