لا أحد يختلف أن التخطيط لمستقبل التعليم يجب أن يكون مرتبطاً باحتياجات ومتطلبات سوق العمل، وهذا لا يتحقق إلا بوجود وزارة تخطيط في البلاد أو لجنة مستقلة مشكلة من مختلف الوزارات والشركات الخاصة ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الحقوقية، تقدم دراسة دقيقة عن احتياجات سوق العمل لمدد قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى، بعيداً عن كل المؤثرات النفسية والطائفية، ووزارة التربية التعليم مهمتها توفير ما يحتاجه سوق العمل في المدة المحددة من قبل لجنة التخطيط، وفي حال لم تستطع القيام بهذا الدور الكبير، كأنها تقول إنها غير قادرة لإدارة التعليم في البلاد.
وقد أثبتت الوقائع في الفترة الماضية أن وزارة التربية لم تستطع تلبية احتياجات سوق العمل، ومازالت الوزارات الحكومية والشركات الخاصة تستعين بالعمالة الوافدة من مختلف بلدان العالم أكثر من السابق، إذا كانت وزارة التربية والتعليم ضمت إليها أكثر من 5000 وافد في الخمس سنوات الماضية في مختلف التخصصات التربوية والتعليمية، بحجة أنها لم تجد في البحرينيين العدد المطلوب في مختلف التخصصات التربوية والتعليمية من يسد شواغرها التربوية والتعليمية، فهل تستطيع من خلال ممارساتها الخاطئة والتمييز الذي تتبعه في توزيع البعثات والرغبات والمنح الدراسية سد احتياجات سوق العمل؟ بالتأكيد لم ولن نستطيع مادامت لا تأخذ بمبدأ المواطنة المتساوية وتكافؤ الفرص، ولا تلتزم بالاتفاقية الخاصة بمكافحة التمييز في مجال التعليم، التي اعتمدها المؤتمر العام لـ ( اليونسكو) في 14 ديسمبر/ كانون الأول 1960م، وخصوصاً المواد (1، 3، 4) والتي أكدت أن مجال التعليم حق لكل مواطن بصورة متكافئة ومتساوية، يبرز فيه المتفوقون ويكون لهم الدور المتميز في بناء مجتمعاتهم.
فلو رجعنا قليلاً إلى تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق في فقراته (1491، 1492، 1493، 1497) ، لوجدنا انتقاد اللجنة بشدة للوزارة بسبب إلغاء وفصل الطلبة من دون وجود أدلة جنائية، وقالت إن إجراءات الوزارة يشوبها التمييز، واعتبرت ما قامت به الوزارة تعد على حق الطلبة في حرية التعبير، هل استمعت الوزارة لتوصيات اللجنة في هذا الشأن وأوقفت ممارساتها التي يشوبها التمييز أم أنها تفننت في ممارساتها بأن أوجدت مشروع (60 ـ 40 في المئة) من أجل إبعاد من تشاء إبعاده وتقرب من تريد تقريبه من أبناء الوطن للبعثات والرغبات الدراسية.
قالت إن هدف المشروع هو تحديد ميول الطالب حتى لا يتعرض إلى تعثر دراسي، نقول للوزارة الموقرة، هل لجان المقابلات الشخصية بالفعل وجدت لتحديد ميول الطالب أم لإبعاد فئة من الطلبة والطالبات المتفوقين والمتفوقات الذين معدلاتهم التراكمية تتراوح بين 95 فما فوق عن استحقاقاتهم في البعثات والرغبات الدراسية؟ وهل تحديد ميول الطالب يأتي بعد التخرج، أم يأتي في وقت مبكر جداً، قبل دخول الطالب للمرحلة الثانوية؟
في المؤسسات التعليمية العالمية المعتبرة يحدد ميول الطالب ضمن برنامج معتمد عالمياً، وليس بلجان غير متخصصة في قياس الميول الطلابية، لأن تعريف الطالب بميوله العلمية الحقيقية يجعله يتعرف على موقعه بسوق العمل في المستقبل، وأنه لن يكون قلقاً على مستقبله، لأن سوق العمل سيستوعبه ولن يرفض توظيفه، متى يتحقق هذا المطلب؟ إذا ما كان التخطيط للبعثات يفي حقيقة بمتطلبات واحتياجات سوق العمل، بالتأكيد أن تحديد الميول لا يستوجب استقطاع 40 في المئة من مجهود الطالب الذي بذله في ثلاث سنوات وهي المدة التي قضاها في المرحلة الثانوية، فلهذا طالبت الجمعيات السياسية والمؤسسات الحقوقية وأسر المتفوقين والمتفوقات في البلاد إلغاء المشروع والاعتماد على المعدل التراكمي للطالب، ولكن الوزارة التي تعلم قبل غيرها أن المشروع الذي يعطيها المجال واسعاً لتحريك البعثات والرغبات كيف ما تشاء أن تنازلها عنه لن يحقق لها أهدافها.
ولهذا استمرت في تنفيذه طوال الخمس سنوات، والذي بسببه حرمت أعداد كبيرة من الطلبة والطالبات من المتفوقين والمتفوقات من البعثات والرغبات الدراسية، وقربت من هم أقل منهم في المعدلات التراكمية، لاعتبارات غير تربوية لا تخدم البلد ولا تحقق حاضراً ومستقبلاً زاهراً للوطن، والوزارة تعلم أن هذا المشروع لن يوصل التعليم في البحرين إلا لمزيد من التردي والتراجع في كل مفاصله، وأنه سيجعل فئة كبيرة من الطلبة يعيشون في قلق دائم على مستقبلهم التعليمي، وأنه لن يحقق احتياجات ومتطلبات سوق العمل ولو بنسبة متدنية، والأدلة واضحة في هذا الشأن كوضوح الشمس في رابعة النهار، فلو كانت مطمئنة من ممارساتها لما ترددت لحظة واحدة في نشر أسماء الطلبة ومعدلاتهم التراكمية والتخصصات التي حصلوا عليها، ولسمحت للمؤسسات الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني في مراقبة الإجراءات المتبعة في توزيع البعثات والرغبات الدراسية، على رغم أنها تعلم لو قامت بهذه الإجراءات ستغلق الأبواب على كل من يريد التحدث بسلبية عن البعثات، وكأنها بامتناعها عن تنفيذ هذه الخطوات العقلانية تريد أن تقول إن تنفيذها لا يخدم أهدافها.
إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"العدد 4713 - الأحد 02 أغسطس 2015م الموافق 17 شوال 1436هـ
نريد من الوزير والوزارة الرد على هذه التسائلات
أنا مع الوزارة والوزير.. بس ما يطلبه الرأي العامة في جريدة الوسط منطقي وخصوصا لوزارة تعتمد على الشفافية وهي ميزة حكومتنا الموقر..
لذلك لنغتم هذه الأفواه ونطمئن قلوب محبى وزارة التربية بأن الشفافية ديدن مسئولي الدولة..
نريد نثبت أن توزيع البعثات كانت عادلة بنشر ما طالبوا به وذلك نثب مصداقيتنا وأنهم أبواق لا تريد الخير لهذا الوطن ونسكتهم في غيرها من قضايا.
وكذلك عملية التوظيف والترقيات.. ظاهرة يوجد الكثير من المدراء والمدراء المساعدين المجنسين الجدد وليس بذات الكفاءة التي يمتاز زملاءهم الأمر....