قال الرئيس السوري بشار الأسد أمس الأحد (26 يوليو/ تموز 2015) إن الجيش اضطر للتخلي عن مواقع بهدف الاحتفاظ بمناطق أخرى أكثر أهمية في الحرب ضد جماعات معارضة، مضيفاً أن الجيش يواجه «نقصاً في الطاقة البشرية»؛ بسبب اتساع نطاق الحرب.
وفي تقييم لافت في صراحته عن الضغوط التي تواجه الجيش السوري بعد أكثر من 4 أعوام من الصراع، قال الأسد إن طبيعة الحرب التي تواجه سورية تعني أن الجيش لا يستطيع المحاربة على كل الجبهات حتى لا يخسر المزيد من الأراضي.
وقال الأسد: «أحيانا نضطر في بعض الظروف أن نتخلى عن مناطق؛ من أجل نقل تلك القوات إلى المناطق التي نريد أن نتمسك بها».
وأضاف «نوع الحرب التي نخوضها اليوم لا يمكن للقوات المسلحة أن تتواجد في كل بقعة من الأرض السورية، هذا يسمح للإرهابيين بالدخول إلى مناطق يضربون الاستقرار فيها حتى يأتي الجيش السوري ويحررها، وهذا شيء يحصل بشكل مستمر منذ بداية الأحداث».
وتابع «لا بد من تحديد مناطق هامة تتمسك بها القوات المسلحة لكي لا تسمح بانهيار باقي المناطق». وأكد أن الجيش يستطيع «وكل شيء متوافر، لكن هناك نقصاً في الطاقة البشرية... مع ذلك لا أعطي صورة سوداوية».
وعانى الأسد من سلسلة انتكاسات على الأرض منذ مارس/ آذار، إذ خسر معظم أراضي محافظة إدلب الشمالية الغربية لصالح تحالف من الجماعات المسلحة يضم جبهة النصرة ذراع «القاعدة» في سورية وأجزاء مهمة من المنطقة الحدودية الجنوبية لصالح فصائل الجبهة الجنوبية.
وانتزع تنظيم «داعش» السيطرة على مدينة تدمر بوسط البلاد من يد القوات الحكومية في مايو/ أيار.
وقال الأسد إن الدعم الذي قدمته الدول -بما في ذلك تركيا- للمسلحين، كان السبب بالانتكاسات الأخيرة التي ولدت حالة من «الإحباط» بين السوريين.
وأشار إلى أن سورية تخوضاً حرباً ضد مسلحين تمولهم أغنى وأقوى الدول، إلا أنه قال بنبرة تحد «نحن في مرحلة مصيرية لا حلول وسطاً فيها». ورفض الرأي القائل بأن سورية متجهة نحو التقسيم بين الحكومة السورية والجماعات المسلحة.
وأدت النكسات إلى تقليص سيطرة الأسد على مناطق أبعد من مراكز الثقل السكاني الرئيسية في غرب سورية: مدن دمشق وحمص وحماة والمنطقة الساحلية التي تشكل معقل الطائفة العلوية.
وفي تقدير الكثير من الدبلوماسيين والمحلليين، فإن الأسد اضطر للتخلي عن بعض المناطق النائية من البلاد لأجل تركيز جهوده على حماية المناطق التي يمكن الدفاع عنها في الغرب.
ودفعت الانتكاسات حلفاء الأسد الإقليميين الجمهورية الإسلامية في إيران الشيعية وجماعة حزب الله اللبنانية التي تقاتل إلى جانب الجيش السوري إلى تجديد الدعم له.
وقال الأسد إن دور إيران يقتصر على تقديم الخبرات العسكرية، في الوقت الذي أشاد علناً للمرة الأولى بحزب الله لدوره الهام والفعال.
ويلعب حزب الله حالياً دوراً محورياً في الحملة المستمرة لطرد المسلحين من الحدود اللبنانية السورية بما فيها مدينة الزبداني حيث ترجح كفة الجيش وحزب الله في المعركة للسيطرة عليها.
ويقول مسئولون غربيون إن الضغط العسكري على الأسد يمكن أن يفتح نافذة لحل سياسي يقود لاحقاً إلى تنحي الأسد كما تطالب الولايات المتحدة ودول غربية أخرى.
ومن المتوقع أن يلقى مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية ستيفان دي مستورا كلمة أمام مجلس الأمن الأسبوع المقبل بشأن المشاورات التي بدأها مع المقاتلين والأطراف الأخرى المنخرطة في الصراع.
إلا أن الأسد قلل من شأن الفرص الدبلوماسية قائلاً إنه لن يكون هناك حلول وسط.
وتمسك بوجهة النظر الحكومية بأن أي مقترح سياسي لإنهاء الحرب يجب أن يعتمد على إنهاء الإرهاب.
وقال الأسد إن هناك تبدلات «ايجابية» في المواقف الغربية تجاه محاربة الإرهاب -في إشارة إلى الحملة التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم «داعش»- إلا أنه حمّل الغرب المسئولية لأنه لايزال يعتبر المسلحين الذين يقاتلونه ثواراً بدلاً من «إرهابيين».
واستبعدت الولايات المتحدة فكرة الشراكة مع الأسد في الحملة التي تقودها ضد تنظيم «داعش» الذي سيطر على أجزاء واسعة في كل من سورية والعراق وأعلن دولة خلافة تمتد بين البلدين.
العدد 4706 - الأحد 26 يوليو 2015م الموافق 10 شوال 1436هـ