العدد 4711 - الجمعة 31 يوليو 2015م الموافق 15 شوال 1436هـ

بريطانيا... خطر التطرف الإسلامي وتحديات الهوية والاندماج (2)

ديفيد كاميرون comments [at] alwasatnews.com

رئيس الوزراء البريطاني

بينما نعمل على مواجهة الأيدلوجية المتطرفة، لابد لجزء أساسي من استراتيجيتنا معالجة كلا القسمين من الأيديولوجية: العنيف وغير العنيف. وهذا يعني مواجهة جماعات ومنظمات قد لا تنادي بالعنف، لكنها تروّج لأجزاء أخرى من جدلية التطرف.

علينا أن نبيّن بأن من يقول «نعم، أنا أدين التطرف لكن الكفار فئة أدنى مستوى»، أو «العنف في لندن غير مبرر، لكن الهجمات الانتحارية في إسرائيل موضوع مختلف»، فإنه كذلك جزء من المشكلة.

على سبيل المثال، أجد من المدهش أن البعض يقولون «نحن لا نؤيد داعش» كما ولو أن ذلك يكفي لبرهنة أنهم غير متطرفين. لنكن واضحين، تنظيم القاعدة لا يؤيد «داعش»، وبالتالي لا يمكننا السماح بالانحدار بالمعايير إلى ذلك المستوى. علينا المطالبة أيضاً بأن يدين الناس نظريات المؤامرة، ومعاداة السامية، وكذلك الطائفية.

والحكومة تلعب دوراً أساسياً في ذلك. وهو ما دعانا إلى حظر دعاة الكراهية من الحضور إلى بلدنا. ولهذا السبب أيضاً طردنا أبا حمزة وأبا قتادة. وهو السبب كذلك بأننا عملنا، منذ الكلمة التي ألقيتها في ميونخ في 2011، على تحويل دعمنا بالأموال العامة من الأجهزة التي تشجع على التطرف غير العنيف إلى تلك التي لا تشجع عليه. وعلينا أن نفعل المزيد أيضاً فيما يتعلق بالتعليم. حيث أجرينا مراجعة فورية حين اتضح لنا أن بعض المتطرفين قد سيطروا على مدارسنا فيما يُعرف بفضيحة حصان طروادة في برمنغهام.

علينا إبطال تأثير المتطرفين المؤثرين الذين يحرصون على العمل ضمن حدود القانون، لكنهم يبغضون بوضوح المجتمع البريطاني وكل ما يمثله. مثل هؤلاء الناس ليسوا متطرفين وحسب، بل إنهم جماعات يمينية متطرفة بغيضة. وما يربط بينهم جميعاً هو هدفهم بإعداد الشباب وغسل عقولهم.

وعلينا أن نكون واضحين بشأن المستفيدين من حزمنا تجاه هؤلاء المتطرفين غير العنيفين. إنها العائلات التي تعيش في خشية أن يجنح أبناؤها للتطرف والفرار إلى سورية، والمجتمعات القلقة بشأن السم الذي يبثه متطرفون يمينيون يخططون للاعتداء على مساجدكم.

وبالتالي فإننا سوف نستحدث ضمن قانوننا بشأن التطرف سلطات جديدة موجهة بدقة لتمكيننا من مواجهة من يسهلون التطرف وقادة هذه الجماعات، ومنعهم من نشر الكراهية. كما سنعمل لتعزيز دور هيئة تنظيم الاتصالات لتمكيننا من اتخاذ إجراء ضد القنوات الأجنبية التي تبث ما يقوله دعاة الكراهية وبرامج تشجّع على التطرف.

وأود هنا أن أقول شيئاً للاتحاد الوطني للطلاب، حين تختارون ربط أنفسكم مع منظمة مثل «كيدج»، التي تصف الجهادي جون بأنه «شاب رائع»، وتدعو الناس «لمساندة الجهاد» في العراق وأفغانستان، فإن ذلك برأيي يلحق العار بمنظمتكم وبتاريخكم النبيل بمناصرة العدالة.

