تركت المواجهات الدامية، التي شهدتها العاصمة المصرية القاهرة في أول أيام عيد الفطر والتي خلفت عدة قتلى وجرحى، علامة استفهام حول عودة الاشتباكات بين الأمن والأهالي، من جهة، وأنصار الإخوان من جهة أخرى، خلال مظاهرات الجماعة التي اختفت بشكل ملحوظ خلال الشهور الماضية بعدما فقدت الجماعة قدرتها على الحشد ، وذلك وفق ما نقلت صحيفة الشرق الأوسط اليوم السبت (18 يوليو / تموز 2015).
وقال مصدر أمني مصري إن «عناصر الشرطة نجحت في فض مظاهرات لأنصار الإخوان في ضاحية الهرم والمطرية أمس، عقب اشتباكات مع الأهالي وقوات الأمن، صبيحة تداول رسالة منسوبة للرئيس الأسبق محمد مرسي، وجهها من سجنه لأنصاره للتهنئة بالعيد»، واعتبرها مراقبون تحرض على التظاهر ضد السلطات الحاكمة في البلاد.
ويأتي هذا في وقت يواصل فيه الجيش حملته التمشيطية في شمال سيناء لملاحقة العناصر المتطرفة، الذين يتخذون من شبه الجزيرة مرتكزا لعملياتهم ضد الجيش والشرطة.
وتظاهر أنصار جماعة الإخوان في أول أيام عيد الفطر في عدة مدن، وانطلقت عدة مسيرات في أعقاب صلاة عيد الفطر، وقالت مصادر تابعة لجماعة الإخوان إن ستة محتجين قتلوا في الهرم خلال مواجهات مع قوات الأمن التي تصدت للمسيرات الإخوانية، وهو الأمر الذي نفته مصادر أمنية رسمية، لكن شهود عيان أكدوا «مقتل أربعة من الإخوان».
وتعد مظاهرات أمس الأقوى منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، وذلك عندما قتل أكثر من 20 شخصا بينهم مسيحيان، وشرطيان خلال مظاهرات واكبت الذكرى الرابعة للثورة التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك. ووصفت وقتها بأنها أعنف موجة عنف شهدتها البلاد منذ انتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسي منتصف العام الماضي.
ومنذ عزل مرسي في يوليو (تموز) عام 2013 دخل أنصار الإخوان في مواجهات عنيفة مع القوى الأمنية، سقط خلالها مئات القتلى، لكن تراجعت تلك الصدامات خلال الشهور الماضية إلى حد كبير مع تنامي عزلة الجماعة شعبيا.
ورفعت المسيرات الإخوانية، التي انطلقت من الساحات والميادين عقب صلاة العيد أمس، هتافات داعمة للمعزول ونددوا بموقف السلطات المصرية، كما رددوا هتافات ضد الشرطة والجيش، وأطلقوا الألعاب النارية.
من جانبها، قالت وزارة الداخلية المصرية في بيان لها أمس، إن «300 من المنتمين لتنظيم الإخوان تجمعوا في منطقتي الطالبية وناهيا بالهرم، وقاموا بإطلاق الأعيرة الخرطوش والألعاب النارية تجاه المواطنين، الذين قاموا بالاشتباك معهم»، مضيفة أن «الاشتباكات أسفرت عن مقتل ستة أشخاص، بينهم قيادي في جماعة الإخوان متهم في قضية إحراق مركز شباب ناهيا، فضلا عن توقيف 25 من عناصر تنظيم الإخوان، عثر بحوزتهم على أسلحة خرطوش وقنابل وصور لمرسي وشعارات لميدان رابعة العدوية (سابقا)».
وقال وزارة الداخلية في بيانها إن «القوات تمكنت من السيطرة على الموقف، وتكثف الأجهزة الأمنية جهودها لضبط المحرضين على التظاهر».
كما وقع انفجاران هائلان أمام سينما «رادوبيس» بمنطقة الهرم بالجيزة تسببا في إصابة شخصين، وقال المصدر الأمني المصري نفسه إن «الأجهزة الأمنية تلاحق عناصر إخوانية متورطة في الانفجارين. مضيفا أن «قوات الأمن كثفت من وجودها في مناطق عين شمس والمطرية والمرج (شرق القاهرة) وحلوان والمعادي (جنوب)، وأنصار الإخوان اعتدوا على عدد من الأهالي خلال مسيرتهم، بسبب رفضهم ترديد عناصر الجماعة لهتافات مناهضة للجيش والشرطة».
وأوضح المصدر الأمني أن «عناصر الإخوان خططوا للخروج في مسيرات محدودة عقب صلاة العيد في عدد من المناطق التي يحتفظون فيها بشعبية كبيرة»، لافتا إلى أن «أجهزة الأمن دفعت بأفراد مسلحين ودوريات أمنية متحركة بمحيط ساحات العيد، لمنع وقوع أي أعمال فوضوية». وأن «الإخوان دعت عناصرها بالزحف مبكرا إلى الساحات واصطحاب الشباب والسيدات والأطفال إلى هناك، للاحتكاك بقوات الأمن».
وفي كلمة منسوبة لمرسي نشرتها صفحته الرسمية وعدد من مواقع الإخوان، هنأ فيها أنصاره من سجنه بالعيد، ودعاهم إلى استكمال الثورة لنهايتها، وقال إن «كل يوم يمر عليه في الزنزانة يزيد إيمانه بعدالة قضية الثورة». لكن المصدر الأمني قلل من مزاعم هذه الكلمة.. واعتبرها «فبركة»، وأنها لم تخرج من السجن المحبوس فيه مرسي.
ويقول مراقبون إن الرئيس المعزول، الذي يواجه أحكاما بالإعدام والحبس في عدة قضايا، أهمها قتل المتظاهرين والتخابر لصالح دول ومنظمات أجنبية، «يحاول استعادة ذكرياته بأنه الرئيس، لكن هذه المرة من داخل الزنزانة».
ويرى مراقبون أن جماعة الإخوان تسعى لتثبيت فكرة بقائها في الحياة السياسية عبر تحركها المستمر في الشارع، والحفاظ على ما تبقى من بنيتها التنظيمية. وفي هذا الإطار يأتي بث رسائل منسوبة لمرسي وقادة الجماعة بهدف تحفيز أنصارها على مواصلة التظاهر ضد السلطات الحاكمة، فضلا عن القيام بتفجيرات محدودة في أماكن هامة.
في غضون ذلك، قالت مصادر عسكرية أمس إن قوات الجيش الثاني واصلت حملتها العسكرية على قرى جنوب رفح والشيخ زويد والعريش في أول أيام عيد الفطر، مضيفة أن حملة الجيش والشرطة على قرى جنوب رفح والشيخ زويد والعريش مستمرة من أجل القضاء على الجماعات المسلحة، التي تهاجم الجيش والشرطة في سيناء.