الإعلان عن انتصار «ساحق» للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد دخل التاريخ، وسيكون معلما بارزا في مجمل ما سيحدث في إيران مستقبلا. وهناك حاليا رأيان مطروحان، أحدهما عبَّر عنه أحمدي نجاد في كلماته بعد إعلان الانتصار، وهو أن ما حدث إنما يُعبِّر عن إرادة الجماهير الحاسمة، ورأي آخر يقوله الذين لم يربحوا في الانتخابات، وهو أن تدخُّلا في الساعات الأخيرة قلب النتائج.
لو أخذنا وجهة النظر بأن ما حدث إنما يُعبِّر عن إرادة الشعب، فإن هناك الكثير مما يمكن قوله، ومن بين ذلك ما أوردته في مقال يوم أمس، من أن عهدا جديدا بدأ في إيران، وهو عهد «إيران الخامنئي»، بدلا من عهد «إيران الخميني».
ولكن لو أخذنا ببعضٍ مما جاء في تصريحات الفريق الذي لم يربح، فإن هناك تساؤلات تحتاج إلى إجابات واضحة. فالمنافس الثاني في الانتخابات الرئاسية مير حسين موسوي قال لوكالتي «رويترز» و «الفرنسية» إنه فاز في الانتخابات بنحو ثلثي الأصوات. بعد ذلك بفترة أعلنت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية فوز أحمدي نجاد بنحو ثلثي الأصوات. وأثناء ذلك أعلن عن تمديد وقت التصويت بسبب الإقبال المتزايد في كل أنحاء إيران. وبعد أن أعلنت وزارة الداخلية الإيرانية النتائج الرسمية، بارك مرشد الجمهورية الإسلامية السيد علي الخامنئي الانتصار، هذا في الوقت الذي كان يتوقع المراقبون الانتظار إلى حين مراجعة الطعونات.
إعلان موسوي انتصاره - بحسب أحد أعوانه - جاء بعد أن تلقّى اتصالا من المسئولين عن الانتخابات يعلمونه بفوزه، وبالتالي فقد وجّه أنصاره للاستعداد لحفل كبير يوم الأحد (أمس) وهو اليوم الذي يتوافق مع احتفالات دينية بمناسبة ميلاد فاطمة الزهراء (ع).
بعد ذلك قيل إن رئيس مجلس الخبراء الشيخ هاشمي رفسنجاني يسعى لعقد جلسة طارئة لمجلس الخبراء - بصفته رئيسا للمجلس - للنظر فيما حدث، ولكنه لم يستطع عقد الاجتماع، وانتشرت إشاعات عن احتمال استقالته من جميع مناصبه الرسمية. السلطات الإيرانية قامت بإغلاق خدمة الرسائل النصية وخدمة الهواتف النقالة ومواقع الانترنت وخدمة «الفايس بوك» وغيرها من مواقع التفاعل الاجتماعي، وطلبت من الصحافيين الأجانب مغادرة إيران.
هذه الأحداث المتتالية بسرعة خاطفة يمكن أن نفهمها في السياقين المذكورين، سياق الانتصار الساحق لأحمدي نجاد، وأيضا في السياق الذي يطرحه الفريق الآخر الذي نافس على الرئاسة في 12 يونيو/ حزيران الجاري... ولا غرابة في اهتمام العالم بما يجري في إيران، لأنها دولة ذات أهمية كبرى، وأملنا أن تسير الأمور نحو ما يخدم الشعب الإيراني، ونحو ما يخدم شعوب المنطقة أجمع، فما حدث بعد 12 يونيو لن يزول من الأذهان مهما كانت وقائع الأمور وتفسيراتها ونتائجها، وإيران بعد هذا اليوم ستكون مختلفة جدّا عن 30 عاما مضت منذ انتصار الثورة الإسلامية في 1979.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2474 - الأحد 14 يونيو 2009م الموافق 20 جمادى الآخرة 1430هـ