كما أننا بحاجة لمساندة العائلات والمجتمعات كذلك، فالبيئة المحلية، من عائلات وأقران ومجتمعات، هي من بين المؤثرين الأساسيين في حياة أي شاب. فإن سمع الشباب أقساماً من النظرة الدنيوية المتطرفة في بيوتهم، أو في مجتمعهم، فإن من شأن ذلك أن يجعل هذه النظرة مشروعة في عقولهم.

وسوف تقدم الحكومة المساعدة حيثما أمكنها. أعلم مدى قلق البعض بأن أبناءهم قد يعتنقون هذه الأيدلوجية، بل ويسعون أيضاً للسفر إلى سورية والعراق. وبالتالي أعلن بأننا سوف نستحدث نظاماً جديداً يتيح للآباء تقديم طلب مباشر لإلغاء جوازات سفر أبنائهم لمنعهم من السفر.

المسار الثالث من استراتيجيتنا هو تقوية مختلف الأصوات بين المسلمين. فمثلما أننا لا نتواصل مع الجماعات والأفراد المتطرفين، سوف نسعى الآن فعلياً لتشجيع أصوات المسلمين المعتدلين الذين يؤمنون بالإصلاح. وهذه نقلة كبيرة ومهمة جداً، في نهج الحكومة، حيث كانت الحكومات فيما مضى تسارع إلى تجاهل الجانب الديني للتطرف الإسلامي، وهذا مفهوم تماماً. فلا يمكن التأكيد بوضوح أكثر من ذلك: هذه الأيدلوجية المتطرفة ليست هي الإسلام الحقيقي. وقد قلت ذلك بنفسي مرات عديدة جداً، وأكرّر قول ذلك مجدداً اليوم.

لكن مجرد نفي أي رابط بين الدين الإسلامي والتطرف لا يكفي، حيث أن هؤلاء المتطرفين يصفون أنفسهم بأنهم مسلمون. والحقيقة التي نلمسها من ووليتش وحتى تونس، ومن أوتاوا وحتى بالي، هي أن جميع هؤلاء القتلة ينفثون نفس الجدلية الملتوية التي يزعمون أنها مبنية على دين محدد.

إن الأصوات الداعية للإصلاح تواجه صعوبة بالفعل: فالمتطرفون هم من لديهم المال والقيادات والرموز وآليات الدعاية. وعلينا أن نقلب الوضع رأساً على عقب. فإن كنت من الداعين للإصلاح، أو أردت مواجهة المتطرفين الناشطين بيننا، أو أردت تطوير جدلية بديلة، أو أردت فقط حماية أبنائك – فإننا معك ونقف إلى جانبك وندعمك – بتقديم مساعدة عملية، وبالتمويل والحملات والحماية والتمثيل السياسي.

وعلينا أن نتذكر بأن المتطرفين فقط هم من يقسمون المسلمين إلى مسلمين صالحين ومسلمين سيئين، وذلك بفرض عقيدتهم المحرفة على إخوانهم المسلمين والإصرار على أن هذه العقيدة هي الطريقة الوحيدة للإيمان. ونهجنا الجديد يهدف إلى عزل المتطرفين عن جميع المواطنين الآخرين لكي يتحرّر المسلمون لدينا من سم التطرف الإسلامي.

الجزء الرابع والأخير من استراتيجيتنا هو بناء مجتمع أكثر ترابطاً لكي يشعر مزيد من المواطنين بأنهم جزء منه، وبالتالي يصبحون أقل عرضة للتطرف. وأود أن أقول ذلك مباشرة لكافة الشباب الذين ينشأون ويترعرعون في بلدنا.

أتفهم تماماً أن مرحلة الشباب يمكن أن تكون صعبة، وأن من الأصعب أن يكون المواطن في بلدنا شاباً ومسلماً، أو شاباً وسيخياً، أو شاباً وأسود البشرة. وأعلم أنكم في الكثير من الأحيان تصارعون مسائل كبيرة تتعلق بهويتكم وانتمائكم، حيث لديكم الشعور بأنكم لستم جزءًا من الحياة العامة البريطانية ولا من الثقافة التي ينتمي إليها آباؤكم.

كما أعلم بأنه طالما استمر عدم العدالة – سواء كان متمثلاً بالعنصرية أو التمييز أو الرهاب البغيض من الإسلام – فقد تشعرون بأن لا مكان لكم في بريطانيا. لكنني أريدكم أن تعرفوا بأن لكم بالفعل مكاناً في بريطانيا، وسوف أبذل كل ما في وسعي لمساندتكم.

