التحقت أسماء كبرى هذا الصيف بأندية الدوري التركي لكرة القدم، التي تحاول جر الجمهور للعودة إلى المدرجات. ونظرا للواقع الكروي الحالي بتركيا، يمكن القول إن هؤلاء اللاعبين دخلوا رسميا مرحلة ما قبل الاعتزال مقابل الملايين. لم يكن الهداف الألماني ماريو غوميز الوحيد الذي انتقل إلى الدوري التركي الصيف الجاري، إذ سبقه إلى ذلك الهولندي فان بيرسي والألماني لوكاس بودولسكي والكاميروني صمويل إيتو، إلى جانب البرتغالي ناني وغيره.
كل هذه الأسماء ليست عادية في عالم كرة القدم؛ وإنما أسماء لنجوم برزت بقوة يوما في سماء الكرة الأوروبية، لكنها دخلت حاليا مرحلة الأفول سواء بدافع السن كما هو الأمر مع إيتو أو بسبب تراجع الأداء كما هو الأمر لدى بودولسكي وفان بيرسي وغوميز، علما بأن جميع هؤلاء اللاعبين بلغوا الثلاثينيات أو تخطوها بكثير.
أزمة الأندية التركية
من المؤكد أن الدوري التركي ليس هو القِبلة الأولى التي كان يحلم بها اللاعبون، على رغم ما يتميز به هذا الدوري من أجواء ملتهبة وحماسة منقطعة النظير، إذا ما تعلق الأمر بديربي أندية اسطنبول على وجه التحديد.
عدا ذلك، هناك تحديات كبرى تعصف بالكرة التركية، وأولها غياب الجمهور عن الملاعب، إذ لا يحضر المباريات سوى نحو ستة آلاف متفرج كمعدل متوسط، وهذا عدد لا يفوق حتى جمهور مباريات دوري الدرجة الثالثة في ألمانيا.
وما زاد من الطين بلة، أداء المنتخب التركي الضعيف الذي فاز في مباراة واحدة فقط (أمام كازاخستان) من أصل ست مباريات ضمن التصفيات المؤهلة لبطولة يورو 2016، ما يعني أنه سيغيب للمرة الرابعة على التوالي عن المسابقات الدولية.
وماذا عن الأندية الكبرى؟ هي ليست أحسن حالا، فهي لم تتعافَ بعد من قضايا الفساد التي تطاردها منذ موسم 2010 2011، والتي أدت إلى توقيف رئيس بطل الدوري آنذاك فنربخشة، إضافة إلى ستين آخرين من لاعبين وحكام ومسئولين. كما تمّ تأجيل الدوري لأسابيع.
وعلى رغم أنها تحقيقات تعود إلى أكثر من أربع سنوات مضت، إلا أنها لاتزال تخيم على أجواء البطولات المحلية في تركيا، ما جعل الجمهور ينفر من الملاعب، وبالتالي تخلى العديد من الرعاة عن الأندية الكبرى، لأن «كرة القدم كمادة تسويقية فقدت بريقها وجاذبيتها، والأجواء في عالم الرياضة لم تعد تتماشى مع أسس اللعب النظيف»، حسب ما صرح مراد أولكر، صاحب أكبر مصنع للأغذية في تركيا وأحد أهم رجل الأعمال الأتراك، لموقع «فوكوس أونلاين الألماني».
مرحلة ما قبل الاعتزال
وبحثا عن منقذ، اتجهت الأندية التركية على غرار بشيكتاش وفنربخشة إلى التعاقد مع نجوم سابقين، لن يكلفوا الكثير على العكس من ميسي أو نيمار، لكنهم سيجرون الجمهور إلى الملاعب لمشاهدة هذا أو ذاك.
ويجب القول أيضا إن التعاقدات الأخيرة التي أبرمتها الأندية التركية: بشيكتاش مع ماريو غوميس أو فنربخشة مع ناني وفان بيرسي، أو غَلَطَة سراي مع لوكاس بودولسكي تم إبرامها اعتمادا على ديون جديدة لتلك الأندية. ويكفي القول أن الهولندي الدولي ويسلي شنايدر لم يحصل على أجره الشهري ثلاثة أشهر متتالية، لأن صناديق غَلَطَة سراي فارغة.
ومن وجهة نظر اللاعبين أنفسهم، فلكل منهم دوافعه التي جعلته يلتحق بالدوري التركي. فعلى سبيل المثال لا الحصر يريد بودولسكي اللعب بانتظام، وكذلك يريد غوميز الذي أهدر فرصته في الدوري الإيطالي، وعيون الاثنين على يورو 2016، أملا في أن يقوم مدرب المانشافت يوآخيم لوف باستدعائهما مجددا في التشكيلة النهائية للفريق.
بيد أن المعطيات الحالية تشير إلى أن الأجواء السائدة حاليا في الدوري التركي لن تمنح أيا منهما إمكانيات موضوعية لاستعادة المستوى المنشود منذ سنوات. ومن ثم، يمكن القول إن هؤلاء سيقضون في تركيا مرحلة «خريف» المسيرة الكروية، أو مرحلة «ما قبل الاعتزال»، بدخل يتراوح بين ثلاثة إلى أربعة ملايين يورو في السنة الواحدة.
وهذه هي المواساة الحقيقية للاعبين كانت لهم أحلام كبيرة لم يتحقق إلا بعض منها، باستثناء صمويل إيتو.
العدد 4712 - السبت 01 أغسطس 2015م الموافق 16 شوال 1436هـ