هناك اليوم قرابة 60 مليون نسمة من سكان العالم ممن أصبحوا في عداد النازحين والمشردين جراء النزاعات والحروب والاضطهاد، ما يمثل أكبر عدد شهدته الأمم المتحدة منذ إنشائها قبل 70 عاماً في إثر الحرب العالمية الثانية. وبسبب تغير المناخ، فإن وتيرة وحدة الكوارث الطبيعية التي تصيب البشر آخذتان في التزايد حيث وقع منها 400 كارثة خلال العام الماضي فقط.
واليوم، وفي مناسبة احتفالنا باليوم العالمي للعمل الإنساني (19 أغسطس/ آب)، فإننا نعرب عن تضامننا مع النساء والرجال والشباب والأطفال الذين يواجهون حالات طوارئ إنسانية في مختلف أرجاء العالم. ونبعث بالتحية إلى العاملين في مجال العمل الإنساني الذين يبذلون كل ما في وسعهم لتلبية احتياجاتهم ودعم حقوقهم الإنسانية وكرامتهم. وينضم صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى حملة المشاركة الإنسانية ShareHumanity لكي يروي جانباً مما يقع وراء كواليس الأزمات الإنسانية.
ها هي زينب ونيغو اللتان اختطفتهما منظمة «بوكو حرام» في نيجيريا، لكنهما تمكنتا من الهرب. وكانت شجاعتهما بمثابة رسالة للآخرين. وكانت رسالة نيغو: «إنني رغم الخوف، لم أفقد الأمل». وفي أفغانستان، اختطفت زارمينا وأرغمت على الاستعباد الجنسي قبل أن تخطّط أمها لإنقاذها. وصندوق الأمم المتحدة للسكان يقدم الدعم للناجيات من أمثال نيغو وزينب وزارمينا، ونعمل على منع العنف القائم على نوع الجنس ونتصدى له. كما يتعاون الصندوق تعاوناً وثيقاً مع أعضاء المجتمع المحلي الذين يكونون غالباً الأفضل والأكثر معرفةً في مجال الاستجابة لحالات الطوارئ.
وها هي سيتا بوديل، وهي مساعدة قانونية في نيبال، وإحدى الناجيات من الزلزال الذي ضرب البلد مؤخراً، وقد تولت عملية تنظيم إحضار المعونات إلى القرى النائية ونقل النساء والفتيات إلى الأماكن التي يتلقين فيها الخدمات التي يدعمها صندوق الأمم المتحدة للسكان. تقول سيتا: «أعلم كيف كانت الأمور سيئة للنساء هناك».
وفي كولومبيا، أدى العنف إلى تشريد فيفيانا، التي أصبحت حاملاً وهي بعد في سن المراهقة، لكنها ثابرت حتى أصبحت من القيادات الشبابية. وها هو أمير، الذي أطلقت عليه النار وهو يحاول الفرار من سورية، بل إنه كان قد اعتبر في عداد الميتين. لكنه نجا في نهاية المطاف وأصبح الآن من المتطوعين العاملين في أحد المراكز التي يدعمها صندوق الأمم المتحدة للسكان.
إن صندوق الأمم المتحدة للسكان يعمل على توفير الخدمات الصحية الشاملة التي تكفل الولادات المأمونة حتى في أصعب الظروف. وهذه هي شانتال، التي سارت على قدميها لمدة أربعة أيام لكي تصل إلى أحد مخيمات اللاجئين بعد أن فرت من بوروندي. تقول شانتال: «لقد توقعت الأسوأ». ولكن بدلاً من ذلك، فإنها وضعت بسلام في أحد مراكز رعاية الأمومة. أما إسراء، وهي لاجئة سورية، فقد فقدت وليدها لأنه لم يكن بوسعها تحمل التكاليف الطبية. لكنها اليوم حامل للمرة الثانية، وتتلقى الرعاية عن طريق صندوق الأمم المتحدة للسكان. وهذه هي أليماندا، التي تسلقت إحدى الأشجار وهي حامل في شهرها الثامن هرباً من الفيضانات التي ضربت ملاوي. وقد نجت أليماندا من الفيضان ووضعت مولودة موفورة الصحة.
وفي فانواتو، سعت كاثلين سيلاس، في أعقاب إعصار بام، إلى الحصول على خدمات تنظيم الأسرة لكي تتمكن من تحديد اختياراتها والتخطيط لمستقبلها. وفي ليبريا، وضعت كومفورت فاياه توأماً في الشارع المطير بعد أن أصاب فيروس مرض إيبولا عمال الرعاية الصحية والمستشفيات والمستوصفات. ويتعاون صندوق الأمم المتحدة للسكان مع الشركاء من أجل إقامة نظم صحية مستدامة وقادرة على التكيف.
واليوم، وفي سياق الاحتفال باليوم العالمي للعمل الإنساني، فإن صندوق الأمم المتحدة للسكان يناصر بقوة حقوق الإنسان والكرامة المتأصلة في البشر أجمعين. وبغية تحسين فعالية العمل الإنساني، فإننا ندعو إلى العمل وتوفير التمويل في مجال الخدمات الصحية الشاملة، وإلى التصدي للعنف القائم على نوع الجنس، وإلى المشاركة الجدية من جانب السكان المتضررين، وخاصة الشباب».
إقرأ أيضا لـ "باباتوندي أوشيتمين"العدد 4730 - الأربعاء 19 أغسطس 2015م الموافق 05 ذي القعدة 1436هـ