تزايدت في الأسابيع الأخيرة وفيات الشباب، بسكتات قلبية أو بحوادث محزنة أو بأمراض خبيثة، وبتنا نصحو على خبر موت شاب وننام على خبر رحيل آخر، ونسال الله لهم جميعاً الرحمة والمغفرة وحسن المنقلب والعاقبة.
بالتأكيد فإننا جميعاً نشعر بالأسى العميق تجاه كل هؤلاء الشباب الذين غادروا الدنيا فجأةً وهم في عنفوان حياتهم، ولكن كل هذه الأخبار تحتم علينا جميعاً أن نقف وقفةً صريحةً مع الذات، لنتصالح أولاً مع أنفسنا ونعترف بأخطائنا ونحاسبها ونطلب المغفرة والسماح من الله على قبيح أعمالنا وذنوبنا، كما نحتاج إلى وقفة أخرى للتصالح مع غيرنا ممن أخطأنا بحقهم قاصدين أو غافلين.
الموت من عظات الرحمن الرحيم لنا، ورسالة واضحة أن هذه الدنيا ربما لن تمهلنا الكثير لكي نحقد أو نظلم أو نبغي ونجور فيها بغير حساب.
علينا ونحن نرى كل الجثث التي تسجى أمام المغتسل ثم يهال عليها التراب ويتفرق عنها أحبتها، ألا نغتر كثيراً بقوتنا ومالنا وعقولنا وجاهنا، فمن يدري، وأنا أولهم، أنه سيعيش إلى الغد، أو حتى سيعيش ساعة لكي يصلح نفسه ويرضي ربه ويكفّر عن خطاياه تجاه الناس والله؟
كم من زوج أو أخ أو صديق أخذته العزة بالنفس فامتنع عن التسامح وسلّم نفسه لكبريائه فآذى وجرح وصدّ عمن جاءه منكسراً يطلب منه السماح والمغفرة والعذر. أيملك أحدنا أن يعيش حياته آمناً من تقلبات الحياة وعظات الموت؟
عجبت لمن يسكب دموعه لله طالباً منه المغفرة والسماح والتوبة، وهو لا يسامح غيره، ولا يفتح قلبه لمن يأتيه نادماً معتذراً. ألا نرى في تقلبات الدنيا عبرة، وفي الموت عظة وتذكيراً بأن هذه الدنيا أحقر من أن نحقد من أجلها أو نخاصم أو نجافي أو نجعل غيرنا يتألم بسببنا؟
علام كل هذا؟ أمن أجل نفس سترحل عنا سريعاً وإن طال بنا العمر؟ أم من أجل دنيا لسنا بمخلدين فيها، أم من أجل مال سنتركه لغيرنا ونحاسب عليه نحن؟
ألم يحن الوقت أن ندرك من عظات رحيل كل هؤلاء الشباب والشابات، أننا كلنا نخطئ ولكن علينا جميعاً ألا نغتر بهذه الدنيا القصيرة فنحمل الحقد ونعيش به ونغذي به قلوبنا، لأن الغلّ نار للشيطان تحرق صاحبها، ولا تخبو إلا إذا أطفأناها بالتسامح مع الجميع، القريب والبعيد. التسامح لمن أخطأ بحقنا مرة أو مئات المرات، وعلينا ألا نبرر لأنفسنا خصامنا وحقدنا للآخرين، لأننا سنسأل عنه يوم تذهل كل مرضعة عمّا أرضعت وتضع كل ذات حملٍ حلها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى.
من لا يسامح لا يرتاح ولا يعيش سعيداً وإن بدا غير ذلك له، فعليه ألا يأمن غِيَر الزمان وتقلبات الدهر، ومن يوغر صدره بالصدّ عن الآخرين يتعب قلبه ونفسه قبل غيره، دعونا نسأل أرواحنا جميعاً، علام كل ذلك، علام قطيعة الرحم وعلام الصد، أما آن أن ندرك أننا جميعاً راحلون؟
هي دعوةٌ للجميع، وأبدأ بهم نفسي، أن نسامح ونعفو قبل أن نرحل أو يرحلون، وقتها لن تجدي حسراتنا، ورحم الله كل الراحلين، ونسأله الرحمة فكلنا ماضون، يكفينا من الموت العظة والانتباه، أليس جميلاً أن نبادر فنقول لكل من أخطأنا بحقهم: سامحوني فقد سامحتكم.
إقرأ أيضا لـ "حسن المدحوب"العدد 4708 - الثلثاء 28 يوليو 2015م الموافق 12 شوال 1436هـ
يا الله بحسن الخاتمة .
عن نفسي وصلت عمر 45 وكتبت وصيتي , الله يثبتنا على ولاية أمير المؤمنين , ونسأل الله العفو والرضا والغفران .
عصر موت الفجأة .
اللهم انا نسألك حسن الخاتمة , والدعوة للجميع على فعل الاعمال الصالحة والابتعاد عن المعاصي فالوقت جد قصير , اللهم صل على محمد وآل محمد .
بارك الله فيك
شكرا جزيلا موضوع ممتاز افتقدنا مواضيع كهذه
و ماذا عن
و ماذا عن استشهاد رجلي أمن أمس في عملية ارهابية شنيعة لماذا لا تكتب عن هذا الموضوع
مايحتاج طال عمرك
الشهيد مكانته عظيمة عندالله ولايحتاج لأحد يكتب عنه
كلام جميل
أحسنت يا أخ حسن على هذا المقال المؤثر ايجابيا في النفس
يكفينا من الموت العظة والانتباه، فهو خير واعض ؟؟
هي دعوةٌ للجميع، وأبدأ بهم نفسي، أن نسامح ونعفو قبل أن نرحل أو يرحلون، وقتها لن تجدي حسراتنا، ورحم الله كل الراحلين، ونسأله الرحمة فكلنا ماضون، يكفينا من الموت العظة والانتباه، أليس جميلاً أن نبادر فنقول لكل من أخطأنا بحقهم: سامحوني فقد سامحتكم.
ذكرتني ببيت شعر جميل وهو
لا تقل في غد اتوب = لعل الغد يأتي وانت تحت التراب
شكراً
أشكرك على طرح هذا الموضوع
نحن بحاجة الى أن نلتفت إلى أنفسنا فالدنيا قصيرة وفانية ...