في التسجيل الذي بين يدينا، يفتتح المرحوم العلامة الشيخ عبدالأمير الجمري مجلس التأبين موجهاً الشكر على التنظيم بالنيابة عن ذوي الخطيب، ولمن بادر بالمشاركة شعراً أو نثراً لذكر مناقب الراحل المحبوب، فهذا الاحتفال يأتي لكي نحيي روح الأدب والنبوغ في فن الخطابة الذي خدمه الراحل بكل إخلاص، فتكريمه في الحقيقة هو تكريم للإيمان الخالص والأدب الرفيع والأخلاق العالية، ولنجدد العهد بالسيرعلى خطاه ونمشي على إرشاداته، لقد كان مفخرة من مفاخر هذا البلد وحيداً في فنه محبوباً لدى كل عارفيه لذلك نعتبره نموذجاً فبمثله بكت العيون دماً.
ثم يقدم المرحوم الخطيب (العدناني) السيد محمد صالح السيد عدنان قصيدة من أبياتها:
فخرك اليوم يا منابر سارا
فالبسي الحزن قد عدمت الفخارا
عنك قد سار من سنا بك مجداً
ومن العز قد كساك وقارا
كان للناس في سماك هلالاً
شع بالوعظ والهدى أنوارا
كان في منبر الخطابة تاجاً
كللته يد الحسين مبارا
كان روضاً من البيان أنيقاً
يتحف الناس بالهدى أزهارا
كلما رفت التعاليم زهراً
صدح الوعظ فوقها أطيارا
كان وحياً من حكمة الوحي يبدي
لؤلؤاً بثه البيان نثارا
وأعقبتها قصيدة للأديب الحاج ياسين الرمضان ألقاها بالنيابة عنه الملا محمد جعفر العرب من أبياتها:
تبكي المنابر للفقيد الغالي
حزناً لمن ملأ الخليج لآلي
من محكم القرآن من تفسيره
من قمة الهادي وحوض الآلِ
من كل منثور أتى من حيدر
رب البيان ومفخر الأجيالِ
وإضافة إلى عرافته للحفل، قدم المرحوم الشيخ الجمري قصيدة من أبياتها:
أكذا الخطابة نكست أعلامها
أكذا المنابر قد تحطم هامها
أكذا البلاغة تنقضي أدوارها
أكذا الحقائق كسرت أقلامها
أكذا المكارم والكرام تبددت
شملاً وألقي في التراب زمامها
أكذا الحياة تشوهت وتدهورت
فقدت كرامتها وعم ظلامها
وجاءت قصيدة الخطيب محمد علي الناصري التي ألقاها بالنيابة الخطيب الملا محمد جعفر العرب تنعى زعيماً للمنبر الحسيني، فمن أبياتها:
ذكرى فقيدك يا منابر جددي
ولذكرك ما أن بقيت فرددي
جئنا بيوم الأربعين لبينه
ننعى فحيي يا منابر واشهدي
بطل الخطابة لا يشق خطابه
عفر المآزر بالمفاخر مرتدي
إن عد في الأدباء فهو زعيمها
أو قام في الخطبا فأبلغ مرشد
يغدو ابن وائل مرتجى لخطابه
ويرى ابن ساعدة بشأن مسعد
أما الخطيب ملا محمد جعفر العرب الذي شارك بإلقاء قصيدتين بالنيابة، فقدم كلمته التأبينية التي بدأها بالقول: «في هذا اليوم، تصادف الذكرى الأربعينية لوفاة فقيد المنابر الخطيب الحاج ملا أحمد بن رمل... عندما فوجئت بالنبأ المفجع المفزع... نبأ وفاة خطيبنا، خيلت أن السماء أطبقت علي وصرت في حالة خشيت على نفسي وبدت ملامح ذلك على وجهي... وهي بادية على كل صديق وقريب... فهو فقيدنا جميعاً... كان فينا كالأب يعطف علينا بحنانه ويشفق علينا بعطفه... أفنى عمره في خدمة المجتمع الإنساني