لقد بنينا، على مدى أجيال طويلة، شيئاً هائلاً في بريطانيا – مجتمعاً ديمقراطياً متعدد الأعراق ومتعدد الأديان، مجتمعاً منفتحاً ومتنوعاً وودوداً – وهذه الصفات بريطانية تماماً كالوقوف في طوابير والحديث عن الطقس.
هنا في بريطانيا، حيث الناس على اختلاف أصولهم، والذين يؤمنون بأديان مختلفة ويتبعون عادات وتقاليد مختلفة، تربطهم ببعض ليس فقط علاقات تعارف، بل أيضا علاقات قرابة وصداقة؛ أزواج وزوجات وأبناء أخوال وعموم وجيران وزملاء.
وهنا في بريطانيا حيث يمكن لمواطني جيل أو جيلين الحضور إلى هنا وهم لا يملكون شيئا ومن ثم يترفعون بالمناصب والمكانة إلى حيث تصل بهم مواهبهم. وهنا في بريطانيا يتحقق النجاح ليس على الرغم من تنوعنا، بل بفضل تنوعنا. وبالتالي بينما نتكلم عن خطر التطرف وتحديات الاندماج في المجتمع، علينا عدم انتقاد بلدنا – حيث إننا، بلا أدنى شك، منارة للعالم.
وبينما نناقش هذه المواضيع، علينا ألا ننظر لأشخاص من خلفيات معينة على أنهم خبثاء. فكل مواطن في مجتمعنا أتى إلى بلدنا واعتبره موطناً له ساهم بجعل بريطانيا بلداً أفضل. ونظراً لأن تركيز كلامي اليوم ينصب على معالجة التطرف – وليس الإسلام كدين – فاسمحوا لي أن أقول التالي: أعلم مدى عمق مساهمات المسلمين من كافة الخلفيات والطوائف في كل وجه من أوجه مجتمعنا، وهم يفتخرون بكونهم بريطانيين ومسلمين، دون تضارب أو تناقض بين الأمرين. كما أعلم شيئاً آخر: أعلم مدى كرهكم للمتطرفين الذين يسعون لتقسيم مجتمعاتنا، ومدى بغضكم لما يتسببون به من ضرر.
تبدأ – بل لابد أن تبدأ – بفهم التهديد الذي نواجهه وسبب مواجهتنا له. إن ما نكافحه، في الإسلام المتطرف، هو أيديولوجية، عقيدة متطرفة. وكأي عقيدة متطرفة، هذه الأيديولوجية مدمرة. فهي تسعى في أقصاها إلى تدمير دول وابتكار حكمها البربري الخاص بها. وهي عادة ما تساند العنف لأجل تحقيق هذا الهدف – وأغلبه عنف ضد مسلمين لا يتفقون مع هذه النظرة الدنيوية المريضة.
لكن ليس بالضرورة للمرء أن يؤيد العنف لكي يؤمن بأفكار متشددة معينة تهيئ البيئة التي يمكن أن ينشأ ويترعرع بها المتطرفون. أفكار معادية لأبسط القيم المتحررة، كالديمقراطية والحرية والمساواة بين الجنسين. أفكار تروج فعلياً للتمييز والطائفية وفصل الناس وتمييزهم عن بعضهم. أيديولوجيات – كتلك التي يؤمن بها اليمين المتطرف البغيض – تميز هوية واحدة بشكل يضر بحقوق وحريات الآخرين. وكالكثير من الأيدلوجيات التي وجدت من قبل – سواء كانت فاشية أو شيوعية – تجتذب هذه الأيديولوجية الكثير من الناس، وخصوصاً الشباب. وعلينا أن نحاول فهم سبب كونها جاذبة لهم بهذا الشكل.
إن السبب الأساسي وراء الخطر الذي نواجهه هي الأيدلوجية المتطرفة نفسها. وأنا أقول بأن الشباب ينجذبون لهذه الأيديولوجية لأربعة أسباب أساسية .
أولاً: هذه الأيديولوجية، كأي عقيدة متطرفة، يمكن أن تبدو محفزة، خصوصاً بالنسبة للشباب، حيث يشاهدون تسجيلات فيديو تمجّد «داعش» على أنه دولة رائدة تواجه العالم وتضع منفذي أعمال القتل العنيف بمصاف المشاهير. وبالتالي فإن هؤلاء الناس اليوم لم يعودوا يعتقدون فقط بالتطرف الإسلامي؛ بل إن لديهم في «داعش» اليوم تجسيداً حياً لهذا التطرف.
ثانياً: الانسياق إلى هذه الأيدلوجية لا يتطلب بالضرورة الإيمان بالعنف البربري. ولا أحد يصبح إرهابياً فجأة، بل إن الإرهاب يبدأ بعملية جنوح نحو التطرف. وحيث ننظر بالتفصيل بخلفيات المدانين بجرائم الإرهاب، يبدو واضحاً أن الكثيرين منهم كانوا قد تأثروا في البداية بما يعتبره البعض متطرفين غير عنيفين.
