يعج واقع الرياضة البحرينية بالكثير من المشكلات والملفات الشائكة على المستويات التنظيمية والإدارية والمالية والفنية، الأمر الذي يفرض العمل على فتح وطرق أبواب هذه الملفات بين تارة وأخرى سعياً لإيجاد حلول لها وعدم تجاهلها والتعامل معها وكأنها واقعا مفروضا ومرضا مزمنا.
ومن بين ملفاتنا المعقّدة هي مشكلة «مدربون بلا رواتب» والتي يعاني منها الكثير من المدربين الوطنيين الذين يعملون في أغلب الأندية البحرينية وللأسف لا يتم دفع مستحقاتهم المالية الشهرية بصورة منتظمة أو بعضهم لا يتسلم شيئاً من مستحقاته التي أصبحت متراكمة بسنوات وأصبحت ثقلاً على موازنات الأندية، في الوقت الذي يجد فيه المدرب نفسه ضحية واقع ليس له يد فيه ويقع بين «مطرقة» ضعف إمكانات الأندية أو خطأ سياساتها الإدارية والمالية، وبين «سندان» رغبة المدرب في العمل التدريبي وخصوصاً بالنسبة للذين خاضوا دورات تدريبية وبالتالي يضطر إلى العمل والتضحية حتى لو كان دون رواتب، أو أن بعض هؤلاء المدربين يعتبر التدريب أحد مصادر الدخل المعيشية إليهم.
وللأسف أن بعض الأندية تحاول استغلال وضع المدربين الوطنيين وخصوصاً الشباب والصاعدين منهم وحاجتهم إلى العمل التدريبي، فتقوم بالتعامل غير الجيد معهم في الناحية المالية في الوقت الذي يخشى بعض هؤلاء المدربين ممن يندرجون تحت بند «مدربون بلا رواتب» الدخول في مواجهات أو تقديم الشكوى إلى الجهات المعنية أو الإعلام خشية من فقدان مهامهم التدريبية في هذه الأندية، في المقابل فإن الأندية هي الأخرى تجد نفسها في أغلب الأحيان في موقف صعب في الإيفاء بمستحقات مدربيها بانتظام لأسباب مختلفة منها ضعف موازناتها المالية وخصوصا أنها تعتمد بشكل أساسي على الدعم الحكومي.
وفي ظل تفاقم هذه المشكلة التي يمكن القول إنها تحولت إلى «ظاهرة» في السنوات الأخيرة فإنه بات من الضروري إيجاد حلول لها وعدم ترك الأمور، ويتطلب تدخلاً من جهات رياضية رسمية مثل المؤسسة العامة للشباب والرياضة التي تقع الأندية وموازناتها تحت مسئوليتها وكذلك الاتحادات الرياضية التي تقع الأندية تحت لوائها ووضع آليات ونظام خاص بالنسبة لمشكلة رواتب المدربين بصورة تحفظ الحقوق بعيدا عن المشكلات.
وفي «الوسط الرياضي» حاولنا من خلال هذا التحقيق فتح هذا الملف بحثاً عن حل لهذه المشكلة والتي لا تقتصر على مدربي كرة القدم بل تطال مدربي بقية الألعاب مثل الطائرة والسلة والطاولة، وسيتم عرض الجوانب المختلفة لهذه المشكلة في مختلف الألعاب عبر حلقات يومية إذ نصل اليوم إلى رصد الظاهرة من واقع أكثر لعبة تواجه المشكلة وهي كرة القدم نظراً لقاعدتها العريضة.
أكد الأمين العام المساعد بالاتحاد البحريني لكرة القدم إبراهيم البوعينين أن الاتحاد البحريني يسعى إلى أن يكون وسيطاً بين المدرب والنادي من أجل دفع مستحقاته بعيداً عن التدخل بشكل مباشر وتفادياً لحدوث عراقيل بين الطرفين، مشيراً إلى أن الاتحاد يحرص أن تكون حلوله ودية بين الطرفين.
وقال البوعينين: «الأندية تتبع المؤسسة العامة للشباب والرياضة، والاتحادات تتبع اللجنة الأولمبية وهو أمر معروف لدى الجميع، بالنسبة لنا تمر علينا حالات في تأخير رواتب اللاعبين ونادراً ما نصادف المدربين، والاتحاد من خلال مجلس الإدارة يمكن أن يتخذ قراراً بهذا الشأن لكنه يكون ودياً بين المدرب والنادي، وفي البحرين لا يوجد لدينا رابطة شئون المدربين على عكس اللاعبين، ولكن في مثل هذه الحالات تكون الودية هي الأنسب».
