وصف إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي، الشيخ عدنان القطان، التفجير الذي وقع في سترة يوم الثلثاء الماضي (28 يوليو/ تموز 2015) واستشهد على إثره اثنان من رجال الأمن وأصيب 6 آخرون، بأنه «عمل إرهابي مستنكر ومدان من جميع مكونات وطوائف المجتمع البحريني؛ لأنه غدر فظيع، وجرم مروّع، وفعل دنيء، لا يقدم عليه عاقل يحترم نفسه، ولا يقدم عليه خير يخاف الله ويرجوه، ولا يقدم عليه مواطن صالح وفي، يحس بأمن الجماعة، ويتحرك بما ينفع الناس».
واعتبر في خطبته يوم أمس الجمعة (31 يوليو 2015)، أن من أقدم على هذا العمل «مريض قلب، وضعيف دين، عدو لنفسه أولاً، ثم عدو لأهله وقومه وجيرانه ومواطنيه والمستجيرين به والمستأمنين الذين قدموا ليعملوا على حفظ أمن البلاد والعباد. وإننا لنبرأ إلى الله تعالى من أن يرضى بهذا العمل مسلم في قلبه مثقال ذرة من إيمان».
وطالب القطان بـ «تطبيق الشرع والقانون بكل حزم، والاحتكام إلى العدالة الرادعة من دون تريث أو تمهل، وتغليظ العقوبات على الفاعلين والمحرضين والمدبرين لهذه الأفعال الإجرامية التي تهدد الأمن والسلم الوطني، وتروع الآمنين في ديارهم وممتلكاتهم، وتثير الصراعات والفتن الطائفية»
وأشار إلى أن «المخاطر كثيرة، وإن مكر الأعداء كبير، وهذا كله يستوجب يقظة الجميع في مواجهة كل فكر ضال أو تصرف عنيف أو سلوك إرهابي»، مؤكداً أن «هذا الإفساد في البلاد يستهدف الجميع، وتهدد نتائجه وآثاره الجميع. يجب توعية الناشئة وتذكيرهم ليعظموا أوامر الله وحرماته، ويحذروا سخطه ونواهيه، وكما تدرك الأمة عظم ذنب تارك الصلاة، يجب أن تدرك عظم جرم هذا الإفساد وخطره على الدين والدنيا».
وشدد على «إننا بحاجة إلى المواجهة بكلمة الحق الصادعة، والقول السديد، ينهض به العالم والمعلم والواعظ والخطيب والمفكر والكاتب»، مشيراً إلى أن «على العلماء والمفكرين، وأصحاب الرأي والقلم، وهم حراس الدين والديار والقيم والمكتسبات، عليهم مسئولية كبرى في توجيه الشباب، وتثقيفهم وتوعيتهم، وحمايتهم من الانسياق وراء أصحاب الأفكار الشاذة والمنحرفة، وأصحاب الأغراض والأهواء».
وأضاف «لا بد من حسن التوظيف للمنابر، ووسائل الإعلام والنشر والمناهج، والسعي الجاد نحو حفظ الدين والبلاد والعباد والأمة، يجب التوجه نحو حفظ الحقوق، وبناء القوة، والسعي الجاد في حفظ جمع الكلمة، والمحافظة على وحدة الصف، ونبذ الطائفية، ومعرفة فقه الخلاف، وأدب الاختلاف، وحسن الدعوة إلى الله، والجدال بالتي هي أحسن لا بالتي هي أخشن، والحوار الهادئ والنقد البناء».
واستدرك قائلاً «مع هذا كله، فإن هذه البلاد الطيبة المسالمة مطمئنة إلى قادتها وأهلها ورجالها ونسائها وصغارها وكبارها، شبابها وعلمائها، ساستها وأهل الرأي فيها، كلهم على منهج وسط، شهد لهم كل من خالطهم وعاش معهم، فلله الحمد والمنة».