ثالثاً: أتباع هذه الأيديولوجية يطغون على أصوات أخرى في النقاش بين المسلمين، خصوصاً من يحاولون مواجهة هذه الأيدلوجية. وبالتالي هناك الكثير جداً من الأصوات المسلمة القوية الإيجابية التي طغت عليها أصوات المتطرفين.
رابعاً: هناك أيضاً مسألة الهوية والانتماء، فعلى رغم كل النجاحات التي حققناها في مجتمعنا متعدد الأعراق والأديان، علينا مواجهة حقيقة مأساوية، وهي أن هناك من وُلدوا ونشأوا في بريطانيا ولا يشعرون بالانتماء لها، كما أنهم بالكاد يشعرون أن هناك ما يربطهم بالناس هنا. وبكل تأكيد، هناك خطر في بعض مجتمعاتنا يتمثل بأن البعض يعيشون طوال حياتهم هنا بينما بالكاد لهم أي صلة أو علاقات بأتباع ديانات أخرى أو بمن أتوا من خلفيات أخرى.
وبالتالي حين تسعى جماعات مثل «داعش» إلى حشد تأييد شبابنا لأيدلوجيتهم السامة، فإنها تمنح هؤلاء الشباب حساً بالانتماء يفتقرون إليه هنا في وطنهم، وبالتالي يصبحون أكثر عرضة للتطرف وحتى للعنف ضد غيرهم من البريطانيين الذين يربطهم بهم ولاء حقيقي.
إذاً علينا الرد على كل نقطة من هذه النقاط الأربع. وإن فعلنا ذلك، فسوف يتبعها التوصل للنهج الصحيح لهزيمة هذا التطرف.
أولاً، إن أية استراتيجية لهزيمة التطرف لابد لها أن تواجه، مباشرة، أيدلوجية التطرف التي تدعمه. علينا تفكيك عناصرها، النظرة الدنيوية العقائدية، ونظريات المؤامرة، وأيضاً ما يُطلق عليه جوانبها الجذابة.
وحين نفعل ذلك، علينا ألا ننسى أقوى ما بجعبتنا من أسلحة: قيمنا المتحررة. علينا كشف حقيقة تطرفهم – معتقد يمجّد العنف ويقمع مواطنيه– خصوصاً المسلمين. نحن جميعنا بريطانيون، نحترم الديمقراطية وسيادة القانون، ونؤمن بحرية التعبير والصحافة والعبادة، كما نؤمن بالمساواة في الحقوق، بصرف النظر عن العرق أو الجنس أو التوجه الجنسي أو الدين. نحن نؤمن باحترام مختلف الأديان، لكننا نتوقع كذلك من أتباع تلك الأديان تأييد طريقة الحياة البريطانية، فهذه قيم بريطانية تعززها مؤسسات بريطانية متميزة. وحريتنا تأتي من ديمقراطيتنا البرلمانية، وننعم بسيادة القانون بفضل استقلال قضائنا. إنه الوطن الذي نبنيه معاً.
وسواء كنت مسلماً أو هندوسياً أو يهودياً أو مسيحياً أو سيخياً، وسواء وُلدت هنا أو في الخارج، يمكننا جميعاً أن نشعر بأننا جزء من هذا البلد، وعلينا الآن جميعاً أن نتكاتف في الدفاع عن قيمنا بكل ثقة وفخر. وبينما نفعل ذلك، علينا جميعاً مواجهة نظريات المؤامرة السخيفة التي يروج لها المتطرفون، وكذلك أن نواجه معاً نظريات المؤامرة بشأن المسلمين في بريطانيا، وأعلم جيداً مدى الألم الذي يمكن أن تتسبب به. ويجب علينا التصدي لمن يحاولون الإيحاء بوجود نوع ما من مؤامرة إسلامية سرية للاستيلاء على حكومتنا، أو أن الإسلام وبريطانيا غير متوافقين نوعاً ما.
كما أن علينا إبطال تمجيد فكر المتطرفين، خصوصاً «داعش». فهذه جماعة تقتل الناس بإلقائهم من على أسطح المباني، وتحرق الناس أحياء، وكما تبين من برنامج وثائقي بثته القناة 4 الأسبوع الماضي، يغتصب رجال هذه الجماعة البنات الصغيرات، ويرجمون نساء بريئات حتى الموت. إنها ليست حركة رائدة، بل هي جماعة شريرة وحشية وبغيضة للغاية.
ورسالتي لكل شاب أو شابة في بريطانيا ممن يفكرون بالالتحاق بهذه الجماعة هي التالي: لن تكونوا أعضاء في حركة تحظون منها بالتقدير. بل إنكم بالنسبة لهم مجرد جنود لا قيمة لهم يمكن التضحية بهم لتحقيق أغراضهم، وسوف يستغلونكم. إن كنت صبياً فسوف يغسلون دماغك ويربطون حزاماً ناسفاً حول جسدك ويفجرونك. وإن كنتِ فتاةً، فسوف يستعبدونك ويسيئون إليك، وتلك هي الحقيقة الوحشية المقززة لـ»داعش». وبالتالي، حين نضع استراتيجيتنا لمكافحة الإرهاب في الخريف، فيما يلي ما نبحث عمله:
-الاستعانة بمن يفهمون حقاً كيفية الحياة تحت «داعش» ليصفوا للشباب والمعرضين للجنوح للتطرف الواقع الوحشي لهذه الأيدلوجية.