وأضاف «بالنسبة لمدربي المنتخبات الوطنية لكرة القدم، فإن الاتحاد يتبع نظاماً دولياً يشرف عليه الاتحاد الدولي للعبة، ولا يوجد لدينا مدرب يطالب باستحقاقات سابقة لأننا نصرف رواتبهم مباشرة عبر البنوك وبشكل شهري، ولو بحثنا في السنوات الماضية فلن نجد أن مدرباً قدم أو يقدم شكوى على الاتحاد بهذا الشأن».
وتابع «ربما تكون الأندية تعاني من الموازنة السنوية، وهو أمر يحصل في غالبية الأندية ويسبب تأخير رواتب مدربيها، نحن نشيد بالمدربين المواطنين الذين يدركون حجم المسئولية على النادي ويواصلون العمل من دون المطالبة برواتبهم لكن الأندية غالبيتها تلتزم بدعم المتأخرات».
وأكد إبراهيم البوعينين أن المدرب يعتبر أحد الأركان المهمة في عالم الكرة المستديرة، ومن الواجب عندما يبرم عقد مع النادي يلتزم الطرف الآخر بصرف مستحقاته.
أكد مساعد مدرب الفريق الأول لكرة القدم بنادي البسيتين حالياً المدرب الوطني علي منصور إن مشكلة تأخير رواتب المدربين هي الهاجس الوحيد الذي يقلق أغلب المدربين وبالذات الوطنيين منهم، مشيراً إلى أن التدريب إن لم يكن السبب الأول فهو الثاني بعد حب اكتساب العلم والمعرفة في تحديد اتجاه اللاعب بعد الاعتزال وهو المحفز الوحيد لزيادة الاطلاع والإبداع في العملية التدريبية.
وقال منصور إن حصول المدرب على الراتب بداية كل شهر تزيد من رغبته بالعمل وتأخيره يؤدي إلى نوع من التكاسل نظراً لإحساس المدرب بأنه لا يحصل على المردود المتوقع نظير ما قدمه خلال الفترة الماضية، ولذلك فإن عدم وجود الأجواء المُحفزة والمُشجعة على العمل تجعل المدرب يحبط ويعمل بعيداً عن الإبداع، متمنياً من إدارات الأندية التعامل مع المدرب الوطني بمثل معاملتها مع الأجنبي من حيث صرف الراتب.
ومن المواقف التي مرت عليه للحصول على راتبه قال منصور إنه كانت هنالك مقايضة للحصول عن جميع مستحقاته المتجمعة مقابل التنازل عن 30 إلى 40 في المئة، وحينها كان مجبوراً على الموافقة لأنه لو لم يفعل ذلك لانتظر حوالي على 5 سنوات أخرى.
وقال منصور إن الجمعيات العمومية للأندية هي المسئولة في المقام الأول عن هذه المشاكل باختيارها أعضاء غير مؤهلين وكذلك الإدارات بتعيين أُناس غير مؤهلين أيضاً في منصب الأمين المالي وبالتالي تزيد المصروفات عن الإيرادات، وأيضاً عدم متابعة المؤسسة العامة أو مراقبتها لمصروفات الأندية بالصورة المطلوبة نظراً لمعرفتها بإيرادات ومصروفات الأندية مسبقاً.
واقترح منصور عدة حلول لحل هذه المشكلة ومنها عدم السماح لمن يشغل منصب الأمين المالي بالأندية لمن لا يملك شهادة في المحاسبة، وضع ميزانية بالإيرادات والمصروفات لتقنين الصرف قبل بداية كل موسم، الاستقطاع المباشر من قبل المؤسسة حتى لا يكون تخطيط الإدارات على ما هو موجود لديها، إسناد الأمور المالية للأندية لشركات خاصة بهذه الأمور حتى يتم التغلب على التلاعب.
اعترف رئيس نادي قلالي جمعة شريدة بوجود مشكلة تأخير رواتب المدربين في الأندية البحرينية؛ وذلك لأسباب مختلفة ترتبط بضعف الموازنات وكذلك الأندية وحتى المدربين أنفسهم.