وأكد أن «تلكم حقيقة راسخة ثابتة، لا يمكن تغييرها والخروج عليها بإذن الله، تربوا عليها وفقهوها وعياً، وتمثلوها مسئوليةً وسلوكاً، فهم لا يشقون الطاعة، ولا يفرقون الجماعة، ولا ينازعون الأمر أهله، ولا يضخمون الأخطاء، ولا يخفون الحسنات، ولا يقطعون ما أمر الله به أن يوصل، ولا يفسدون في الأرض، ولا يثيرون الفتن، ولا يعتدون على مؤمن ولا مستأمن، ولا يغدرون بذمة، ولا يروعون آمناً، ويتقون الله ما استطاعوا، يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويسارعون في الخيرات بإذن الله. هذا عندهم منهج ودين ومسلك وعقيدة، والتقصير البشري وارد، بل واقع، والنقد الهادف متاح، وكل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون».
وبدأ القطان خطبته بالقول: «اتفقت الشرائع والملل على حفظ حقوق الإنسان، وتقرير كرامته، فالخلق سواسية في التكاليف والمسئوليات. بنو آدم كلهم أهل للتكريم والاحترام والتفضيل، ودين الله الذي جاءت به الرسل عليهم السلام، دعا إلى ترابط البشر فيما بينهم، وتعاونهم على الخير والبر والعدل والصلاح، وفي دين الإسلام تأتي السماحة والرحمة في أصول مبادئه وتعاليمه، وفي روح أحكامه وتشريعاته، فرحمة ربنا وسعت كل شيء، وهي قريب من المحسنين، ومحمد صلى الله عليه وسلم، هو رحمة الله للعالمين أجمعين»، مبيناً أن «تعاليم دين الإسلام، تتميز بإعطاء الطابع الإنساني منزلةً متميزة في قيم أخلاقية عالية،».
وقال: «كل هذه المبادئ والمثل وأمثالها لتكون الحياة طيبة، ولتعمر الأرض، ويسود الصلاح والإصلاح، وذلكم هو سبيل التقوى والتكريم، وكل هذه المبادئ والمثل ليأمن الناس على أنفسهم من أنفسهم، وليتقوا شرور أنفسهم وسيئات أعمالهم، وليحذروا نزغات شياطين الإنس والجن ووسواسهم».
وبين أن «بنو الإنسان هم خلفاء الأرض ليبنوا ويعمروا ويتنافسوا في الإصلاح فيها».
وأفاد بأنه «لترسيخ هذه المبادئ، وليسود الصلاح والإعمار فقد اشتد النكير على من سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك حرثها ونسلها، ومن أجل ذلك كذلك، فإن من أعظم الذنوب، وأكبر الكبائر، سفك الدم الحرام، وقصد المعصومين، بالتخويف والترويع والإيذاء والقتل، ناهيكم عن استخدام وسائل التفجير والتخريب والهدم والتدمير، فكل ذلك من أشد أنواع الفساد في الأرض والإفساد في الخلق.
وأردف قائلاً «إن من الحكمة والتعقل، النظر في آثار مثل هذه التصرفات، ونتائج مثل هذه المسالك، ولا سيما على أهل الإسلام وديار الإسلام، ولا بد من وقفة حساب، وموقف محاسبة، من أجل النظر في المكاسب والخسائر، ماذا جرت هذه التصرفات العبثية؟ وماذا جرى لأهل الإسلام؟ لقد تغلغل الأعداء المتربصون في كثير من ديار المسلمين، واستطالوا عليهم بألسنتهم وأسلحتهم وإعلامهم وأقلامهم، واستنفروا دولاً وجمعيات ومنظمات وهيئات، حتى جعلوا المظلوم ظالماً، وصاحب الحق باغياً، مستدلين ومستندين إلى مثل هذه التصرفات الرعناء، ومتذرعين بمثل هذه المسالك الهوجاء. لقد أوشكت أن تضمحل قضايا المسلمين الكبرى، وتتوارى مشكلات أخرى يراد لها أن تأخذ المسار نفسه».