-تمكين السوريين والعراقيين والأكراد البريطانيين لتتوفر لهم منصات يتحدثون من خلالها ضد الدمار الذي يتسبب به إرهابيو «داعش» في بلادهم.
- مواجهة أفضل لهذه الأيدلوجية على الأرض من خلال برامج محددة لمعالجة التطرف.
وبينما نبذل كل هذه الجهود لمكافحة الأيدلوجية الإسلامية المتطرفة، علينا أيضاً إدراك ضرورة الدخول في بعض النقاشات غير المريحة، خصوصاً تلك التي لها جوانب ثقافية. ففي الكثير من الأحيان افتقرنا للثقة لفرض قيمنا خشية التسبب بالإساءة. وأعتبر الفشل سابقاً في مواجهة أهوال الزواج بالإكراه مثالاً على ذلك. وكذلك هو الحال بالنسبة للوحشية المطلقة المتعلقة بختان الفتيات.
إننا بحاجة لمزيد من الجهود المنسقة للقضاء على هذه الممارسات في مجتمعنا. مزيد من الملاحقات القضائية. وعدم غض البصر بعد الآن على أساس زائف يتعلق بالحساسيات الثقافية. لكن لماذا يعنينا ذلك بهذا القدر؟
علينا أن نفكر بما يعنيه التسامح السلبي بالنسبة للفتيات الصغيرات البريطانيات المسلمات. لا يمكننا أن نتوقع منهن الإحساس بالقوة المحرِّرة في قيمنا إن لم ندافع عنهن حين يتعرضن لأي اعتداء. وبالتالي يسرني أننا اتخذنا خطوات أكثر من أية حكومة أخرى، لمعالجة هذه الجرائم الشنيعة. وسنواصل الضغوط على الممارسات الثقافية التي تتنافى تماماً مع هذه القيم الأساسية. ولهذا السبب أعلنت وزيرة الداخلية عن مراجعة بشأن المحاكم الشرعية، وأصدرنا تشريعات تتيح للسلطات ضبط جوازات سفر من هناك شك بأنهم يسافرون بالفتيات إلى الخارج لإجراء عمليات ختان الفتيات. (للحديث صلة).
إقرأ أيضا لـ "ديفيد كاميرون"العدد 4710 - الخميس 30 يوليو 2015م الموافق 14 شوال 1436هـ
بريطانيا
بريطانيا هي السبب
بريطانيا خطر التطرّف
نحن لا نعلم ماهو الغرب ونواياه اتجاه المسلمين والذين يتصارعون على دولهم وهم نيام الغري يريد تصدير الاٍرهاب الى الدول التي تستقر برضاها على حكامها أيها العرب لكم اوطان وكلكم مسؤول عن رعيته اتبهو اليوم لكم جاه وبكره لكم مئوه يعني مشردين عندما كُنتُم اعزاء في او طانكم كونو اعزاء مثلما تعودنا عليكم لا تنجرفو في ضياع أوطانا
دولة رئيس الوزراء المحترم
لا اقول اولا الا . شكرا لكم و لجيشكم البطل الذي شارك في تحرير بلدي العراق من ابشع مجرم دموي عرفته البشرية كان من قوانينه قطع الالسن و الاذان و وشم الجباه !! واستخدام الكيمياوي ضد شعبه ! ثانيا , يامعالي دولة رئيس الوزراء . اعلم ان الارهاب واضح و دينه و عقيدته واضحة وانكم تعرفون جيدا مدرسته الفكرية و منابعه فلماذا كل هذا اللف والدوران ؟ تحية مرة اخرى و حمى الله بريطانيا و امريكا وكل الدول التي تحارب الارهاب الداعشي .
لا تقل لي انكم لم تستغلّوا التطرف الاسلامي
كشعوب ندرك انكم استغليتم هذا التطرف ليعمل في صالحكم.. لكن السلاح الخطر احيانا يرتد على صاحبه وكما يقال نيران صديقة
السيد ديفيد كاميرون المحترم
محاربة التطرف والتعصب والإرهاب الإسلامي ليس باستضافة رجاله المتعددي المذاهب الإسلامية وفتح قنوات تلفزيونية وجعلهم يكفرون مذاهب ورموز بعضهم بعض هذا يزيد العداء والكراهية ويساعد على التطرف هذا لا يسمى حرية بل يزيد نار الفتنة بين المسلمين
ولكم عين تتحدثوا عن الارهاب وانتم صنّاعه
انتم من صنع الارهاب واذاق منه الكثير من الشعوب ولشعب البحرين القسم الاكبر من ارهابكم
حسبنا الله ونعم الوكيل