إذا أردت قياس قيمة أي منبر، وإن تعرض إلى النقد الحاد والتجريح والتخوين، فعليك أن تلتفت إلى الشارع الذي يتوجه إليه أي مشروع إعلامي أو منبر أو صحيفة، بغض النظر عن الذين يتفقون أو يختلفون معه. ستجد أن الذين يختلفون معه ولا يكلّون من الشتم والتخوين والتسفيه، هم الأحرص على قراءته، شاءوا أم أبوا.
بالنسبة إلى الذين تعنيهم الكلمة والخبر والرأي الذي لا يضع في حسابه الخسارات الناتجة عن كل ذلك -خسارات بمقياس الذين يريدون شيئاً ويحجمون عن شيء آخر- مادام ملتزماً بميثاق الشرف الذي لا يحتاج إلى حملات أو حفلات استقبال لتوقيعه، كما حدث لأكثر من مرة في المنطقة وغيرها، مهما انسجموا مع الحالات التي يتفقون معها، وتلك التي يحجمون عنها، يظل همهم الأول والأخير أن يكونوا على قدر كبير ومسئول من المصداقية، واتباع المعايير التي تتعامل مع الخبر، والتحقيق والتقرير وغيرها من فنون الصحافة، مادام ليس بمعزل، ومتصلاً بما لا يتجاوز حقوق الإنسان، وعدم التطاول على الخصوصية، أو محاولة خلق أجواء، ونفخ نيران في بيئة هي أصلاً في انتظار عود ثقاب كي تدخل في الجحيم الذي سيأكل الأخضر واليابس، وذلك ما نتمنى ألا يقرب من أوطاننا.
لا تعني لأي صحيفة من الصحف ردود الأفعال التي تأتي تشفياً واصطفافاً وفزعةً من هنا وهناك. لا تعني أي صحيفة إذا كانت تتوخى الالتزام بالمعايير الدولية، والشفافية أيضاً أن تضمن تصفيق جمهورها، والذين هم على التصاق بها، ويرون أنها صوتهم الذي لا يُراد له أن يسمع، ومنبرهم الذي تتحدد مساحته بحسب الزمن الذي نعيش تبعاً للانتماء والاصطفاف والاستقطاب.
بمتابعة عابرة لوسائل التواصل الاجتماعي خلال اليومين اللذين تم خلالهما إيقاف إصدار صحيفة «الوسط» ومنعها من التداول، نحن أمام أمزجة وتيارات واصطفافات وتحريض لاتخاذ ما هو أسوأ، ولم يخل كل ذلك من همز ولمز صدر -مع شديد الأسف- من مجموعة حسابات، بعض أصحابها يحملون ألقاباً علمية عليا، وبالوقوف على المنطق الذي يخاطبون به جمهورهم، كأنك أمام من لم تتح له الظروف كي ينهي تعليمه الابتدائي.
هناك إجراء اتخذته جهة حكومية، على الجميع أن ينتظر تفسيراً وتبريراً لما حدث من إجراء قبل التبرع بكل وصلات الردح والتشفي والشماتة والشتائم، مع ملاحق لا يمكن الاستغناء عنها ترتبط بما يمكن أن أسميه المقبّلات اليومية المملة التي صارت جزءاً من الضجر والتفاهة والضحالة والبرمجة العقلية والتآخي مع «الكاسيت»، أو الببغاء، بكل تلك الضحالة وتسخيف ما يحدث حول البشر، ومحاولة تمييع قضايا وملفات من قبل مغرّدي آخر الليل بعد «قيام» من نوع آخر!
الأثر الذي حدث بفعل ذلك الإجراء، له من يتفهمه، وعلى الذين يبالغون في ذلك التفهم بالشتائم أيضاً أن يتفهموا وقوف بعض الذين يعنيهم الأثر الذي خلّفه مثل ذلك الإجراء. ومن جانب آخر، وإن لم يريدوا أن يتفهموا، أن لا يصادروا حق العالم المتمدن والديمقراطي، في الموقف الواضح الذي اتخذه من ذلك الإجراء، لأنه لا يمكن أن نتهم العالم كله بأنه غبي وعميل وصاحب أجندات خارجية (عالم خارجي له أجندات خارجية!)! ويعمل (العالم المناهض للكثير من القضايا التي تحدث في المنطقة، وخصوصاً تلك المرتبطة بحقوق الإنسان) من أجل تقويض استقرار المنطقة، والسعي إلى بث القلاقل فيها!
لكل دولة الحق في اتخاذ إجراء تراه في مصلحتها، لكن ليس من مصلحة أي دولة الحديث عن المصلحة الوطنية بالنظر بعينين مختلفتين في الموضوع الواحد، والكيل بمكيالين. وبالمناسبة، ليس اللبيب وحده الذي يفهم بالإشارة، تغيّر وضع وعي العالم كثيراً في هذه المسألة وغيرها.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4723 - الأربعاء 12 أغسطس 2015م الموافق 27 شوال 1436هـ
قانون سكسونيا
الذي يسب طائفة على منبره يكرم ويعزز لاكن الذي يقول كلام الحق يعتقل قانون بالمقلوب المشتكى لله وشكرا اختى على هاده الموضوع