في مقال له بـ «الواشنطن بوست»، ينقل ديفيد إجنيشس عن معهد السلام الأميركي وصفاً حزيناً لمستقبل العراق. هذا المعهد الذي كان راعياً لجهود وزير الخارجية الأميركي الأسبق جيمس بيكر وعضو الكونغرس السابق لي هاملتون حول العراق في العام 2006، والذي عُرِفَ لاحقاً بتقرير بيكر/ هاملتون، يقول بأن عملية المصالحة في العراق يجب أن تكون عضوية وقائمة على حوار جاد بخلاف كل الحوارات «الهراء» التي تمت منذ اثني عشر عاماً وإلى الآن.
ثم يُفسِّر كلمة العضوية ليقول بأنها «يجب أن تكون شبيهة بمعاهدة أوسلو بين الإسرائيليين والفلسطينيين في العام 1993 أو معاهدة دايتون بين دول البلقان في 1995، أو اتفاقية الجمعة العظيمة التي جاءت بالسلام لأيرلندا الشمالية في العام 1998. ولكل من النماذج الثلاثة قصة حزينة لكن المواطن العربي قد يصعب عليه تقبل أن تُستَنسَخ واحدة منها في بلاده كحل للصراعات القائمة، إلاّ إذا خلصنا إلى أن أهونها قد يكون هو الحل الأخير والمُر.
فإن قيل أوسلو فإننا نعني أن يحصل شيء يوازي «اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بحق (إسرائيل) في العيش في سلام وأمن»، وكأن أطراف الصراع في العراق وصل بها الحال إلى أن طرفاً ما لا يريد للآخر أن يتنعم بحق الحياة، وبالتالي فهم على طرفي نقيض: ديني وإثني وحتى إنساني!
وإن قيل اتفاق دايتون فهذا يعني أن يأتي أشخاص في العراق واحد من موقع سلوبودان ميلوسيفيتش (صربي) وآخر مثل فرانيو تودمان (كرواتي) وثالث مثل علي عزت بيغوفيتش (بوسني) ليتفقوا على تقسيم البوسنة والهرسك إلى منطقتين، واحدة تحت اسم: فيدرالية البوسنة والهرسك والثانية باسم: جمهورية صرب البوسنة، مع انتشار قوات حفظ سلام دولية! فهل حان وقت تقسيم العراق وتشطيره بين ثلاث قوميات/ طوائف/ مذاهب/ شعوب؟
وإن قيل اتفاق الجمعة العظيمة فهذا يعني أن تقاسم السلطة السياسية (كما جرى في أيرلندا الشمالية ما بين الأكثرية البروتستانتية مع الأقلية الكاثوليكية) وذلك لوضع حد لثلاثين عاماً من الصراع الأهلي والمذهبي. وهنا أيضاً نتساءل: هل ينتظر العراق جمعة عظيمة كالتي جرت في الأرخبيل كي ينتهي القتال والصراع؟
الحقيقة أن العراق «ربما» ينتظر جمعة عظيمة حقاً مع مراعاة مقاساته كبلد: شرقي، وعربي، ومسلم ومكنوز بالعشائرية حتى ولو حين وإلى أن يستوعب الجميع المشهد، ويعاد تصحيح البلد وحمله وطنياً. فالمهم هو أن العراق يجب أن يعيش تحت «حكومة مستوعبة لكل الأطراف». إنه عنوان عريض وجميل لكنه يُصبح كالطريق الملتوِي عندما يُراد له أن يتحقق. لذلك أقول لستُ مع القول بأن عقارب الساعة لا يمكن أن ترجع إلى الوراء، فمن أجل ضبط الوقت يمكنك تحريك العقارب نحو الخلف أو الأمام للضرورة وإلاّ سيظل الوقت خطأً فلا يهدي أحداً إلى الزمن السليم.
ما يجب فعله في العراق اليوم وقبل غد، هو أن يُعاد تقييم كامل المشهد السياسي القائم ليبدأ البناء من جديد من لحظة العشرين من مارس/ آذار 2003. بل حتى من المؤتمرات التي سبقت ذلك وشرّعت للاحتلال. نعم، قُتِلَ الكثير من العراقيين وحَمَلَ أبناءهم حقداً على الغادرين، لكن هذه المراجعة هي من أجل أن يتوقف قتل عدد أكبر مما سقط، وإبعاد الصدور عن أن تحمل أحقاداً أكبر.