بأمانة، وخدم المنبر الحسيني 60 عاماً واعظاً ومرشداً وموجهاً في البحرين وقطر والمحمرة والبصرة والإحساء ومسقط، حيث لاقاه مؤخراً فيها أمر ربه، فلبى ذلك الأمر عن عمر بلغ 76 وكان رحمه الله طوال تلك المدة متفانياً في خدمة الدين قولاً وعملاً وبكل شجاعة وعزم حتى أصبح قدوة لغيره وإماماً وحسن السيرة في أموره كلها وهذا ما يعرفه الأصدقاء ممن كانوا على صلة به، ولست مبالغاً إذا قلت إنه في طليعة أهل الإيمان وفق سيرته التي سار عليها، وكان فيها ذاكراً لآل الرسول وإما حاجاً لبيت الله وقد ختمت حياته بعد أن حج بيت الله وزار رسول الله (ص) وكانت المدة بين حجه وموته قصيرة لا تتجاوز اثني عشر يوماً وقبلها زار قبل عام من موته العتبات المقدسة في العراق... لقد نذر حياته لله وهو السر الذي دعا الناس للدهشة والبكاء... إن نبأ موته أحدث ضجة عظيمة كما هو معلوم لا في البحرين وحسب بل في جميع الأقطار العربية آنفة الذكر فكان الإنسان الفذ فقيدنا ترك في نفوسنا فراغاً لا تملأه الأيام»، ثم تلا بعض أبيات شعرية منها:
بكتك العيون بكا مستطيلا
بكتك أباً وبكتك خليلا
فجعنا بفقدك يا واحداً
فجعنا بموتك جيلاً فجيلا
فقدنا بفقدك خيراً كثيراً
فقدناك شهماً وسيفاً ثقيلا
فقدناك حقاً أبا المكرمات
أبا المكرمات وكنت القبيلا
أما الأديب والخطيب العراقي المرحوم السيد عبدالله السيد عزيز النجفي فقد ألقى قصيدة باللغة الدارجة استهلها بالقول: «هذا يوم التأبين للمرحوم - نور الله ضريحه - الصديق المخلص للكل والأجمع الملا أحمد بن رمل... أبياتي:
يا المأبن مسألة تعني لها*تشتكي عندك وانت اشكي لها
عزها بدموع وياك ودليل
وعز كل مثكول منها بهالجليل
من توصل اصرخ ونادي بعويل
ولو شفتها تنوح أنت انعي لها
لو شفتها تنوح والأعلام سود
عل الذي سار وسكن وسط اللحود
ملا أحمد نورها ومعدن الوجود
من وصل بيها انفقد يا ويلها
وللمرحوم الأديب منصور إبراهيم شهاب قصيدة:
مل دنياه فوافاه الحمامُ
فجفاها فعلى الدنيا السلامُ
هكذا الحر وهل يوم حلا
لكريم الخلق في الدنيا مقامُ
قد فجعنا وكريم النفس لم
تفتجع في فقده إلا الكرامُ
رب فرد ينطوي في فقده
فقد آلاف ويختل النظامُ
فإذا شق علينا فقد من
لم يزل يرعى له منا الزمامُ
واختتم مجلس التأبين بقصيدة للأديب المرحوم السيد رضي الموسوي أسماها (حياة الخلود):
أطل من الأفق الأزرقِ
هلالاً تهادى إلى المشرقِ
كسانا وحق لمن مثله
بلوغ التسامي ونيل الرقي
تغنت بأعماله الكائنات
وسارت إلى نثره تستقي
ويسكب ما تشتهيه النفوس
فمن يستمع صوته يعشق
يطوف عليهم بكاساته
فيوجد كل زلال نقي
العدد 4716 - الأربعاء 05 أغسطس 2015م الموافق 20 شوال 1436هـ
رحمه الله
نيل الخلود بالحسين عليه السلام
الذكر الطيب و الترحم على مثل هذه الشخصيات
دليل على حبهم لله
فمن أحبه الله حبب الناس فيه
الفاتحة