وقال شريدة: «بالنسبة لنا في نادي قلالي صحيح أن هناك يحصل تأخير لكن غصباً علينا وليس باختيارنا، والأهم أن المدربين يحصلون على مستحقاتهم في نهاية الموسم، فمثلاً في الموسم الحالي حصل تأخير في تسلم الأندية الموازنة السنوية الحكومية ومن ثم تسلمناها على شكل دفعات، وبالتالي من الطبيعي أن ينعكس ذلك على تسليم المستحقات سواء للمدربين أو اللاعبين أو حتى العاملين في النادي بجانب المصاريف المختلفة وخصوصاً أننا نعتمد على هذه الموازنة في تسيير أمورنا».
وأضاف «يجب على الأندية الالتزام بالعقود ليس شرطاً أن يكون التسلم بصورة منتظمة شهرياً، ولكن على الأقل نعمل على ذلك قدر الإمكان وإذا كانت هناك للمدرب مستحقات 4 أشهر نقوم بمنحه شهرين لكي لا نجعل المستحقات تتفاقم، كما أنه يجب على إدارات الأندية العمل وفق إمكاناتها وهو ما لجأنا إليه في نادي قلالي وقمنا بتقليص عدد أفراد الأجهزة الفنية في فرق الفئات بالصورة التي تقلص العدد وتخفف حجم التكاليف المالية وفي الوقت نفسه لا تؤثر على مستوى هذه الفرق».
وأشار جمعة شريدة إلى أحد جوانب المشكلة وتتعلق بالمدربين أنفسهم وللأسف أن بعضهم «يسترخص» نفسه ويقبل بالعمل والاستمرار على رغم عدم حصوله على مستحقاته المالية، وذلك يعطي شعوراً لدى مسئولي الأندية بأن هؤلاء المدربين سيعملون حتى لو لم يحصلوا على مستحقاتهم وهذا مفهوم خاطئ.
وعن رأيه في الاستقطاع المباشر من موازنات الأندية لدى المؤسسة العامة أو اتحاد الكرة قال شريدة: «هذا الجانب جيد، ولكنه مرتبط بأمور أخرى مثل تسلم المخصصات والموازنات والمكافآت سواء من المؤسسة أو اتحاد الكرة في الوقت المحدد فهي دائماً متأخرة بفترة طويلة، وبالتالي تشكل صعوبة للأندية في الإيفاء بمستحقاتها، فنحن في قلالي حققنا بطولة الناشئين لكرة القدم الموسم الماضي ولم نستلم شيئاً حتى هذه اللحظة».
طالب رئيس نادي الشباب ميرزا أحمد بضرورة زيادة الموازنة السنوية للأندية لتكون أبرز الحلول التي بإمكان الأندية الاعتماد عليه لتقليص ظاهرة تأخير الرواتب على المدربين الوطنيين، مشيراً إلى أن الموازنة والعمل على إيجاد مداخيل أخرى للأندية مثل الاستثمار ربما تقلل من الوضع الحالي.
وقال ميرزا: «الأندية تمر بمرحلة عجز مالي، وخصوصاً بعد تقليل الموازنة العامة، من غير المعقول أن نواصل على هذا المنوال، نحاول أن نسير الأمور على الموازنة التي تقدمها المؤسسة العامة أو إغلاق النادي».
وتابع «ظاهرة تأخير رواتب اللاعبين ربما تكون موجودة في كل الأندية، وخصوصاً الأندية التي تعتمد اعتماداً كلياً على الموازنة التي تقدمها المؤسسة، وحتى الأندية التي يعتبرها البعض غنية وتعتمد على الاستثمار تعاني من هذه الظاهرة، ولو تحدثنا عن الأندية الفقيرة سنرى أنها ملتزمة بمبلغ قليل جداً وهو من الموازنة السنوية لكنها تضطر لصرف مبالغ إضافية وتضطر إلى أن تتأخر بدفع رواتب المدربين، فهناك ارتفاع في المخصصات الشهرية للمدربين والدخل السنوي ثابت للنادي».
وأكد ميرزا أحمد أن الأندية ونادي الشباب مثالاً لا تعتبر المدرب الوطني عملة رخيصة وبإمكانه التدريب حتى من دون دفع رواتبه بل على العكس، نادي الشباب يكن للمدرب المواطن كل الاحترام والتقدير وهم متعاونون كثيراً مع النادي، وعلى رغم التأخير في صرف الرواتب فإن النادي ملتزم بالدفع.
