قبل أيام وصلتني دعوة عن طريق البريد الالكتروني، أرسلتها إحدى دور النشر، التي أسمع بها للمرة الأولى، حول رغبتها في طباعة كتب أطفال بشرط أن تحتوي على قيمة أدبية وتربوية.
كانت الرسالة في البداية مبعثاً للسعادة؛ إذ قلت في نفسي أخيراً التفت العرب إلى أدب الأطفال، والتفتوا إلى ضرورة وجود قيمة تربوية وأدبية في قصصهم، وحين قرأت الشرط المتعلق بالرسوم- إذ كانت الدعوة مرسلة للأدباء والرسامين- زادت سعادتي؛ فقد اشترطت الدار أن تكون الرسومات متميزة ولافتة، ولكن ما إن وصلت لقراءة بقية الشروط حتى أصبت بحسرة وإحباط؛ إذ نصّ أحدها على أن يكون الكاتب من سكان «إسرائيل».
عندما قرأت هذا الشرط بطل عجبي من الرسالة، وتنهدت ساخرة: نعم لأنها «إسرائيل»، لابد وأن تهتم بكل هذه التفاصيل الصغيرة في نتاجاتها.
بحثت عن الدار في الانترنت وما هي إلا دقائق حتى عرفت أنها دار نشر «اسرائيلية» تقيم سنوياً حفلات كبيرة احتفاءً بإصداراتها العربية التي يكتبها العرب في الأراضي المحتلة، وكم آلمني أن أجد وأقرأ ما قرأت!
وتساءلت: كيف يقبل العربي أن يعطي محتليه نتاجه الثقافي ليصدر باسمه، وينسب نجاحه إليه، ويصفّق لأنه استطاع أن يجذب من استعمرهم ويجعلهم رهن إشارته؟
ولماذا لا نجد في دولنا العربية جهوداً كهذه تهتم بالكاتب قبل القارئ، ففي بلادنا يدفع الكاتب والمؤلف آلاف الدولارات لدار النشر كي تصدر له كتابه الذي تبيعه ولا تعطيه منه حقه أبداً إلا ما ندر، وفي بلادنا يضطر الكاتب نفسه أن يقيم لكتابه حفل توقيع يوزّع الكتب على من يحضره بالمجان لأنهم أصدقاؤه وأهله، ولا تهتم دور النشر بهذا إلا في معارض الكتاب القليلة في دولنا العربية، لأنها تبحث عن زائرين لأجنحتها في المعرض.
حين لا يجد الكاتب من يقدّره من أبناء جلدته، يتجه للأسف إلى غيرهم ممن يقيّمون نتاجه ويكافئونه بالشكل الذي يستحقه بعيداً عن المجاملات أو الإجحاف كما في بلاده وبقية بلاد العرب، وهو ما فعله كثيرٌ من الأصدقاء الكتاب والشعراء حين نشروا مؤلفاتهم في الدول الأوروبية وأميركا وأستراليا، ومن هنا ذهب العرب في الأراضي المحتلة أيضاً إلى محتليهم كي يستطيعوا إخراج نتاجاتهم الأدبية للنور، ومن هنا أيضاً يشتري العرب من بقية المناطق هذه الكتب التي قد لا تخلو من الثقافة الدخيلة التي تريد أن تبين أن المحتل قلبه عليك ولا رصاصة في يده، فيدس أفكاره في عقلك وينتزع من قلبك نبضه بيديك أنت.
متى يصدّق العربي أن باستطاعته التغيّر والتغيير للأفضل؟ ومتى يدرك أنه قادر على العطاء في بلاده وأن أبناء أرضه أولى بجهده من غيرهم، فيعيد عصر النهضة الذي لم يعد إلا تاريخاً مازال يفتخر به، بينما هو في أشد حالات التخلف الفكري والصناعي والاجتماعي وحتى الديني؟ متى يقول: هاأنذا، وليس: كان أبي!
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4704 - الجمعة 24 يوليو 2015م الموافق 08 شوال 1436هـ
احم احم
هي الفنون والاداب والفلسفة والشعر وحتى التاريخ ؟ ما ليه علاقة بدين او بمذهب او بالسياسة ؟
وموضوع اسرائيل او مملكة يهودا هذا موضوع قديم وقصة تهجير شعب على يد حمو رابي وهي قضية اذا ابعدتي الدين راح اتشوفي انه قضية ناس يسكنون غرب صحراء سيناء من ازيد ؟
وهناك قرارات صدرت من مجلس الامن بتقسيم فلسطين لكن بقى الموضوع امني محض دون تطبيق قرارات مجلس الامن