وصلت عبارة تقل أكثر من 2400 مهاجر سوري إلى البر الرئيسي في اليونان اليوم الخميس (20 أغسطس/ آب 2015) مع استمرار تدفق المهاجرين الفارين من براثن الصراع والفقر على بلد يعاني بالفعل أزمة اقتصادية طاحنة.
ولوح كثير من السوريين بعلامة النصر وهم يحطون الرحال في ميناء بيريوس نزولا من العبارة التي استأجرتها الحكومة اليونانية لنقل اللاجئين وتخفيف الأوضاع في الجزر الواقعة في شرق بحر إيجة حيث يصل المهاجرون في قوارب مطاطية وزوارق صغيرة من تركيا القريبة.
وفي الأسابيع الأخيرة انكشف عدم استعداد اليونان للتعامل مع أزمة المهاجرين الأمر الذي فجر انتقادات من وكالات الإغاثة.
وبلغ عدد المهاجرين الذين وصلوا في يوليو/ تموز 50 ألفا وهو ما يزيد كثيرا عن عددهم في 2014 بأكمله.
لكن كثيرا من السوريين الذين وصلوا إلى بيريوس -وهي جزء من المجتمع الحضري الشاسع المحيط بأثينا- قالوا إنهم لا يعتزمون البقاء في اليونان في رحلة فرارهم من الحرب الأهلية في بلادهم وإنهم يرغبون في التوجه فورا إلى الحدود الشمالية للبلاد عبر مدينة سالونيك ثاني أكبر مدن البلاد على أمل الانتقال لدول أوروبية أخرى.
وتساءل جوان (28 عاما) من مدينة حلب السورية "أين هي الحافلة التي ستتوجه إلى سالونيك؟" وكان يقف مع مئات آخرين تجمعوا عند رصيف ميناء بيريوس قبل أن يتوجهوا إلى وسط أثينا.
وتتوجه قطارات وحافلات من هناك إلى سالونيك التي تقع بالقرب من الحدود مع بلغاريا ومقدونيا.
التوجه إلى ألمانيا
وقال جوان الذي سافر برفقة شقيقتيه من تركيا إلى جزيرة لسبوس اليونانية "لا نريد البقاء في اليونان. نريد الذهاب إلى ألمانيا."
وتشهد مقدونيا بالفعل تدفقا كبيرا من مهاجرين يحاولون الوصول إلى شمال أوروبا حيث يأملون في الحصول على مزيد من العون وفرص العمل.
وتجمع كثير من هؤلاء في ميناء كاليه الفرنسي في الشهور الأخيرة في مسعى لعبور القنال إلى بريطانيا الأمر الذي أدى إلى تعطيل حركة قطارات الركاب والبضائع.
وأعلنت بريطانيا وفرنسا إجراءات جديدة اليوم الخميس لمنع المهاجرين الذين لا يحملون وثائق من دخول نفق القنال مع تشديد عمليات الشرطة المشتركة ضد مهربي البشر الذين يتربحون من يأسهم.
وغادرت عبارة السيارات (إليفثيريوس فينيزيلوس) جزيرة كوس يوم الأربعاء وتوقفت في عدة جزر أخرى لالتقاط المزيد من السوريين في رحلتها إلى البر الرئيسي.
وقالت وكالة أنباء أثينا شبه الرسمية إنه من المتوقع أن تتوجه سفينة أخرى لالتقاط وافدين جدد من الجزر يوم الجمعة لكنها لن تنقل أيا من آلاف المهاجرين من آسيا وأفريقيا ومناطق أخرى بالشرق الأوسط ممن يعتبرون مهاجرين اقتصاديين.
ويعيش هؤلاء في مبان مهجورة أو في العراء على بعض الجزر.
وباستثناء الحافلات المتاحة لنقل اللاجئين من الميناء إلى محطة مترو بيريوس لم يكن هناك أحد فيما يبدو ليوجه السوريين إلى أين يذهبون.
وأظهر بعض اللاجئين تذاكر دفعوا مقابلها 60 يورو (67 دولارا) من أجل رحلة مباشرة إلى سالونيك.
وكان مسؤولون يونانيون قد قالوا في باديء الأمر إن السفينة ستتجه إلى هناك وأبلغت شركة حافلات وكالة أنباء أثينا بأنها ستنقل اللاجئين من سالونيك إلى بلدة إيدوميني على الحدود بين مقدونيا واليونان.
لكن السفينة حولت مسارها فجأة إلى بيريوس ولم يتضح سبب لذلك.
وأصبح التسلل إلى مقدونيا سيرا على الأقدام طريقا مشهورا في السنوات الأخيرة بين اللاجئين الذين يسعون للوصول إلى الدول الأكثر ثراء في شمال أوروبا. لكن أي خطة لنقل اللاجئين قرب حدود دولة أخرى قد ستعرض اليونان لانتقادات بأنها تسعى لإلقاء المشكلة على كاهل جيرانها.
وقال سوري آخر من حلب يدعى طارق خوجة (18 عاما) "في البداية أخبرونا أن السفينة ستتوجه إلى سالونيك ثم إلى أثينا. أريد الذهاب لألمانيا.. فيها جامعات جيدة جدا وأريد أن أكمل دراستي وأواصل حياتي."
وسافر خوجة برفقة صديقه كامل فاريزو (20 عاما) وكلاهما يدرس الهندسة إلى اليونان من تركيا.
وقال خوجة "الوضع في حلب رهيب. اضطررنا للرحيل." وترك الاثنان عائلتيهما في حلب.
وقالت ألمانيا يوم الأربعاء إنها تتوقع استقبال 800 ألف طالب لجوء ولاجئ هذا العام وهو رقم قياسي يعادل أربعة أمثال أعداد العام الماضي وأكثر من مثلي الرقم الذي توقعته في يناير كانون الثاني وهو 300 ألف.
وكان عدد القادمين إلى اليونان الأسبوع الماضي مساويا لعدد من وصلوا إليها خلال عام 2014 بأكمله ووصل إجمالي العدد هذا العام حتى الآن إلى 160 ألفا.
وشكل هذا ضغطا كبيرا على نظام استقبال غير مؤهل جيدا لمواجهة مثل هذه التدفقات ويعتمد بقوة على المتطوعين.
وقد منح السوريون الأولوية في اعتلاء العبارة باعتبارهم لاجئين نظرا للحرب الدائرة في بلادهم.