أعلن فيرخو، عالم الأعصاب الألماني مقولته الشهيرة: «الأطباء هم المحامون الطبيعيون عن الفقراء» في أوآخر القرن التاسع عشر تزامنا مع حدثين مهمين في تلك الفترة، وهما انتشار مرض التيفوئيد واندلاع عدد من الحروب والذي استخلص منه ربط الفقر بعدد من الأمراض البدنية. لكن هذا لا يعني طبعا أن جميع الفقراء في وضع صحي غير سليم وأن جميع الآخرين يتمتعون بالصحة الجيدة.

ولم تستطع التفسيرات التقليدية ـ القائلة بأن المستويات الاقتصادية المنخفضة أقل اهتماماً بالرعاية الصحية، وأنهم أكثر استجابة لأنماط الحياة غير الصحية، أن تبرر التباين الكبير في الوضع الصحي للفئات المختلفة.

ولأبتعد هنا عن فلسفة النظريات وأتكلم بلغة الجميع، فعندما يكتشف أحدهم أنه مصاب بارتفاع ضغط الدم أو السكري في البحرين، أصبحنا لا نسأل عن السبب بل أصبح التندر هو طريقة استجاباتنا «مبروك أثبتَّ أنك بحريني... ضغط دم وسكري».

إن توافر الرعاية الصحية والانتفاع بها لا يفسر انعكاسات الوضع الاجتماعي الاقتصادي على تباين الوضع الصحي. لهذا فإن علينا أن نمعن النظر في احتمال أن يكون معظم التباين ناشئاً عن التداعيات النفسية التي تفرزها الحالة الاجتماعية الاقتصادية.

إننا نعاني من تحديات نفسية اجتماعية في المقام الأول. وتتميز هذه الضغوط النفسية والاجتماعية بطابعها المزمن. فعند معظم الثدييات، لا يدوم العامل الضاغط سوى دقائق. أما نحن البشر، فإننا قد نقلق بشكل مزمن ولمدة قد تصل إلى ثلاثين عاماً، حينما يتعلق الأمر برهن عقاري على سبيل المثال، أو طبيعة عمل لا تناسب مؤهلاتنا العلمية أو قدراتنا المعرفية، إنه دائما قلق المستقبل الذي يؤرقنا.

فاطمة_ السيكولجست: لنمعن النظر في أمراضنا الجسدية، ففي أغلب المرات تكون ناتجة عن ضغوطنا النفسية.