يتساءل الكثيرون هل تتحدد معالم حياتنا وطريقة معيشتنا منذ ولادتنا أم قبل ذلك وفي المراحل الجنينية؟، ويتساءل آخرون لماذا يعيش البعض في الكثير من المعاناة ومُعذباً طوال حياته ومع من حوله، ومهما حاول الابتعاد عن مأزق عذاباته يعود إليها بسبب ظروفه الاجتماعية القاسية أو لضعف إرادته في السيطرة عليها، وهل للجينات البشرية علاقه بذلك؟
قد يكون هذا وذاك، ولكن دعوني آخذكم معي في أحداث «مسلسل تحت السيطرة» للمؤلفة مريم نعوم وبطولة نيلي كريم مع ظافر العابدين وهاني عادل ومحمد فراج والمخرج الرائع تامر حسن والذي شدني اليه في رمضان هو الممثلين الذين اجادوا دورهم كمدمنين بجدارة، كما اجادت نيلي دورها بكل اتقان واناقة بجمالها النصف غربي وتقمصت تماماً دور المدمنة والمُتعافية معاً. وادركتُ معها كيف ان الاقدار تلعب دوراً كبيراً في بعض عاداتنا وعذاباتنا حينما تضعنا في المكان او الزمان الخطأ، من الذين قد يؤثرون فينا ونؤثر فيهم، والتي تأتينا في غفلةٍ من الزمان واثناء الفترات الغضة من حياتنا، لقد ابدع المسلسل في اظهار مشكلة الادمان والغوص في ادق التفاصيل للكيفية التي يُدمن فيها الافراد ورؤية معاناة ابطالها والبؤس الذي تتسببه المخدرات لهؤلاء المخدوعين حينما يُوحى لهم بانها الجنة الحقيقية لهروبهم من اوجاعهم ومشاكلهم «وخصوصاً في حال وجود مشاكل وعوائق عائلية أو مالية في حياتهم»، والتي تبدأ عادةً مع بعض الاصحاب للفرفشة وتغيير المزاج، وتنقلب الى إدمان وبؤس مع الانحلال الخُلُقي في الكذب والسرقة في كل شيء والتعود على ممارسة الرذيلة وعدم القدرة للتمييز والسقوط في الوحل وانتهاءً بالقتل والانتحار.
كما دُهشتُ للقضايا النفسية والانسانية التي طرحها المسلسل ولم اكن اتوقع ان تكون معاناة المدمنين بذلك الحجم الرهيب للمدمن والذي يستحيل عليه تركها لان الاوجاع الجسدية تصبح فظيعة وغير مُحتملة بحيث قد يقوم المدمن بالقتل من اجل إسكاتها وللحصول على الجرعة، كما والصعوبة في اتخاذ قرار التوقف لان الرجوع اليها واردٌ دائماً اذا لم يأخذ حذره بالابتعاد عن كل من يعرفهم وعن اجوائها، والالتزام بالعلاج وبمعاونة العلاج النفسي في المصحات المُتخصصة والباهضة الثمن في بلادنا.
كما وصُدِمتُ بالطريقة السريعة للتعود على الادمان، وكيف أن أصحاب السوء هم اساس الداء، وقد يكونون من اسوأ العائلات الفقيرة والمُنحلة أو أفضلها ومن احسن المدارس وعيون الآباء تحرُسَهم ومع ذلك قد ينزلقون في الفخ بمجرد غلطة لتجربتها، وكما علينا ان نحذر ونراقب اطفالنا ومع من يتصاحبون وبشكلٍ مُكثف كي لا يقعون في المحظور.
كما ويفضحُ المسلسل ايضاً وبشكلٍ مُكثف معاناة المُتعافين من الادمان في المجتمعات وفي التوبة منها، وكيفية ابتعاد الناس وخوفهم وتخليهم عنهم، لعدم توفر المعلومات والارشادات الهامة في مجتمعاتنا للتعرف على مشاكلهم لمساعدتهم للتأقلم وللتواصل لتأهيلهم للشفاء التام، فيخافون من تشغيلهم او الزواج بهم او حتى طلب الطلاق من المتعافى احياناً زوجاً او زوجة، بسبب وصمة الادمان التي تلتصق بهم دائماً، وفي اعتقادي انه يتحتم على المجتمع والدولة ان تُكافئ المُتعافي وتقوم بمساعدته وإسناده مادياً لبعض الوقت واعطائه عملاً وتشجيعه على الاشتراك في الانشطه الرياضية والاجتماعيه لاشغاله وابعاده تماماً عن الماضي وذكراه، واشعاره بأهميته ليعود الى المجتمع من جديد انساناً مُحترماً وعضواً فاعلاً حيث يكون وقتها في أمس الحاجة الى كل الرعاية والحب والحنان الاسري والاجتماعي، وكي نحميه ونحمي مجتمعاتنا من الدمار وكي لا يعود فريسةً للآلام والاوجاع والانتكاسة، انه مسلسل يستحق المشاهدة حقاً وهو متوفر على الشبكة الالكترونية.
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 4698 - السبت 18 يوليو 2015م الموافق 02 شوال 1436هـ
ونعم التحليل
تحليل دقيق جداً ومميز ومساهمه فعليه لانقاذ المنحرفين شكراً لهذا الطرح يادكتورتنا العزيزه
ونعم التحليل
تحليل دقيق جداً ومميز ومساهمه فعليه لانقاذ المنحرفين شكراً لهذا الطرح يادكتورتنا العزيزه
فعلاً يا استاذة عمل ممتاز
تابعت المسلسل من بدايته وكنت معجب اكثر شيء بالحبكة الدرامية والتشويق ولكن بنفس الوقت كنت متاثر بحال المدمنين اللذين يجبرون لبيع كل شئ وعلى راسها الشرف لتوفير جرعة مخدرات وفعلا مجتمعنا دائما ما بنطر بسلبية للمذنبين دون النطر لعلاجها ففكرة رفض الشخص لكونه مدمن سابق تجعله عرضة الانتكاسات اللتي قد تؤدي للموت الحتمي
فعلا استاذة سهيلة اصبت في طرح هالموضوع والله يبعدنا واخبتنا عن هالامراض المستشرية في البلاد العرببة والمسلمة بشكل يبعث على الخوف والرعب
شكراً