إننا بحاجة لأن يفهم الشباب أن باستطاعتهم هنا في بريطانيا تشكيل المستقبل بكونهم جزءًا ناشطاً في ديمقراطيتنا العريقة. وحين يتحقق ذلك، سوف يشعر مزيد من المواطنين من الأقليات العرقية بأن لهم دوراً حقيقياً في مجتمعنا. وفي الوقت نفسه نحن بحاجة لرفع آفاق بعض من أكثر المجتمعات عزلة وحرماناً في بلدنا. حيث هناك حالياً أجزاء من بلدنا الفرص فيها محدودة؛ واللغة تظل عائقاً حقيقياً؛ والكثير من نساء الأقليات تبقين خارج سوق العمل؛ وحيث التحصيل العلمي منخفض.

لا يُعقل، على سبيل المثال، أن هناك من ينشأون ويذهبون للمدارس وبالكاد يختلطون بأشخاص من خلفيات وأديان أخرى. فذلك لا ينمي حسّاً من الانتماء المشترك والتفاهم، بل إنه يباعد بين الناس من أديان وخلفيات مختلفة. إن هذه الأشكال من الفصل بالمدارس أو السكن ليست خطأ أو مسئولية أي مجتمع محدد، بل هي مشكلة معقدة تعود إلى عقود ماضية.

لأكون واضحاً، أنا لا أتحدث هنا عن انتزاع الناس من بيوتهم أو مدارسهم وإجبارهم على الاندماج مع الآخرين. بل ما أتحدث عنه هو إلقاء نظرة جديدة على نوعية المستقبل المشترك الذي نريده لشبابنا. من حيث السكن، على سبيل المثال، هناك أجزاء في بلدنا شهدت ارتفاعاً فعلياً بالفصل بين المجتمعات أو ظلت راسخة بعمق طوال عقود من الزمن.

إنني أعتقد أن بإمكاننا الانتصار في صراع جيلنا. مكافحة الأيدلوجية المتطرفة بالتصدي لها والترويج لقيمنا البريطانية المشتركة. ومواجهة التطرف بكافة أشكاله، العنيف وغير العنيف على حد سواء. وتمكين أصوات الاعتدال والإصلاح الذين يتحدثون نيابة عن غالبية المسلمين الذين يريدون استعادة مكانة دينهم. ومعالجة مشكلة الهوية والانتماء التي يشعر بها بعض الشباب، وذلك بتحقيق التقارب بين مجتمعاتنا وتوسيع الفرص للجميع.

إننا بحاجة لأن تكثف الشرطة جهودها لدى ارتكاب جرائم وألا تقف متفرجة؛ وبحاجة لأن تتصدى الجامعات للتطرف؛ وأن تتيح وسائل الإعلام المجال للقاء مختلف الأصوات؛ وأن تؤدي شركات الإنترنت دورها أيضاً. معاً يمكننا تحقيق ذلك. بريطانيا لم ترضخ يوماً للخوف أو الكراهية أو الإرهاب. معاً يمكننا هزيمة المتطرفين وبناء بلد أكثر قوة وتسامحاً، لأجل أبنائنا وأحفادنا ولكل من الأجيال القادمة.

إقرأ أيضا لـ "ديفيد كاميرون"

العدد 4711 - الجمعة 31 يوليو 2015م الموافق 15 شوال 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 6:29 ص

      نعم . أنكم تحاربون الدين الصحيح , والذي يمشي على غير هواكم .

      .

    • زائر 2 | 12:58 ص

      تخلوقنه وتمارسونه ثم تنتدقوه؟

      أي نوع من انواع التطرف لا يأتي عبثا انما هناك امور تبعث على نشأته
      انتم بريطانيا تغذون التطرف هذه حقيقة قبل ان تنتقد التطرف لدينا من يثبت
      انكم غديتم وتعاونتم مع جهات متطرفة من اجل مصالحكم والى الآن
      تدعمون انظمة في غاية التطرف
      اتمنى لو تصلك هذه الرسالة لتعرف اننا لا نجهل الحقيقة

اقرأ ايضاً