كان إجنيشس يقول: «العراق بحاجةٍ إلى اقتسام للسلطة يشمل أصحاب المصلحة الحقيقيين داخل المجتمعات السُّنيَّة والشِّيعيَّة والكُرديَّة»، بدعم أربع دول هي إيران وتركيا والأردن والسعودية، بدل فرض النظام الفوقي الذي اعتقد المحتل الأميركي بأنه قادر على تطبيقه في العراق وهذا هو السليم.
لست أنا مَنْ يُروِّج لهذا الأمر بل سياسيون من صميم الدولة العراقية باتوا يتحدثون عن هذا الأمر بشكل واضح. لقمان الفيلي، السفير العراقي لدى واشنطن، وهو من المكوِّن الشيعي يقول: «نحتاج إلى جردة حساب لتحديد أين نقف الآن. نحتاج إلى ترجمة اللامركزية في هيكل الدولة والدستور وتعزيز الانسجام الاجتماعي مع المحافظة على حدود الدولة ووحدة أراضيها».
برهم صالح، وهو سياسي كردي معتدل جداً، وكان نائباً لرئيس وزراء العراق، ونافس الرئيس معصوم على منصب الرئاسة قال: «من المؤكد أن مشروع العراق لعام 2003 قد انتهى. لقد حان وقت إجراء حوار وطني جاد يعترف بفشل النظام الحالي ويناقش البدائل». إذاً الموضوع لم يعد تحليلاً سياسياً فقط، بل هو واقع وضرورة يجب أن تحصل، فلا يوجد مصداق وموضوع في البلد.
أتذكر قولاً دقيقاً لديفيد بروكس في الـ «نيويورك تايمز» يقول حول مشكلة العراق إن «مؤسسات الحكم يجب أن تعكس الولاءات الأساسية الموجودة على الواقع»، وهو ما لم يحصل وبالتحديد عند المكوِّن السُّني. لذلك وحسب توصيف بارنارد وتيم أرانجو في التايمز فإن تنظيم داعش «يختطف التظلمات المشروعة لأهل السنة»، وهو ما يجب أن يتبدَّل ليأتي أناس من الأنبار ليقولوا للتنظيم كفى. هذه الكلمة لن تتحقق كما يجب إلاَّ إذا شَعَرَ أولئك الناس بانتمائهم للدولة، وحينها لن يصبح التضحية بالدّم انتحاراً، ولا الحافز الوطني ميّتاً. هذا هو الواقع اليوم في العراق.
إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"العدد 4711 - الجمعة 31 يوليو 2015م الموافق 15 شوال 1436هـ
زائر 3
ليت أن الانتماء للعراق كوطن قد استبدل وحل مكانه الانتماء المذهبي ؛ العراق لم يعد وطناً لأحد، و لا بلداً صالحاً للسكن
العراق تدمرت.
من المعممين الذين لا يقلون عن صدام..
إللي يصير خله يصير
فلم يعد للعراق وجود: عمل قليل تلحق به سوريا
لقد تم غسل أدمغة العرب بأن الديمقراطية هي التي ستخلصهم من انتكاساتهم
الديمقراطية بشكل مخصتر جدا ... أصحاب المال و الثروة يملكون الأحزاب السياسية و وسائل الإعلام و يشكلون وعي الناخبين. في النهاية من يملك الثروة يملك السياسيين و الصحفيين. هذا باختصار معنى الديمقراطية.
الأمريكان ضحكوا على العراقيين الذين كانوا يحجون لواشنطن للإطاحة بصدام حسين. كانوا يتوهمون أن بزوال صدام سيصبح العراق يابان أو ألمانيا!
لبنان الديمقراطي صارت القمامة تملأ شوارعه لأن كل السياسيين في لبنان يعملون لأصحاب الثروة الذين هم كلهم دول إقليمية!
الانتماء للعراق كوطن قد استبدل وحل مكانه الانتماء المذهبي
ومايحدث في العراق من فتنة طائفية لن ينتهي إلا باحزاب وطنية يشارك فيها جميع مكونات الشعب
مازلت
مازلت اتذكر قول علي سلمان بان النظام العراقي افضل نظام عربي فهل يوجد بحريني عاقل يحب ان يعاني مثل مايعاني منه العراقين خلال السنوات الماضيه هذا مايريده زعمائكم للبحرين لكن حامض علي بوزكم
متى قال؟
ممكن الرابط؟!
حبل الكذب قصير يالحلو وكلامك يبي له إثبات..
فيديو مثلاً أو صوت لأنك لن تكون في أي مكان يخطب فيه الشيخ علي سلمان