وطالب رئيس نادي الشباب المؤسسة العامة للشباب والرياضة بإيجاد حلول جذرية وتأتي في مقدمتها زيادة المخصصات، وأضاف «أقترح أيضاً أن تكون المؤسسة بوابة لإيجاد مداخيل للأندية مثل الاستثمار أفضل من أن نواصل على هذا المنوال وسنوياً النادي يمر بمرحلة عجز وقد تجعله يتهالك».
وعن رأيه بشأن تولي المؤسسة صرف رواتب المدربين من موازنة النادي، علق بالقول: «ليس صحيحاً اتخاذ هذه الخطوة، أحياناً المدرب يمر بمرحلة حساب وقد يقطع من راتبه الشهري وأعتقد أن المؤسسة ستدخل في دوامة صعبة».
قال المدرب الوطني صلاح حبيب إن موضوع مشكلة تأخر رواتب المدربين الوطنيين يُعد موضوعاً هاماً للغاية وهو من أهم «التحقيقات» الصحفية التي نقرأها على صفحاتنا الرياضية المحلية من فترة طويلة، مضيفاً «المدرب الوطني يُعاني من هذه المشكلة بشكل كبير للغاية ولا يكاد مدرب لا يمتلك مستحقات متأخرة لدى الأندية التي درب فيها، والسبب الأول وراء ذلك هو اعتبار أن المدرب ابناً للنادي، وكل ما طالب المدرب بمستحقاته يأتيه الجواب الملفوف بالوعود بعدم وجود ميزانية كافية في الوقت الحالي وبأنك (ولد النادي) ويجب عليك الصبر أكثر، ويتم استغلال حبنا للعبة وللتدريب وللرغبة في التطوير عبر تأخير رواتبنا لأشهر ولسنوات أحياناً، وهذه مشكلة متكررة يجب أن تجد الطريق للحل في النهاية بدلاً من الاستمرار على هذا النهج الخاطئ».
وعمن يتحمل مسئولية هذه المشكلة قال حبيب: «إن كل شخص قام بالتوقيع معك كمدرب على العقد سواء رئيس النادي أو أمين السر أو رئيس الجهاز هو يتحمل هذه المشكلة، فالمدرب ليس من مسئوليته عدم وجود ميزانية، وإذا كان هذا الكلام صحيحاً فلماذا يقوم النادي بالصرف بزيادة كبيرة عن إيراداته ويكون حينها في موقف محرج مع الجميع؟، فكل الأندية يجب أن يكون صرفها بقدر الإيرادات التي تحصل عليها، سواء كانت هذه الإيرادات من الميزانية المخصصة لها من قِبل الدولة أو عن طريق وجود مصادر أخرى للدخل مثل الاستثمار والأشخاص الداعمين، فمن غير المعقول أن يكون نادياً مدخوله السنوي 60 أو 70 ألف دينار ويقوم سنوياً بصرف 100 ألف دينار أو أكثر، فحينها في سنتين فقط سيصبح العجز لديه 60 ألفاً فمن يتحملها؟».
وبالنسبة للحلول لهذه المشكلة قال صلاح حبيب: «أعتقد أن كل المدربين يتفقون على أن الاستقطاع الشهري من ميزانية النادي عبر اتفاقيات معينة تكون المؤسسة العامة للشباب والرياضة على دراية بها هي من أفضل الحلول لهذه المشكلة ولضمان أن النادي لن يقوم بتأخير الرواتب ولن يقوم بالصرف بشكل أكبر من الإيرادات لأن حينها المبالغ المُخصصة للمدربين لن تكون في يده، بل ستذهب مباشرةً لحسابات المدربين، وأنا على ثقة تامة بأن وزير شئون الشباب والرياضة هشام الجودر سيضع الحلول لهذه المشكلة التي تُعاني منها شريحة كبيرة من الرياضيين البحرينيين، الذين باتت حقوقهم ضائعة بالرغم من أن ما يتقاضونه يُعتبر زهيداً قياساً بالجهود التي يقومون بها».
