بدأ خروج عوض الحربي من بوابة سجن الطائف الذي أمضى فيه 18 عاما، كأنه حفل زفافه الذي احتـفل به قبل فترة خلف القضبان على ابنة زميله التي أنجبت له طفلة سماها "أمـل".. الفارق أن هذا "الزفاف" للحربي الذي يعتبر أقدم سجين، كـان إلى الحياة بعد أن كان حد السيف قاب قوسين أو أدنى من رقبته بحكم قصاص شرعـي، لولا تمكن أهل الخـير من تأمين 27 مليون ريال لسداد قيمة دية التنازل لأولياء دم زميله الذي قتله قبل 18 عاما، مشيرا في تصريحات إلى "الوطن" إلى أن سعادته لا توصف بـ"تحقيق هذا الأمل الذي انتظرته طويلا".
تحقق الأمل لسجين الطائف عوض الحربي الذي كان ينشده عندما أطلق على ابنته من زوجته التي تزوجها سجينا محكوما بالإعدام لقتله مواطنا في محافظة الطائف قبل نحو عقدين من الزمن اسم " أمل"، مؤملا أن تكون تلك الطفلة التي تخلقت داخل السجن في غرفة الخلوة الشرعية أمله في الحياة إما بتحقيق العفو عنه أو وجود من يحمل اسمه بعد وفاته.
وبعد 18 عاما من السجن خرج الحربي أمس من بوابة السجن إلى فضاء الحرية بعد أن كان السيف قاب قوسين أو أدنى من رقبته لولا أن كتب الله له الحياة من جديد بتحقيق العفو عنه بعد أن تعنت أولياء أمور الدم ورفضوا التنازل إلا بمبلغ وقدره 27 مليون ريال خلال 4 أشهر من نهاية شوال الماضي.
وتوافد أمس أكثر من 50 شخصاً من أقارب الحربي من الرجال والأطفال والنساء وحضروا أمام بوابة السجن في حي مسرة منذ الظهيرة، وانتظروا ما يقارب 3 ساعات حتى تمت إجراءات الإفراج عنه.
وتعود قصة الحربي إلى ما قبل 18عاما عندما قتل أحد أصدقائه لخلاف نشب بينهما، وتم إيداعه السجن العام وصدر الحكم بقتله قصاصا وأجل التنفيذ إلى بلوغ ابن المجني عليه القاصر، وبعد بلوغ الابن سن الرشد رفض التنازل عن الحربي، وبعد أن سعى عدد من المصلحين من قبائل مختلفة وافق أولياء الدم على التنازل مقابل 27 مليون ريال، وتم فتح حساب لجمع المبلغ تحت إشراف إمارة منطقة مكة المكرمة وتم إطلاق حملة لجمع المبلغ، واستطاع فاعلو الخير من قبيلة الجاني والقبائل الأخرى جمع المبلغ المطلوب خلال 3 أشهر تقريبا، ليتم تحقيق شرط العفو وتصديق تنازل أولياء الدم ليتم البدء في إنهاء إجراءات الإفراج عنه.
وكان الحربي قد تزوج من ابنة سجين آخر كان يرافقه في عنبر السجن وأقيم حفل الزواج داخل السجن مع السماح لزوجته بلقائه في خلوات شرعية أثمرت عن إنجاب طفلته الأولى وهو خلف القضبان، وأطلق عليها اسم " أمل" حيث كان إنجابها بارقة أمل له في تحقيق العفو الذي كان ينشده.
وقال الحربي وهو يغادر بوابة السجن في اتصال مع "الوطن": إن سعادته لا توصف بتحقيق هذا الأمل الذي طال انتظاره. وإنه سيتوجه فور خروجه من بوابة السجن إلى مقبرة القيم حيث يرقد والده ووالدته اللذان توفيا وهو في السجن بعد أن كان يحلم بأن يلقاهما في حياتهما، ومن ثم سيتجه إلى مدينة الرسول ليبدأ حياة جديدة برفقة زوجته وابنته (أمل) التي كانت فعلا هي الأمل في حياته.
وأشار الحربي إلى أن حادث القتل كان قضاء وقدرا بعد أن نشب خلاف بينه وبين زميله في العمل الذي قتله أثناء خروجه من العمل في أحد القطاعات العسكرية بالطائف، وأعرب الحربي عن شكره لكل من سعى لتحقيق العفو عنه سائلا الله أن يكتب لهم الأجر والثواب.
كما أثنى على زوجته التي اقترنت به وهي تدرك جيدا أن أيامه معدودات وضحت من أجله وأهدته الأمل المتمثل في ابنته الصغيرة التي لها من العمر الآن ثلاث سنوات ونصف وكان لا يحلم بأن يلتقيها خارج السجن لولا فضل الله ومنته.
سبحان الله
سبحان الله