أجهدت نفسي منذ فترة مفتشا عن دلالات الفرح في الإبداعات البشرية بلغاتها ومصادرها المختلفة؛ فأخذني إلى أقصى حدود الدهشة ما وجدت، ولكنني عندما نظرت في الوقت نفسه إلى واقعنا محاولا مقارنته بحال غيرنا وجدت الحزن يحاصرنا بزخم عظيم!
يا إلهي! ما هذا الحزن الجماعي؟ لقد أغرقت الأحداث والحروب التي تشهدها المنطقة النفوس في بحار من الحزن والتشاؤم بما حملته من دعوات للتفرقة وبث للكراهية بذريعة التدين فأصابتنا بهستيريا الاكتئاب وجعلتنا نترنح تحت وطأة السكرة الطائفية، وفي كل ذلك يظل صانع القرار السياسي هو من يتحمل العبء الأكبر في كل ما حصل.
لقد دخلت منطقتنا خلال الثلاثين سنة الماضية خمسة حروب، ولو تنفس هذا الغضب بما يحمله من ركام لثقافة الاعتراك والتقاتل وأماط اللثام عن غيظه لتحول الكون الى مصحة نفسية، بل ودار إيواء للمرضى والمكتئبين.
وإذا أردنا أن ننحاز إلى الجمال والسلام فإن علينا أن نطلق العنان لخربشات القلم لتعمل على تخصيب مساحات الفرح في حياتنا جاهدين أن نجعلها كبيرة بحجم الأوطان؛ دعونا بواسطة الكلمة وهي السلاح الأقوى نستدعي الفرح إلى عالمنا بل وندخله في قلوبنا وقلوب كل من حولنا ونجعله منعشاً كنسمات الصباح الرقيقة؛ فبعض الكلمات بوسعنا ان نستنشقها عبير الورود تماما والبعض الآخر بوسعنا أن نكتبه أغنية أو نجعله نواحا كيفما نشاء. هيا إذن نحرض على إشاعة الحب والبهجة والسعادة... دعونا نكتب حروفاً ترسم الابتسامة على وجه الشمس.. نعيد ذكريات الزمن الجميل لكي نلبس ثوب الأناقة المعطر بعبق الإيمان.. إنه ثوب زاهي الألوان معه وبه نتغنى بأغاني العشق على نغمات الفجر الوليد ونعانق نسمات القلوب المحملة بفيض المشاعر الجميلة فينسكب الأمل عسلاً مصفى على روح البراءة والوفاء.
دعونا نعترف بان المسموع السلبي والمرئي المتشائم والمقروء الحزين هو نتيجة افعال الجماعات التكفيرية (إدارة التوحش) ونتيجة للدعم السخي من الحاضنات الاجتماعية لهذا الفكر الشاذ (نصف دواعش). كل ذلك استولد ردات فعل سلوكية تشاؤمية عند الناس، حتى أن الطائر الازرق الجميل (تويتر) تحول بقدرة قادر الى منبر لبث الكراهية! فهل يعقل ان يكون هناك 129 ألف تغريدة مسيئة للسعوديين على تويتر في اليوم الواحد؟! وان هذه التغريدات تطلق بشكل ممنهج وليس عشوائي!!؟
هنا ننسج مع العصافير خيوط ضوء الصباح الذهبية لصناعة بوصلة التفاؤل ونزرع ثقافة انسانية لكي تنعكس دهشة المتعة في الاعماق فتتسرب إلى دائرة الأقربين. فمن لا يشعر بالسعادة لا يمكن أن يقدمها للآخرين ففاقد الشيء لا يعطيه. ولأن السعادة تبدأ ذاتياً وتتسع اجتماعياَ لتصبح مناخاَ مشبعاَ بالياسمين يقول الامام علي (ع): ( يسعد المرء بمصاحبة السعيد).
هذه الجرعة الثقافية تمنحنا القدرة على أن نشيح بوجوهنا عن جغرافيا البؤس والتعاسة فتنتعش صورة التفاؤل في الأجفان المثقلة بالحزن والنعاس؛ عندها تستيقظ ذواتنا على صوت الكروان وعلى ضحكات الأمنيات والأحلام الفاتنة وتباشير القادم فنحن من يرسم القادم الذي نريده أزهى وأجمل.
معاً نضخ جرعة زائدة من الرومانسية؛ فلا نسمح لأيامنا أن تكون باهتة قاتمة بشعة مؤلمة حد الوجع، وخصوصاً أمام صور الخراب والقتل والتوحش في واقعنا السياسي المؤلم.
بوسعنا أن نجعل الطائر الازرق (تويتر) وغيره من وسائل التواصل الاجتماعي والإعلامي تغرد وتنقل رسائل الحرية والسلام، وبوسعنا أيضا أن نجعل حبر القلم سمفونية نعزفها على إيقاعات الفرح ونصيرها لحنا ينعش الروح، مغايرا لكل ما نقرؤه في الصحف العربية البالية من المنغصات وأسباب الكد، أو كما عبر ابن خلدون: على قدر المقروء والمسموع يأتي الفعل من بعده. إطلالة واستراحة ثقافية تزيح ولو قليلاً مما علق بالروح من غبارالأيام. فعندما نرغب بتلوين حياتنا علينا الاستعانة بألوان: الابتسامة والتفاؤل والفرح وإدخال السرور على من حولنا، حينها ستصبح حياتنا روضة غناء؛ فمن أشعة ضياء الافراح الصغيرة تسطع أضواء الافراح الكبيرة، والبحر يبدأ بقطرة، ودوحة الأشجار العظيمة الباسقة تنبت من بذرة.
إقرأ أيضا لـ "منصور القطري"العدد 4722 - الثلثاء 11 أغسطس 2015م الموافق 26 شوال 1436هـ
تفاؤل
شكرا للكاتب المحترم ع نظرته المتفاؤله ومحاولته رسم عالم بعيد عن التشاؤم وبعيد عن حالة الاكتئاب والكابة التي تسببها الحروب الطاحنة المادية والمعنوية.
مقال جميل
هذه الوسط وكتابها المتألقين يبثون روح الفرح والتفائل ،روح وأصالة البحريني.
طبعاً
طبعاً عزيزي السعوديين على بالهم انهم مصلحي الامه ولايوجد غيرهم مسلمين واذا اتيت لهم في الدين فهم الدين واذا اتيت لهم في السمعه فهم اسوء سمعه في البلدان العربيه والاوربيه