في نهاية كل عام دراسي، تبرز إلى السطح مشكلة البعثات والمنح الدراسية وطريقة توزيعها على المتفوقين من الطلبة والطالبات. وقد سعت وزارة التربية وللتعليم إلى تفكيك البعثات والمنح وتوزيعها وفق جداول وتخصصات كثيرة من أجل أن تحكم قبضتها عليها وتتمكن من توجيهها بالشكل الذي يلائم توجهات ورغبات القائمين على القرار في وزارة التربية، والذين ينتمي أغلبهم إلى تيار سياسي غارق في الطائفية والتمييز من رأسه إلى أخمص قدميه.
وللحديث عن البعثات والمنح الدراسية والتطورات التي مست هذا القطاع المهم في وزارة التربية، نذكر بأن أول من عمل على تنظيم عملية الابتعاث الدراسي للخارج كانت الروابط الطلابية التي تأسّست في مختلف الدول العربية والعالمية، وأهمها رابطة طلبة البحرين في بيروت، ورابطة طلبة البحرين في القاهرة... اللتين تأسستا في العقد الرابع من القرن العشرين.
ثم عندما نجحت هذه الروابط وغيرها من الروابط الطلابية في تأسيس الاتحاد الوطني لطلبة البحرين بتاريخ 25 فبراير/ شباط 1972، تولّى هذا الاتحاد عملية تنظيم البعثات والمنح الدراسية لطلبة البحرين حول العالم. وقد نجحت الروابط الطلابية ومن بعدها الاتحاد الوطني لطلبة البحرين في توفير أعداد كبيرة من البعثات والمنح والمقاعد الدراسية في مختلف الجامعات العالمية المعترف بها.
يومها لم نكن نسمع أن هناك أي تمييز أو تفضيل لأحد على آخر بسبب اللون أو العرق أو الانتماء الديني أو المذهبي. لقد كان طلبة وطالبات البحرين كلهم نسيجاً واحداً يشد بعضهم بعضاً في السراء والضراء. وكانت الأنشطة الطلابية والاجتماعية داخل وخارج البحرين تزيد من توثيق عرى المحبة والترابط والاحترام المتبادل بين الطلبة.
لقد نجح الطلبة من خلال مؤسساتهم الديمقراطية المستقلة الرائدة في إدارة البعثات والمنح والمقاعد الدراسية، في ترسيخ مفاهيم المحبة والتنافس والتعاون بينهم، حتى تلاشت الفروقات المذهبية والعرقية واختفت من تعاملاتهم تماماً. وقد تجسّدت تلك الحالة في انصهار تام تأكّد عبر العديد من حالات التزاوج المختلط بين أطراف من مختلف الانتماءات المذهبية.
وحيث استمرت جهود الاتحاد الوطني لطلبة البحرين في تنظيم عملية الابتعاث والقبول، كانت الأمور تسير وفق نظام عادل منصف للجميع، لكن هذا العصر الذهبي بدأ في الأفول حين قرّرت الدولة الدخول في حرب غير مبررة مع الاتحاد الوطني لطلبة البحرين من خلال استهداف قياداته والتضييق عليهم ومنع مؤتمراته وأنشطته داخل البحرين وفي الدول التي تمتلك علاقات وتنسيق أمني معها.
وهكذا بدأت الدولة في سحب صلاحيات ودور الاتحاد الوطني لطلبة البحرين في مساعدة الطلبة للحصول على بعثات ومنح ومقاعد دراسية، وقامت بافتتاح بعض الملحقيات الثقافية في سفاراتها بالدول التي تستقبل الطلبة وتوفّر فرص الدراسة الجامعية لهم. ولم يكن دور هذه الملحقيات إلا السيطرة على الطلبة ومحاصرتهم وانتزاع صلاحيات مؤسستهم النقابية التي بدأت تنتشر في أكثر من 15 فرعاً في مختلف دول العالم.
لقد استنفرت الدولة كل طاقاتها من أجل القضاء على الاتحاد الوطني لطلبة البحرين، وفي سبيل ذلك قامت بتأسيس أندية طلبة البحرين في الخارج، بدءًا من الكويت والقاهرة، أكبر حاضنتين للطلبة البحرينيين في العام 1976. ثم اتبعت ذلك بقرارٍ قضى بمنع أكثر من 200 من قيادات الاتحاد وأعضاء مجالس إدارته في مختلف الفروع النشطة للاتحاد.
منذ تلك اللحظة بدأ عصر السيطرة على البعثات والمنح والمقاعد الدراسية، وصار توجيهها وتوزيعها يتم عبر الولاءات والانتماءات الطائفية أو الميول السياسية. لقد قامت وزارة التربية والتعليم منذ تلك الفترة بمضايقة الطلبة المنتمين لفروع الاتحاد الوطني لطلبة البحرين، وتفضيل الطلبة المنتمين لأندية طلبة البحرين، واعتبرت القسم الأول من الطلبة مغضوباً عليهم، بينما القسم الثاني مرضياً عنهم، وهكذا تأسّست القاعدة الأولى للتمييز.
لقد بدأ المتفوقون المحسوبون على المعارضة ثم الطلبة غير المرضي عنهم من قبل التيار السياسي المسيطر على وزارة التربية، يخسرون بعثاتهم، وصار هذا الفريق يسيّس البعثات والمنح والمقاعد الدراسية من أجل التحكم في مخرجات التعليم.
إن الحل الأفضل لمشكلة المتفوقين يقتضي أن تعود الشفافية والاستقلالية للجهات التي تتولى عملية توزيع البعثات والمنح والمقاعد الدراسية، وهذا لن يتحقق إلا بإنشاء جهة مستقلة للإشراف على هذه العملية، تعتمد معايير الشفافية والعدالة والمساواة وفق معيار واحد، هو النسبة المئوية التي يحقّقها الطلبة بعيداً عن أية اعتبارات طائفية ومذهبية.
عندها لن تكون هناك مجزرة_بعثات، ولن تكون هناك محسوبيات أو واسطات أو عمليات إقصاء فاضحة وفق حسابات طائفية بحتة... وسينال المتفوقون فرصهم التي يستطيعون من خلالها خدمة بلادهم على أكمل وجه.
إقرأ أيضا لـ "محمد حسن العرادي"العدد 4705 - السبت 25 يوليو 2015م الموافق 09 شوال 1436هـ
نور
البلد للهاوية بسبب الطائفية
العقرب
موضوع يشمل معلومات قيمة
شكرا لك
العقرب
عدم إرادة الحل هو المشكلة الرئيسية، فكما سردتم لم تكن هناك مشكلة و تم اختلاق المشكلة لعدم توافق اهواء القائمين على مخرجات التعلم
الجواب هنا:
هو مرسومٌ في الإستراتيجية السرية، التي كشف عن حقيقتها >>>
عنصرية بغيضة تمارس تحت مبرّرات اسوأ منها
المبرّرات يسوقها البعض لممارسة العنصرية وهي لماذا خرج هؤلاء متظاهرين لذلك لا يستحقون بعثات من الدولة والجواب هو طرح نفس السؤال : لماذا خرج الناس متظاهرين او بصورة اخرى لماذا خرجت هذه الطائفة متظاهرة او ما هي الدوافع التي دفعت الناس بالخروج للشوارع متظاهرين؟ والجواب أجاب عليه بسيوني باقتضاب لكنه هو جواب شاف وهو ان هناك ممارسات تمييز ضد الطائفة الشيعية قبل كانت تمارس منذ عقود وتركات ثقيلة وتراكمات كبيرة ادّت الى خروج الناس