دعا مفتي عام السعودية رئيس هيئة كبار العلماء رئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، المسلمين إلى تأمل وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم وتطبيقها على واقعهم، حتى يزدادوا خيرًا في دنياهم وآخرتهم، مؤكدًا أن سنة الله في خلقه اختلاف ظروفهم وأخلاقهم وأرزاقهم وعقولهم وأفكارهم، وتلك حكمة منه سبحانه وتعالى، يختبر فيها صبر عباده وطريقة تعاملهم مع ظروفهم للفوز بجنةٍ عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين، حسبما نقلت صحيفة المدينة السعودية.
وأبان آل الشيخ في خطبة الجمعة من جامع الامام تركي بن عبدالله أن الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام قدم لكل مسلم الحل والطريقة الضامنة للتعامل مع هذه الظروف والفوز بالجنة، عندما نصح صلى الله عليه وسلم المسلمين بقوله «أنظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من فوقكم فهو أجدر أن لا تزدروا نعم الله عليكم»، مشددًا على ضرورة العودة إلى سنة المصطفى عليه أفضل الصلاة والتسليم دائمًا، للبحث عن النصائح المعينة على تجاوز العقبات والتحديات التي تقابل المسلم طوال حياته، فهو رسول الله الذي لا ينطق عن الهوى، وهو سيد الخلق وأرحم الخلق بالخلق وأشفق الخلق على أمته، وإرشادهم إلى ما ينفعهم وتحذيرهم مما يضرهم.
وقال: «أوصانا رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم أن ننظر إلى من هو دوننا وأن نستديم النظر لما دوننا، فإذا نظرنا إلى من تحتنا وإلى من فضلنا الله عليه، أقنعنا ذلك، وأما إذا نظرنا إلى من فوقنا، وركزنا تفكرنا في هذا الجانب، فسوف يؤدي بنا ذلك إلى السخط على نعم الله وعدم القيام بشكرها.
وتابع قائلًا: أيها المسلم إذا فكرت بمجتمعك وأمعنت النظر إليه، سترى من هو دونك نسبًا ومالًا وعقلًا، ودونك في مختلف النعم، عند ذلك ستعرف عظيم نعمة الله عليك، وتعلم أن كثيرًا من الخلق طموحهم الوصول إلى مثل ما أنت عليه»، مؤكدًا أن ذلك سيزيد المسلم شكرًا لله وحمدًا له جلَّ وعلا، الذي أنعم عليه وفضله على كثير ممن خلق تفضيلًا.
ونوه مفتي عام المملكة بوجوب شكر الله جلّ جلاله على نعمة كمال العقل، التي تمنح صاحبها الرأي السديد والقلب الصالح، والعقل النير، الذي يبصر به الحق والباطل، مبيِّنًا أن من حرمها حرم خيرًا كبيرًا، مستشهدًا سماحته ببعض ممارسات من خسروا نعمة كمال العقل، ممن ضحوا بأنفسهم في عملياتٍ انتحارية، فجنوا على أنفسهم وعلى غيرهم.
وأضاف قائلًا: «إن ذلك المنتحر، الذي فسد عقله وزاغ قلبه، لم يبالِ بحياته، فضحى بها وبحياة غيره، وجميعها أنفس حرم الله قتلها، أو الاعتداء عليها، فيتّم بذلك أطفالًا، وأشقى آباءً، في سبيل الشيطان الذي سلمه عقله فأفسده وغيره، فبات والعياذ بالله منقادًا للضلالات والغوايات، دون تفكير أو تدبر.
وأوصى مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء المسلمين بالتفكر والتدبر في أحوال خلق الله الذين يعاني بعضهم من أمراضٍ أرهقتهم بآلامها، وعناء البحث عن علاجٍ لها في كل مكان، أو أولئك الخلق الذين ابتلوا باتباع الهوى والنفس فقصر في واجباته تجاه ربه، أو غش في معاملاته، أو خدع وقهر، أو ظلم وجار، أو دلّس وكذب.
وطالب المسلمين بالمداومة على شكر النعم، والإلحاح في الثناء على الله جل وعلا، فقد قال الله تعالى : ((وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ))، كما ركزت وصايا نبينا صلى الله عليه وسلم لصحابته الأطهار على ذلك، عندما قال عليه أفضل الصلاة والسلام لأحد صحابته الأبرار: «يامعاذ إني أحبك فلا تدعن في كل دبر صلاة أن تقول اللهم أعني على شكرك وذكرك وحسن عبادتك»، وكان يقول صلى الله عليه وسلم: «اللهم اجعلني لك شكارًا لك ذكارًا»، وكان عليه الصلاة والسلام يقول: «لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك».
ولفت مفتي عام المملكة الانتباه إلى أن أهم النعم هي نعمة الإسلام والأمن والأمان والاستقرار ورغد العيش، التي من خلالها يستطيع المسلم الفرح والاستمتاع والاستفادة بسائر نعم الله سبحانه وتعالى التي أنعم بها عليه، لذا وجب شكرها والإلحاح على حمد الله الكريم ذي الفضل العظيم عليها، وقال تعالى: «أو لم نمكن لهم حرمًا آمنًا يُجْبى إليه ثمرات كل شيء رزقًا من لدنا».