واعتبر أن «مثل هذه التصرفات الحمقاء، قدمت الذرائع والمسوغات لمزيد من التدخل والتسلط، ومزيد من الإثارات والثارات على الإسلام وأهله ودياره».
وتساءل: «ألم يدركوا أنه لم يستفد من ذلك إلا الحاقدون والموتورون الذين يسرهم أن يختلط أمر الأمة، ويختل أمنها ويضرب بعضها بعضاً! لقد أصبح المسلمون بعلمائهم ورجالهم وساستهم ودعاتهم، وبل شبابهم مادةً يلوكها الإعلام والقنوات الفضائية، وكم من ساخط وحاقد تدخل فيما لا يعنيه بسبب هذه التصرفات الرعناء».
وتابع «هؤلاء المتطرفون الإرهابيون هاجموا بلادهم، وقتلوا أهليهم ورجال أمنهم، وخفروا ذمة ولاة أمورهم، وروعوا الآمنين، وفتحوا الأبواب لتمكين المتربصين»، متسائلاً: «هل يريدون جر البلاد والعباد إلى ويلات تحرق الدين، وتزعزع الأمن، وتشيع الفوضى، وتحبط النفوس، وتعطل مشاريع الخير ومسيرة الإصلاح؟! هل يريدون أن يذل الأحرار وتدنس الحرائر ويخرج الناس من ديارهم؟! هل يريدون أن يكثر القتل وتنتهك الحرمات، وتتفرق الناس في الولاءات، وتتعدد في المرجعيات، حتى يغبط الأحياء الأموات كما هو واقع ـ مع الأسف ـ في بعض الديار التي عمتها الفوضى والثورات وافترسها الأعداء، يريدون إثارة فتن وقودها الناس والأموال والثمرات، ونتاجها نقص الدين ونشر الخوف والجوع والفرقة».
وزاد في تساؤله «ألا يعلم هؤلاء المتطرفون المخربون، أنه على طول التاريخ لم تنجح حركة تتخذ من العنف مسلكاً! ألم يعلموا أنه لا يمكن أن يؤدي الإرهاب إلى تحقيق هدف أو مكسب، ناهيكم إذا لم يكن له هدف واضح أو قضية بينة، فضلاً أن يكون له هدف مشروع أو حق ظاهر. كم من شاب غر أقدم على اغتيال وتفجير وتدمير، قتل نفسه ومن حوله دون مسوغ شرعي عياذًا بالله. ألا يعلم هؤلاء المتطرفون الأغرار أنه لا يوجد أحد من العلماء الثقات الذين يخافون الله وممن يعتد به، أجاز مثل هذه الأعمال والتصرفات. وليحذر من يتقي الله ربه، وينصح لدينه وأهله ووطنه، أن يسوغ ويبرر لمثل هذه الأعمال الإرهابية، أو يفرح بها، أو يتردد في إنكارها».
العدد 4711 - الجمعة 31 يوليو 2015م الموافق 15 شوال 1436هـ
نريد اتعيش بسلام
كل واحد يخرب في البلد منبوذ من المجتمع البحريني ونحنوا داعه سلام شيخنا العزيز كل موطن او مقيم يجب عليه الاتزام بقانون المملكه البحرين ونتمنا من الجميع التزام بذلك الحمد لله ربي العالمين نعيش الشيعه والسنه من آلاف السنين ولم يعرف في البحرين تفرقه بين ذلك
التفجير مدان
أحسنت يا شيخ، لقد استنكر التفجير كبار علماء الطائفتين كما استنكروا من قبل تفجيرات داعش
فلا يُنسب الإرهاب إلى مذهب ولا إلى تيار سياسي سلمي يدينه بصدق، ومن ينسب المذهب لذلك فهو جاهل أو متعمد لأهداف طائفية أو سياسية