رحل الطبيب البحريني راشد الراشد، ليرثيه القريبون منه والشهود على بعض مشواره الممتد على مدى 8 عقود، بكلمات تركزت حول الإشادة بقامته التي تفردت بثنائية العلم والأخلاق.
وبدءاً من يوم أمس الإثنين (27 يوليو/ تموز 2015)، بدأت عائلة الفقيد في تلقي العزاء الذي شهد حضوراً بحرينياً متنوعا، على أن يستمر حتى اليوم (الثلثاء) في صالة عائشة المؤيد بمدينة عيسى.
«الوسط» وخلال تقديمها واجب العزاء، التقت بعائلة الفقيد الراشد وبعدد من الشخصيات التي زاملته، ممن عبروا عن إجماع في الحاجة لتوثيق سيرته التي لاتزال مهمة غير منجزة.
وفي الوقت الذي تعذر على عائلة الفقيد الحديث بسبب انشغالها بمراسم العزاء، فإن المعلومات تشير إلى أن الراشد، الذي ينتهي نسبه لعائلة اليوسف ومسقط رأسه فريق الفاضل، رحل نتيجة لنوبة قلبية مخلفاً مجموعة مؤلفات، وهو الطبيب الذي برع كاختصاصي للسرطان وأمراض الدم، فكان الطبيب الأول المتخصص في أمراض الدم والأورام للأطفال في ولاية أيوا الأميركية، وذلك في العام 1967.
الوزير السابق علي فخرو، أدلى بدلوه وهو الذي زامل الراشد بعضاً من سني حياته، حيث يقول: «سبقته في الدراسة سنتين أو 3 سنوات، حيث زاملته في المرحلة الثانوية، وبعد ذلك في الجامعة الأميركية في بيروت، فكنت أنا خريج الدفعة الأولى وكان هو والطبيب آدم عيد من خريجي الدفعة الثالثة، فيما كان الطبيبان راشد فليفل وإبراهيم يعقوب من خريجي الدفعة الثانية».
وأضاف «هو بلا شك من شخصيات الرعيل الأول، غير أن القدر شاء أن نعمل سوية لعامين فقط قبل أن يغادرنا الراشد سريعاً لأميركا، فحين عدت لمملكة البحرين عينت من قبل الحكومة مساعداً لمدير الخدمات الطبية، وكان تعاملي مع الراشد بوصفه للتو قد عاد للبحرين».
وتابع «لم تتح لي هذه الفترة القصيرة، التعرف على الكثير من شخصية الراشد، وسيرته بحاجة فعلية للتوثيق، فقد كان رائعاً في خلقه، وخلوقاً بكل معنى الكلمة، وكان بجانب ذلك ملتزماً بشكل كامل بأخلاق مهنة الطب، سواءً في تعامله مع مرضاه أو مع رفاقه من الأطباء ومن الممرضين والممرضات، فكانت هاتان الصفتان حاضرتين وبقوة لدى الفقيد الراشد، حتى يمكننا الجزم بتمكنه من جمع ثنائية العلم والأخلاق».
وعن المواقف التي لاتزال تحتفظ بها الذاكرة، تحدث فخرو عن ذكريات وصفها بالعجيبة، حيث يقول: «حين كنا في المرحلة الثانوية، قدمنا مسرحية قيس وليلى، حيث اختار له المخرج وهو المصري عبدالمنعم شلبي، دور ليلى، وترك لي دور قيس».
بدوره، قال السفير السابق في وزارة الخارجية سلمان الصباغ والذي أصر على التواجد لتقديم واجب العزاء لعائلة ابن «فريجه»، وهو يبين أن معرفته بالراشد كانت من خلال منطقة السكن في «فريج» الفاضل، مضيفاً «كنا نلتقي دائما في «الفريج» لنذهب سوية للمدرسة الشرقية ولاحقا للمدرسة الثانوية، حتى افترقنا بعد ذلك، وقبلها تحديداً في أوائل الثلاثينات دخلنا للمطوع لدراسة القرآن ومعرفة قراءته قراءة صحيحة».
الصباغ الذي ترك العنان لذاكرته، قال: «المرحوم الراشد كان ساكنا في نفس «الفريج»، والذي كان بالمجمل يحمل اسمه «فريج» الفاضل، حيث كان يتضمن مجموعة متفرعة تشمل فريج زباري، فريج القصيبي، وفريج مقبل».
ويصف الصباغ الفقيد الراشد بالمتفوق جداً منذ صغره، مستشهداً على ذلك بالإشارة إلى هذا التفوق مكن الراشد ضمن مجموعة، من تخطي عدة صفوف دراسية؛ وذلك بسبب إجادة اللغة العربية والحساب، وأردف «الفقيد كان متميزاً من صغره، فحين انهينا المرحلة الثانوية اختار هو وبسبب نشاطه وتطلعه لمستقبل يخدم من خلاله مملكة البحرين، دراسة الطب، بالرغم من وضعه المالي، حيث الصعوبة الشديدة آنذاك، وكان للحكومة دور في مساندة أبناء الوطن قناعة منها في أن الاستثمار في الإنسان هو استثمار طويل الأجل».
وأضاف «كان الفقيد الراشد يتطلع لدراسة يخدم من خلالها وطنه فاتجه للجامعة الأميركية في بيروت، غير أن الأقدار شاءت أن يتجه لأميركا بدلاً من البحرين، وقد يكون تطلعه للتوسع في تخصصه أحد الأسباب».
العدد 4707 - الإثنين 27 يوليو 2015م الموافق 11 شوال 1436هـ