وقال حبيب: «إنه شخصياً لديه مشكلة في عدم حصوله على رواتبه من أحد الأندية، إذ عمل فيه لمدة أربع سنوات ولم يحصل سوى على ما مجموعه رواتب سنة واحدة وتبقت له رواتب ثلاث سنوات، ولا يعرف كيف يحصل عليها؟ ومتى؟ وعن أي طريق؟ مؤكداً إنه طرق كل الأبواب للحصول على مستحقاته ولم يحصل عليها، وأشار إلى أن الإدارات تنظر للمدربين على أنهم عاقين حينما يطالبون بحقوقهم، وبأنهم أبناء النادي حينما يسكتون عنها».
قال المدرب مكي شمطوط إنه واحد من المدربين الذين عانوا الأمرين في مشكلة تأخير الرواتب والمستحقات طوال السنوات الأخيرة، مستشهدا بمستحقاته عن عمله ضمن الجهاز الفني للفريق الأول بنادي الشباب في موسم 2013/2014، مشيرا إلى غياب أي بوادر أو معطيات لحل مشكلته على رغم أنه بادر وتحدث مع مدير نادي الشباب لإيجاد حل للمشكلة من دون أن يتلقى أي جواب أو ردة فعل.
وقال شمطوط: «لدي مستحقات متأخرة في نادي الشباب، ومازلت أنتظر الحصول عليها على رغم أنني حاولت الحصول على جواب من قبل الإدارة ولكن دون أن أصل لحل لغاية الآن، ومنذ أكثر من 8 شهور وأنا انتظر».
وبشأن الأسباب التي تؤدي إلى تأخير المستحقات في الأندية وخصوصا فيما يتعلق بالمدرب الوطني، أكد شمطوط أنها تتعلق بجوانب إدارية وغياب المحاسبة والمتابعة من قبل المؤسسة العامة للشباب والرياضة إلى جانب اتحاد الكرة، الذي لا يولي الأمر أهمية على رغم أنه مسئول عن المدربين، مستشهدا بالقرار الأخير الذي اتخذه في وضعه لمعايير لعمل المدربين مع الأندية.
وقال شمطوط: «المدرب الوطني مظلوم في الكثير من الجوانب، وهو يعاني الأمرين وخصوصا مع غياب الاحترام والثقة من جميع الجهات، بعكس ما يحصل عليه المدرب الأجنبي الذي تعمل إدارات الأندية على توفير كل ما يحتاجه».
وتطرق شمطوط لنقطة مهمة في عملية تأخير الرواتب والمستحقات، وهي تتعلق بالمدرب الوطني الذي يرضى على نفسه من خلال سكوته وعدم مطالبته إدارة النادي بحقوقه ويقبل بتأخر مستحقاته، وأنه يهدف من وراء سكوته مواصلة العمل في النادي وضمان عدم إبعاده عن التدريب.
أرجع أمين سر نادي المالكية حسن حسان مشكلة تأخر رواتب المدربين الوطنيين في الأندية البحرينية إلى قلة الموازنات وموارد أغلب الأندية والتي تعاني من أعباء وتكاليف كثيرة.
وقال حسان: «لا أعتقد أن المشكلة ترجع إلى استغلال الأندية إلى المدربين الوطنيين وخصوصاً مدربي الفئات مثلما يقال بل أننا في نادي المالكية كان مدرب فريقنا الأول لديه مستحقات متأخرة، لكن المسألة تتعلق بوضع إمكانات وموازنات الأندية التي يمكن القول أنها تعاني منها جميع الأندية البحرينية حتى ممن لديها موارد استثمارية».
وعن رأيه في استقطاع رواتب مدربي الأندية مباشرة من قبل المؤسسة العامة للشباب والرياضة قال حسان: «أنا أؤيد مثل هذا المقترح ولكن بشرط أن يقترن بزيادة موازنات الأندية لأن الموازنة المرصودة لا تغطي الكثير من أعباء النادي من تعاقدات ومصاريف وغيرها، كما أنني أقترح وأطالب إذا كانت هناك جدية في معالجة مشكلة رواتب المدربين أن تتولى المؤسسة العامة للشباب والرياضة أو اللجنة الأولمبية مسألة دفع رواتب جميع المدربين البحرينيين مباشرة عبر موازنة إضافية خاصة بعيدة عن موازنات الأندية وخصوصاً أن موازنات المدربين الوطنيين السنوية قد لاتعتبر كبيرة بالنسبة للمؤسسة أو الأولمبية، وهو الحل الأقرب الذي يتناسب مع الوضع الحالي الذي تعاني منه رياضتنا من ضعف الموازنة على أن يتم ذلك بالتنسيق مع الأندية وفق آليات معينة في التعاقدات وغيرها».
