لم يستبعد جو بايدن، نائب الرئيس الأميركي، إمكانية خوضه محاولة ثالثة للوصول للرئاسة، مع اقتراب الموعد النهائي الذي حدده لنفسه بحلول نهاية الصيف لاتخاذ قرار نهائي بهذا الخصوص. وقد بدأت تلوح في الأفق مؤشرات على تنامي الضغوط عليه كي يقدم على تلك الخطوة، حسبما أفادت صحيفة الشرق الأوسط اليوم الإثنين (3 أغسطس / آب 2015).
وخلال فترة توليه منصب نائب الرئيس، قضى بايدن فترة طويلة في الحداد على ولده، «بو»، وتلقى خلالها آلاف المكالمات الهاتفية والخطابات وصورا أخرى من الاتصالات تعرب عن التعاطف وتدعو له بالسلوان. وذكر مساعدون له أن بعض من تواصلوا معه حثوه على الترشح للرئاسة، ومع ذلك، يبدو بايدن حتى الآن بعيدا تمامًا عن أي قرار بهذا الشأن. وقد تحدث بايدن وبعض أقرب مستشاريه إلى بعض ممن يحثونه على الترشح، لكن ليست هناك مؤشرات توحي باتخاذه خطوات جادة نحو إطلاق حملة للترشح، وهي حملة ستكون صعبة بالتأكيد لأنها ستعني العمل على حرمان هيلاري رودهام كلينتون من الفوز بترشيح الحزب الديمقراطي لها في الانتخابات الرئاسية.
ومع ذلك، تصاعدت التكهنات أول من أمس، عندما ذكرت الكاتبة مورين داود، في عمودها بصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، أنه قبيل وفاته في مايو (أيار) الماضي، حث بو بايدن والده على الترشح من جديد للرئاسة. وكتبت داود أن نجله الآخر، هنتر، شجعه أيضًا على الترشح. وأشارت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية في يونيو (حزيران) الماضي إلى أن كلا من نجلي بايدن يرغب في خوض والده المنافسة على الرئاسة عام 2016. والمعروف أن بو بايدن، النائب العام السابق في ديلاوير والذي كان يعد نجمًا سياسيًا صاعدًا، أبدى تفضيله، منذ أمد بعيد، ترشح والده للرئاسة مجددًا، رغم ما أبداه باقي أفراد الأسرة من تشكك.
بيد أنه من غير الواضح كيف سيكون مستوى أداء بايدن في مواجهة كلينتون، بالنظر للبداية القوية لحملتها الانتخابية، وحقيقة أن حملتيه الانتخابيتين السابقتين للوصول للرئاسة، عامي 1988 و2008، اتسمتا بالتذبذب وقصر المدة.
كما بدأ بعض مستشاريه بالفعل في معاونة كلينتون، من بينهم رون كلين، رئيس فريق العمل سابقا المعاون لبايدن خلال توليه منصب نائب الرئيس، والصديق المقرب له منذ أمد بعيد. ويعكف كلين حاليًا على معاونة وزيرة الخارجية السابقة على الاستعداد لأولى مناظراتها داخل الحزب الديمقراطي المقرر عقدها في الخريف للفوز بالترشح للرئاسة، وذلك حسبما أفاد أعضاء رفيعو المستوى بالحزب الديمقراطي.
من ناحية أخرى، أكد مسؤول بحملة كلينتون الانتخابية، انضمام كلين للحملة. ويرى من يدفعون بايدن نحو الترشح أن دوره الداعم داخل إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما زاد من مكانته وثقله. إضافة لذلك، فإنه يجري النظر إليه بوصفه شخصا صادقا قادرا على التواصل مع كثير من الناخبين لاستعداده الصادق للكشف عما يدور بداخله مثلما اتضح خلال الفترة اللاحقة لوفاة بو.
