اقر مجلس النواب العراقي بالاجماع في جلسة سريعة عقدها أمس الثلثاء (11 أغسطس/ آب 2015)، حزمة الاصلاحات التي قدمتها حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي، والهادفة الى مكافحة الفساد وترهل المؤسسات، بعد اسابيع من التظاهرات.
وتعد موافقة البرلمان انجازا للعبادي الذي حض في وقت سابق اليوم النواب على اقرار الاصلاحات ككل متكامل او رفضها وتحمل مسؤولية ذلك. وأتت الخطوة بعد يومين من اقرار الحكومة الحزمة التي تشمل خطوات جذرية كإلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية والوزراء، وذلك بعد اسابيع من التظاهرات، ومطالبة المرجع الديني السيد علي السيستاني رئيس الحكومة بان يكون اكثر جرأة في مواجهة الفساد.
واقر النواب حزمة الاصلاحات برفع الايدي في جلسة متلفزة.
وبعدما تلا الورقة التي اقرتها الحكومة، دعا الجبوري النواب للتصويت، ليعلن بعد ذلك انه "تمت الموافقة بالاجماع" في الجلسة التي شارك فيها 297 نائبا من اصل 328.
كما اقر المجلس في الجلسة نفسها، سلسلة اجراءات برلمانية اصلاحية. ودامت الجلسة قرابة ثلاثين دقيقة، استنفد معظمها لتلاوة النقاط المقترحة.
وكان الجبوري قال في افتتاح الجلسة متوجها للنواب "ان شعبكم ينتظر منكم ان تقفوا معه اليوم وانتم ابناؤه وقد انتخبكم لمثل هذا اليوم".
اضاف "ان ثقة الشعب بكم عظيمة وهو ينتظر منكم الكثير واتمنى ان تكون خطوة اليوم الاولى وليست الاخيرة وان نستمر بنهج الاصلاح".
ومع اقرار الحزمة التي اقترحها العبادي واقرتها حكومته بالاجماع ايضا، يبقى السؤال حاليا عن مدى جدية تطبيقها.
ويرى مؤلف كتاب "الصراع حول مستقبل العراق" زيد العلي ان "كل السياسيين العراقيين يعلنون رسميا دعمهم للاصلاح ومكافحة الفساد، الا انهم جميعا منخرطون فيه بشكل كبير".
ويضيف "هم مضطرون للقول انهم يدعمون الاصلاح، لكنهم سيعملون ضده".
وشهدت مناطق عدة ابرزها بغداد في الاسابيع الماضية، تظاهرات حاشدة طالب خلالها المحتجون بتحسين الخدمات لا سيما المياه والكهرباء، ومكافحة الفساد ومحاسبة المقصرين في دوائر الدولة.
وتلقت هذه المطالب جرعة دعم مهمة الجمعة مع دعوة السيستاني، الذي يتمتع بتأثير وازن في السياسة العراقية، العبادي الى ان يكون "اكثر جرأة وشجاعة" ضد الفساد، وذلك عبر اتخاذ "قرارات مهمة واجراءات صارمة في مجال مكافحة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية".
وقبيل الجلسة، شدد العبادي في بيان لمكتبه الاعلامي على ضرورة "عدم تجزئة" الاصلاحات المقدمة من حكومته، والتي شملت خطوات عدة ابرزها الغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء.
وطالب العبادي "مجلس النواب بعدم تجزئة وثيقة الاصلاح وطرحها كوثيقة واحدة، وان يتحمل المجلس مسئوليته بقبولها او رفضها".
وشدد على ان الخطوات المقترحة، والتي يتطلب بعضها تعديلا دستوريا، "ليست نابعة من رغبة بالانفراد في السلطة، ولا لتجاوز الاطر الدستورية، بل لتكريس دولة المواطنة وابعاد الهيمنة الفردية والحزبية والطائفية على مفاصلها، وعدم تكبيل مؤسسات الدولة بالمحاصصة المقيتة".
ومن أبرز الاصلاحات التي اقرتها الحكومة إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء "فورا". ويشغل منصب نيابة رئاسة الجمهورية ثلاثة من ابرز السياسيين هم نوري المالكي واياد علاوي واسامة النجيفي. كما تشمل الحد من "المحاصصة الحزبية والطائفية" في المناصب العليا.
وكان الجبوري دعا الاثنين قادة الكتل السياسية الى تمرير الاصلاحات، مطالبا بفرض المزيد منها. وارفق الجبوري هذا الموقف بدعوة العبادي الى اقالة الوزراء الذين يثبت ضلوعهم بالفساد.
واكد ان البرلمان "سيحدد وبشكل واضح اسماء او مؤسسات لغرض محاسبتها لتورطها بالفساد"، مضيفا "سنمضي بشكل مباشر في عملية استجواب استوفت كل الشروط القانونية اللازمة، لذلك طالبنا رئيس الوزراء باقالة عدد من الوزراء الذين ثبت عليهم الفساد والتقصير".
وسارع العديد من الكتل والاطراف السياسية الى تأييد مطالب الاصلاح، أقله علانية، وذلك للافادة من هذه الحركة وتخفيف الضغوط عليهم.
ورغم الضغوط الشعبية ودعم السيستاني للاصلاح، إلا أن الطبيعة المتجذرة للفساد في العراق واستفادة معظم الاحزاب والكتل السياسية منه، قد تجعل من الصعب احداث تغييرات جوهرية.
واضافة الى التحديات الاقتصادية والمعيشية، يواجه العراق منذ اكثر من عام، تحديات امنية هائلة تتمثل بسيطرة تنظيم "داعش" على مساحات واسعة من البلاد، وتنفيذه هجمات في مناطق اخرى ابرزها بغداد.
عجيبة
مع ن الفساد المستشري في العراق موجود حتى في البرلمانوصلاحياتهم