أكد رئيس نادي الحالة جاسم رشدان أن ظاهرة تأخير رواتب المدربين ليست في البحرين فقط إنما في غالبية الدول الخليجية، مبيناً أن الدول الخليجية تحصل على ملايين في ميزانيتها السنوية إلا أنها لا تصرف رواتب مدربيها بشكل منتظم على عكس البحرين التي تحصل على موازنات محدودة وبسيطة، لكنها تسعى دائماً أن تسير رواتب مدربيها بشكل أفضل من غيرها.
وقال: «التأخير يحصل في كل الأندية، ونحن في نادي الحالة نلقى المدربين يعملون بكل جهد وإخلاص على رغم تأخير رواتبهم، وأود هنا أن اقدم لهم تحية كبيرة على عطائهم»، وتابع «لدينا نوعان من العقود التي نبرمها مع المدربين، الأول أن يكون راتبه شهريا وبشكل منتظم، والآخر ليس من الضروري أن يحصل على راتبه شهرياً، لكن المبلغ ثابت ويتم دفعه بشكل متقطع، وعلى رغم ذلك إلا أننا من الصعب أن نلتزم في كل الأشهر بالعقد الأول المذكور».
وأضاف رشدان «الميزانية ضعيفة جداً، ولا يوجد استثمار يجعلنا نتمكن من دفع الرواتب بشكل منتظم، أعتقد أن السبب الرئيسي بالتأخير يعود للميزانية الضعيفة، ومتى ما توافرت الميزانية سنتمكن من تسيير عملنا بشكل أفضل».
أرجع المدرب الوطني سيدحسن شبر أسباب تأخير رواتب ومستحقات المدربين المواطنين في أنديتنا إلى الجوانب المالية السيئة التي تمر على جميع الأندية، إلى جانب سوء التصرف من جانب الإدارات والذي يؤدي في نهاية المطاف إلى تراكم المستحقات والرواتب. وقال شبر: «أنديتنا تعاني ماليا من قلة الموارد المالية واعتمادها بصورة كبيرة على ما تحصل عليه من إعانات وميزانيات من قبل المؤسسة العامة للشباب والرياضة، وهذا بحد ذاته يشكل مشكلة كبيرة للأندية». وأكد شبر أن سوء تصرف إدارات الأندية يجعل من مشكلة تأخر رواتب المدربين المواطنين عادة على رغم أنها «الإدارات» تبادر وتسرع من صرف مستحقات ورواتب المدربين الأجانب، مشيرا إلى أنه شخصيا لم يسمع أن تم تأخير رواتب المدربين الأجانب. وأكد شبر أن اللوم لا يقع فقط على إدارات الأندية في مشكلة تأخير الرواتب، بل أشرك المدربين المواطنين في هذا الأمر، بقوله: «المشكلة لا تقع على رأس إدارات الأندية، بل يشارك المدربون في المشكلة من خلال الشخصية المهزوزة التي يتعاملون خلالها مع الأندية وسكوتهم على تأخير رواتبهم يجعلهم مقتنعين بما يؤول إليه الأمر في نهاية المطاف، وهو أمر يؤكد أن العيب في المدرب نفسه»، واستشهد شبر ببعض المدربين المواطنين الذين وصفهم بالأقوياء عندما فرضوا واقعا على الأندية الذين يعملون بها ويتم صرف مستحقاتهم ورواتبهم باستمرار وانتظام.
وفيما يتعلق بالحلول لمشكلة تأخر الرواتب قال شبر: «على المؤسسة العامة أن تتدخل في الموضوع وهي المسئولة عن الأندية، ولها أن تراقب عملها جيدا وخصوصا فيما يتعلق بالجوانب المالية ويمكن أن يكون لها خطوات في هذا الشأن بهدف تنظيم صرف الرواتب للعاملين في الأندية أولا بأول».
وواصل شبر حديثه بتأكيده أن من الحلول التي يمكن لها أن تساهم في تقنين وحل مشكلة الرواتب والمستحقات للمدربين في الأندية، هي إيجاد موارد مالية متعددة، بالإضافة إلى الدخول في خطط إدارية ومالية لأنديتنا من شأنها أن تنقل رياضتنا إلى عالم الاحتراف ولو بصورة بسيطة.
العدد 4709 - الأربعاء 29 يوليو 2015م الموافق 13 شوال 1436هـ