ويشير مقربون من بايدن إلى أنه سيتعين عليه دراسة إمكانية الترشح في حملة رئاسية أخرى، وتقييم ذلك في مواجهة ما يعدّه مسؤوليته بصفته رأسا للعائلة. وقد عكف بعض أصدقائه على دراسة الخيارات المتاحة أمامه، وخلصوا إلى أنه من الأفضل لبايدن التركيز بصورة كاملة على عمله نائبا للرئيس خلال الأشهر الأخيرة من عمر الإدارة، والدور الذي يرغب أن يضطلع به خلال السنوات المقبلة. ويرى هؤلاء أن خوض حملة انتخابية رئاسية من شأنه إلهاء بايدن عن حزنه لوفاة ابنه، لكنه سيخاطر بذلك بفقدان بعض من المشاعر الطيبة التي حظي بها إذا ما أدار حملته على نحو سيئ وفشل في أن يشكل تهديدًا حقيقيًا لترشح كلينتون.
بيد أنه يبدو أن لا أحد ممن حوله يعلم، حتى الآن، موقف زوجته، جيل، من الترشح للرئاسة من جديد.
يذكر أن آل بايدن يعكفون على وضع الخطط النهائية لعطلة من المقرر أن تجمع العائلة بأسرها هذا الشهر. وأشار مساعدون لبايدن إلى أن هذه العطلة قد تشهد أول مناقشة حقيقية من العائلة لمسألة ما إذا كان ينبغي على بايدن الترشح للرئاسة. ومن غير المتوقع أن يصدر بايدن بيانًا بهذا الشأن قبل سبتمبر (أيلول) المقبل.
وفي الوقت الذي تعد فيه كلينتون أبرز المرشحين الديمقراطيين لخوض المنافسة على الرئاسة حتى الآن، فإن لديها نقاط ضعف تثير قلق كثيرين من أعضاء حزبها. وكشفت استطلاعات للرأي مؤخرًا تراجع شعبيتها في خضم ما تكشّف من معلومات حول احتفاظها بحساب خاص للبريد الإلكتروني أثناء تقلدها منصب وزيرة الخارجية، بجانب ظهورها بمظهر الشخص البعيد الذي يتعذر التواصل معه. وفي المقابل، خطط بايدن وفريق العمل المعاون له منذ أمد بعيد لفترة تقييم لمستقبله السياسي، لكنها توقفت جراء المأساة التي تعرض لها بفقدان نجله.
شيئًا فشيئًا، استأنف بايدن الاضطلاع بالمهام الكثيرة المرتبطة بمنصبه، والتي تتضمن مسؤوليات سياسية. وأخيرا، ظهر خلال مناسبات لجمع تبرعات لحساب الحزب الديمقراطي في دينفر بلوس أنجليس وسان فرانسيسكو، وهي أولى المناسبات من هذا النوع التي يشارك فيها منذ وفاة ابنه.
من ناحيتها، قالت المتحدثة الرسمية كيندرا باركوف، في بيان وزعته عبر البريد الإلكتروني أول من أمس: «في الوقت الذي لا تزال فيه أسرة بايدن تمر بهذا الوقت العصيب، فإن نائب الرئيس يتركز اهتمامه على أسرته، بجانب انغماسه في عمله. خلال الأسابيع الأخيرة، عمل نائب الرئيس بقضية الاتفاق النووي مع إيران، وسافر عبر أرجاء البلاد لتسليط الضوء على الأولويات الاقتصادية للإدارة، بجانب قيامه بكثير من النشاطات الأخرى».
يذكر أن كبار مستشاري بايدن يضعون نصب أعينهم جميع المواعيد الزمنية النهائية المقبلة التي يتحتم عليه الالتزام بها إذا ما قرر الترشح داخل الحزب للفوز بالترشح للرئاسة. كما تحرص اللجنة الديمقراطية الوطنية على إخطار الفريق المعاون لبايدن بجميع القرارات المهمة، مثل جدول المناظرات المقررة أن تبدأ هذا الخريف. وقد أوضحت اللجنة أنه سيكون مرحبًا ببايدن للمشاركة بالمناظرات إذا ما قرر الترشح للرئاسة.